الرئيسيةالراي

رأي- بين وحشية ضارية خشنة. ووحشية ناعمة قاتلة!

* كتب/ هشام الشلوي،

أنا من أشد المعجبين بالنقد الشيوعي الماركسي لليبرالية الغربية، كفلسفة سياسية، ومدونة حقوق وممارسة فعلية، داخل الوطن الأم لليبرالية وخارجه في المستعمرات.

ولا يعني ذلك أننا أمام نقدين متمايزين، يقف في كل جبهة رجال ونساء يصمون الجبهة الأخرى بأقذع الصفات، فنقد الليبرالية حمله رجال غربيون ونساء من أبناء وبنات المعسكر الغربي، فلم يقتصر نقاد الليبرالية على شعوب الاتحاد السوفييتي أو الصينيين مثلا، فالجميع يعلم أن الماركسية كعقيدة وفلسفة سياسية تبناها غربيون كُثر، أسسوا أحزابا وجماعات وجمعيات، بل حكمت أحزاب سياسية ماركسية دولا غربية بدعم حاسم من الاتحاد السوفييتي، إبان الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية، وكان الحزب الشيوعي الإيطالي من أبرز الأحزاب السياسية من خارج الكتلة الشرقية.

من أبرز النقود لليبرالية الغربية التي اطلعت عليها كتاب (ديمقراطية للقلة) للأمريكي من أصل إيطالي مايكل بارينتي، الذي ترجمته أستاذة اللغة الإنجليزية السعودية “حصة المنيف”، ونشره المركز القومي للترجمة، و(كتاب الليبرالية… تاريخ مضاد) لمؤلفه الإيطالي الماركسي دومينيكو لوسوردو، من ترجمة ناصر إسماعيل، ونشرته الشبكة العربية للأبحاث والنشر.

لكنني لا أغفل وأنا أقرأ النقد الماركسي لليبرالية الغربية في وطنها الأم، بريطانيا والولايات المتحدة، أنه نقد من وحشية ضارية صلبة معلنة، لوحشية ناعمة قاتلة ببطء وحزم، وسبق إصرار وترصد.

عرف العالم رواية جورج أورويل، العالم 1984، سنة 1949 أي بعد أربع سنوات من انتهاء أكبر إبادة جماعية عرفها البشر، وهي رواية مثيرة للدهشة والإعجاب في نقد الأنظمة الشمولية البوليتارية، وتعد رواية أورويل أكبر مانيفيستو أدبي أدان أبشع صور الحكم الشمولي.

في نهاية الأمر انتصرت الليبرالية الغربية، لكنه لم يكن انتصار الخير على الشر أو الملائكة على الشياطين، بل هما شران تواجها على أرضيهما، وفي ساحاتنا الخلفية وأمام بيوتنا وداخل عقولنا ووعينا.

لم أشر في هذه العجالة إلى نقد “إدوارد سعيد” النظري في كتابه الشهير (الاستشراق) كونه نقد من خارج المجال التداولي والسياق المعرفي الغربي، رغم انغماسه المبكر في الغرب الثقافي، إضافة إلى أن نقد إدوارد سعيد اعتمد بشكل مباشر -إن لم نقل مفرط- على الأدب وسياقاته الاجتماعية والثقافية، واتكأ على ما بعد الحداثة لتبيان زيف الادعاءات الثقافية والعنجهية في الممارسة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى