اخبارالرئيسيةعيون

الليبيون يترقبون إعادة إعمار ما دمّرته العاصفة “دانيال”

العربي الجديد-

عد شهر كامل على كارثة العاصفة “دانيال” التي ضربت مناطق شرق ليبيا، وخلّفت آلاف القتلى والمفقودين ودمرت المنازل وجرفت مناطق كاملة، تستمر معاناة السكان، خاصة في درنة التي اعتبرت مركز الكارثة، نتيجة للعدد الكبير من القتلى والمفقودين.

العاصفة التي اصطحبت معها أمطار غزيرة قالت عنها السلطات إن البلاد لم تشهدها على مدى 40 عاما، تسببت في سيلان الأودية التي انهالت جميعها على المدن والقرى الواقعة بمحاذاة الجبل الأخضر الليبي العملاق وتحته.

وكانت مدينة درنة أكبر المتضررين بعد انهيار السدود التي كانت تحبس المياه في “وادي درنة ” الضخم، حيث جرفت المياه المندفعة منه كل ما في طريقها من مبان وبشر وحجر.

لا حصر للضحايا

وفي حين لا توجد حتى الآن حصيلة نهائية للضحايا، إلا أن عدد القتلى وصل حتى 2 أكتوبر 2023 إلى 4333، وفق منظمة الصحة العالمية التي أوضحت أيضا أن المفقودين المسجلين بلغوا 8500 شخص.

أما عدد من لقي حتفه من المهاجرين العاملين في ليبيا جراء العاصفة، فبلغ 429 شخصا، فيما فقد 500، وفق منظمة الهجرة الدولية التي أوضحت أن “العديد من العمال المهاجرين كانوا يقيمون في بعض المناطق الأكثر تضرراً من العاصفة في درنة، ومن المرجح أن يستمر العدد المذكور في الزيادة”.

المنظمة أكدت أيضا وفقا للتحديث رقم 7 لخانة تتبّع النزوح، أن “نحو 42.045 شخصا نزحوا بسبب (دانيال)، مع تقارير تفيد بأن بعض الأسر عادت إلى ديارها” وذلك حتى 30 سبتمبر 2023.

وفي حين أن ذلك العدد غير نهائي، “تستمر عملية رسم خرائط المواقع غير الرسمية والمراكز الجماعية التي تستضيف النازحين داخليا، والتي تديرها السلطات المحلية، وكذلك عملية تسجيل النازحين”، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الجهود الإنسانية.

المكتب الذي أصدر تقريرا حول ذلك في 5 أكتوبر 2023، قال إنه “تم تحديد 26 موقعا تستضيف أكثر من 2600 شخص في المناطق المتضررة، بما في ذلك عدة مدارس في بنغازي ودرنة والبيضاء”.

وعبّر النازحون في مراكز الإيواء عن “مخاوفهم الرئيسية المتمثلة في الافتقار إلى الخصوصية والمساحة، وعدم كفاية التدفئة والإضاءة ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة”، وفق بيان المكتب.

من جانبه، قال الناطق باسم مركز طب الطوارئ والدعم التابع لحكومة الوحدة الوطنية مالك مرسيط إن “عمليات البحث وانتشال الجثث لا تزال مستمرة، ويتم يوميا انتشال ما بين 3 إلى 4 جثث، وتتم أغلب العمليات في البحر وتحت الركام والأودية، وأغلب الفرق الدولية غادرت، ومن يعمل الآن هم فرق محلية”.

وأضاف مالك متحدثا لـ”الأناضول”: “بعد تلقي البلاغات، يتم رصد أماكن الجثث من قبل الفرق المختصة التابعة للمركز أو فرق الهلال الأحمر، وبعدها تتم عملية انتشال الجثث ووضعها في الأكياس الخاصة بحفظ الجاثمين، ثم يتم نقلها إلى مستشفى درنة لكي يتم تسليمها لباقي اللجان التي تتولى أخذ العينات والدفن”.

وأشار مالك إلى “أن مركز طب الطوارئ لا يختصر دوره فقط في عمليات البحث والانتشال، وإنما يتولى جزء من الفريق تشغيل المستشفيات وتزويدها بالمستلزمات الطبية، لأن أغلب العناصر الطبية أصبحوا في عداد الضحايا أو المفقودين”.

وأكد أنه “تم استقدام فريق طبي إسباني في عدة تخصصات طبية عن طريق المركز، وأجرى عدة عمليات وكشوفات طبية لعدد من المتضررين”.

وإلى جانب الخسائر البشرية، تحدثت منظمة الصحة العالمية عن “حوالي 63 بالمائة من المرافق الصحية التي تعمل جزئيا أولا تعمل، وقد فقد ما لا يقل عن 101 شخص من العاملين في مجال الصحة حياتهم في العاصفة”.

وتجري منظمة الصحة العالمية تقييما دقيقا بشأن وظائف المرافق الصحية وإمكانية الوصول إليها وظروف البنية التحتية فيها، حيث أكدت أنه “تم تقييم 201 من بين 235 مرفقا صحيا في مناطق الجبل الأخضر والمرج وطبرق والمناطق الأكثر تضررا في مدينة درنة وتوكرة”.

التعليم

أما عن التعليم ما بعد العاصفة، فقد تأخر بدء العام الدراسي، حيث بدأت الدراسة رسميا في أنحاء ليبيا في 1 أكتوبر2023، باستثناء المناطق المتضررة في درنة وبعض المدارس في مدن بنغازي والبيضاء.

وذلك لكون العديد من المدارس يشغلها النازحون، أو تمت إعادة تخصيصها للاستجابة لحالات الطوارئ. ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، “لا تزال 98 مدرسة في 14 بلدية مغلقة بسبب الأضرار التي لحقت بها جراء العاصفة”.

وأكدت وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية، مطلع أكتوبر 2023، استئناف الدراسة في 15 بلدية تضررت بالعاصفة.

وقالت الوزارة إنه “تم استئناف الدّراسة في جميع المؤسسات التعليمية في بلديات الأبيار، وجردس العبيد، والمرج، ووردامة، والقبة، وعمر المختار، ومعظم المؤسسات التعليمية في بلديات أم الرزم، والأبرق، وسوسة، وشحات، والساحل، والمليطانية، والبيضاء، والقيقب، شرقي البلاد”.

وأشارت إلى أن طلاب مدينة درنة توجهوا إلى المؤسسات التعليمية غير المتضررة في بلدات كرسة، ومرتوبة، وعين مارة (شرق)، وجميعها تتبع إداريا للمدينة نفسها.

وأوضحت أن حصر التلاميذ وتوزيعهم على المناطق غير المتضررة متواصل، على الرغم من أن خطر عدم التحاق الطلبة بالمقاعد الدراسية لا يزال قائما فعلا.

البنية التحتية مدمرة

لم يسلم من العاصفة لا الحجر ولا البشر، لذلك لن تكون البنية التحتية بمنأى عن تلك المعاناة، حيث سجلت العديد من الأضرار الكبيرة في الإسكان والبنية التحتية للمباني في جميع أنحاء المناطق المتضررة في شرق ليبيا، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وسجّل البرنامج حتى 30 سبتمبر 2023، “876 مبنى مدمرا، و3.100 مبنى متضرر في درنة، و37 مبنى مدمرا و3.565 مبنى متضررا في سوسة، و125 مبنى مدمرا و100 مبنى متضرر في البيضاء، و112 مبنى متضررا في التميمي”.

وأشار إلى أنه “من المحتمل أن يكون هناك 20 ألف مبنى آخر متضرر في مدن بنغازي والبيضاء وشحات”.

وتأثرت محطة توليد الكهرباء في البيضاء وموقع تعدين ومصنع صناعي في سوسة وميناء درنة، بالإضافة إلى خزانات المياه والصوامع والمستودعات في مواقع متعدّدة، وفق المصدر ذاته.

وفي درنة هناك أكثر من 8.7 ملايين طن من الحطام الناتج عن المباني المدمرة والمتضررة بحاجة إلى الإزالة، ولا تزال عمليات تقييم الطرق وخطوط الكهرباء المتضررة مستمرة. بالإضافة إلى ذلك، تأثّرت العديد من المواقع الرياضية والترفيهية في درنة وبنغازي والبيضاء وسوسة.

فيما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية تضرر نحو 70 بالمائة من البنية التحتية في المناطق المنكوبة شرقي البلاد، وانهيار 11 جسرا جراء السيول، منها 2 يربطان درنة بمدينتي سوسة والقبة و6 أخرى داخل درنة و3 جسور في الطريق الممتد بين مدينتي شحات وسوسة، وفق بيان لرئيس غرفة الطوارئ بمصلحة الطرق والجسور في وزارة المواصلات بحكومة الوحدة الوطنية حسين سويدان.

إعادة إعمار

وعلى صعيد إعادة إعمار المدن الليبية المنكوبة، فلم يتم اتخاذ أي إجراء تنفيذي حتى الآن، باستثناء الترميم المؤقت لبعض الجسور الرابطة بين المدن وبعض الطرق الرئيسية وبعض المدارس والمشافي.

أما إعادة الأعمار بمفهومه الشامل، فهذا الملف يخضع حاليا لصراع حاد بين مؤسسات البلاد المنقسمة، والتي تعلن من وقت لآخر إما عن اجتماعات لإعادة الأعمار، أو اجتماعات أخرى مع شركات دولية أو مؤتمرات للشأن ذاته

وفي أكتوبر 2023، طالب المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي بوضع آلية ليبية شاملة لوضع تصور شفاف وواضح لملف إعادة إعمار ما دمرته العاصفة، فيما دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى تحييد ملف إعادة إعمار مدينة درنة والمناطق المنكوبة شرقي البلاد عن الصراع السياسي.

ويشهد ملف إعادة إعمار درنة والمدن الليبية المتضررة انقساما حادا حول الجهة التي ستقوم بالتصرف في الإعانات الدولية المالية المقدمة للبلاد للتخفيف من آثار الكارثة.

وناقش مجلس النواب مقترحا يقضي بإنشاء صندوق إعادة إعمار درنة عبر فتح حساب خاص تصب فيه جميع الإعانات المالية المقدمة من الدول والمنظمات الأممية.

ويلاقي الإجراء معارضة من عدة أطراف، حيث قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي عبر حسابه على منصة “إكس” في 24 سبتمبر 2023 إن “الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين”.

وتوجد في ليبيا حكومتان، الأولى مكلفة من قبل مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، والثانية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى