اخبارالرئيسيةليبيا

التعليم في ليبيا… شكوى من المناهج رغم توفير الكتب

وال

تستبق وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا بداية العام الدراسي المقبل بالعمل على ضمان توفر الكتاب المدرسي في جميع مراحل التعليم الأساسي، في وقت يشير معلمون وأولياء أمور إلى الحاجة إلى تطوير المناهج المدرسية.
وبحسب منشورات لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية في وزارة التعليم، فإن المخازن الرئيسية لوزارة التعليم استقبلت كامل العدد المطلوب من الكتاب المدرسي، وهو ثلاثة ملايين كتاب، وأن تدفقها إلى مخازن مراقبات التعليم قد بدأ فعلياً. وأفادت مراقبات تعليم بنغازي وطبرق وسوق الجمعة في طرابلس بأن العام الدراسي الجديد سيبدأ يوم الثالث من سبتمبر المقبل.
وواجه طلاب ليبيا أزمة كبيرة تتعلّق بالكتاب المدرسي استمرت طوال العامين الماضيين. ففي وقت أمضى الطلاب العام الدراسي قبل الماضي من دون كتاب مدرسي وسط اتهامات وجهت لكوادر الوزارة، بمن فيهم وزير التعليم الذي خضع للإيقاف على ذمة التحقيق لمدة أشهر في قضايا فساد مالي بشأن عقود طباعة وتوريد الكتاب المدرسي، حاولت الوزارة توفير أكبر عدد من الكتاب المدرسي خلال العام الماضي، لكن عدداً من مدارس البلاد اشتكت عدم توفره

ولجأ طلاب المدارس إلى تصوير الكتاب المدرسي، وتشارك طلاب آخرون كتب المدرسة في كثير من الأحيان، وسط محاولات الحكومة طمأنة أولياء الأمور والمدارس.
تعبّر أم يعرب، من حي أبو سليم في طرابلس، عن ارتياحها لتوفر الكتاب المدرسي قبل بدء العام الدراسي، وتشير في الوقت نفسه إلى أن المطالب الحقيقية لشريحة واسعة من المعلمين وأولياء الأمور هي أكثر من توفير الكتاب المدرسي، وتتعلق بضرورة تحديث المناهج. وتقول لـ”العربي الجديد”: “أصبح الكتاب عبئاً مالياً إضافياً على الأسر، عدا عن لوازم المدرسة الضرورية ومصاريف النقل. وفي الوقت الحالي، أُزيح عني هم التفكير في تصوير الكتاب المدرسي لتعويض ما ينقص منه”.
في المقابل، يلفت المفتش التربوي المتقاعد الطاهر الشريف إلى أن الوزارة سبق أن أكدت توفر الكتاب المدرسي خلال العام الماضي، لكن الكثير من المدارس لم تحصل على حصصها، واضطرت لإكمال السنة وسط نقص حاد في كتب بعض المواد.
ويقول الشريف لـ”العربي الجديد”: “لنتصور مثلاً أن الطالب في مرحلة الشهادة الإعدادية التي من المفترض أن يتأهل فيها للمرحلة الثانوية لا يزال يدرس الفرق بين المرايا المقعرة والمحدبة، وحصص مطولة عن اسم وحدة قياس الضوء ووحدة قياس الكهرباء، وهي معلومات بسيطة متداولة بين طلاب السنوات الأولى. كيف يمكن للطالب والمعلم التفاعل مع مادة الحاسوب التي لا تزال أجزاؤه تُحفّظ للطالب، في حين يُتابع مستجدات الذكاء الاصطناعي، حتى مسمى الحاسوب يكاد يكون قد اختفى من حياته وحل محله الهاتف الجوال بكل ما فيه من تطبيقات ولغات وتقنيات تقدم المعلومة في لمح البصر، وكيف سيجد نفسه وهو يرى الهوة الكبيرة التي تفصله عن الطلاب في دول أخرى؟ المناهج المدرسية تقتل شخصية الطالب، وتجعل المعلم يعيش في عقود مضت”.

وتعترف أم يعرب بأنها لا تستطيع معرفة سبب تعثر ابنها الذي يدرس في الصف السابع، في استيعاب المقررات الدراسية. وتقول: “يبدو لي أن المقررات الدراسية أصعب من الفترات الماضية، فما أعانيه مع ولدي الآن لم أكن أعانيه مع شقيقته التي تدرس في الجامعة الآن. كان المدرس الخاص يكفي لتوضيح ما يطلبه المقرر الدراسي بالنسبة لشقيقته. أما الآن فالأمر صعب للغاية مع ابني”.
ويعتقد الشريف أن السبب لا يتعلق بصعوبة المقررات الدراسية بل بتراجعها. ويقول: “قد يسأل سائل لماذا لم يحدث هذا التعثر في العقود الماضية؟ السبب أن هذه المناهج لم تعد مقنعة أو موائمة لأفكار وسلوكيات الأجيال الجديدة، فأكثر الأطفال مثلاً يتحدث الإنكليزية بسبب استخدامها على نطاق واسع ضمن الكثير من برامج الإنترنت، بينما يجرى تدريسه قواعد بدائية عن الإنكليزية، وبالتالي تحدث الهوة بين الطالب وبين المنهج المتأخر، وقس على ذلك سائر المواد الأخرى ومضامينها التي لم تعد تخبر الطالب بأكثر من معلومات عامة”.
ويرى أنه “يمكن اختصار الكثير من الوقت لتمرير مثل هذه المعلومات عبر المختبرات مثلاً، سواء في الكيمياء أو اللغات أو التقنيات الأخرى”، ويلفت إلى صعوبة تتعلق “بعدم تطوير المؤسسات التعليمية نفسها، لا سيما تطوير المعلم وتوفير التربويين الذين يمكنهم اختراق ظروف الطلاب في المراحل الأساسية للتعرف على أنماط التفكير الجديدة لديهم بسبب الانفتاحات التي تغزو العالم”.
ويتابع: “لنتصور مثلاً أن حصة الرياضة لا يوجد لها كتاب منذ أن ألغي تدريسها، وأصبحت تجرى بشكل عملي بناء على فلسفات نظرية للنظام السابق، وحتى إجرائها عملياً يكون بشكل عشوائي وغير منظم يشبه لعب كرة القدم في الطرقات والشوارع، وأكثر المدارس عناية بالرياضة تجري تمارين عابرة في الطابور الصباحي، أما الرياضات الأخرى، فلا يعرف عنها شيء في المدارس، وكذلك الموسيقى التي لا تهتم بها غالبية المدارس، وإن وجد اهتمام فهو بدائي جداً”.

ويعزو الشريف عدم قدرة المدارس على المبادرة إلى العناية بتدريس مواد تستوعب الجديد إلى “الإرهاق الذي تعانيه بسبب تكدس المناهج في المواد الدراسية الأخرى، ويشكل الأمر ضغطاً على المدارس التي تجاري الوقت لإتمام تلك المواد، كونها مواد أساسية، قبل نهاية العام”.
وتقع تلك المطالب ضمن مهام وزارات التعليم في العديد من الحكومات المتعاقبة على البلاد، ففي العديد من الأنباء المصاحبة لجهودها تتحدث عن لقاءات واجتماعات وورش عمل حول أهمية تطوير المناهج المدرسية من حيث الكم والمحتوى، وتطوير أساليب التقويم والاستذكار والواجبات المنزلية، آخرها اجتماع بين ممثلين لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية بوزارة التعليم وممثلين لجامعة طرابلس في منتصف يونيو الماضي، قيل إنه “لمناقشة سبل تطوير آليات التعاون بين الجهتين، وخصوصاً في مجال تطوير المناهج الدراسية، وإجراء البحوث حولها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى