اخبارالرئيسيةعلمي

الاستشاري الليبي (أبوقرين) يرجع الأزمات الصحية العالمية إلى التغيرات البيئية والمناخية. ويقدم توصياته

وال-

أرجع الاستشاري الليبي الدكتور “على المبروك أبوقرين” الأزمات الصحية المتتالية والتحورات المتعددة للفيروسات ومنها فيروس كورونا إلى التغيرات البيئية والمناخية والصحية والصراعات التي يشهدها العالم حاليا.

وقال “أبوقرين” الذي يشغل أيضا -عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية- عضو اللجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب- إن ما فاقم من هذه الأزمات الصحية العالمية هو غياب التنسيق بين الدول وعدم قدرة معظم الأنظمة الصحية على الاستجابة السريعة لتلك الأزمات، وعدم مرونتها في التجاوب للخطط والسيناريوهات العملية والعلمية في التعامل مع مثل هذه الأزمات، وكذلك غياب المعلومات الحقيقية وغياب الشفافية وعدم قدرة منظمة الصحة العالمية في حينها في تفسير الأحداث ومعرفة أسبابها وأصلها ومصادرها ونشأتها وطبيعتها وطرق انتقالها وطرق الوقاية منها، وهو ما جعل المنظمة تتعامل معها بردّة الفعل لأنها لا تملك المختبرات ولا مصانع الأدوية ولا مراكز الأبحاث، ولا سلطة الحصول على المعلومات والبيانات إلا وفق رغبات مصادرها، ليتضح أن المنظمة لا تملك الإمكانيات الهائلة التي تؤهلها لدعم الأنظمة الصحية الهشة والضعيفة والدول النامية والفقيرة والتي معظمها تتعثر في سداد اشتراكاتها والتي تشكل غالبية سكان الأرض.

ولفت “أبوقرين” إلى معاناة الشعوب والدول من التمييز وعدم العدالة في توزيع أدوات الحماية واللقاحات وغياب المعلومات الحقيقية مع عدم دعم الأنظمة الصحية التي تعاني من النقص الحاد في السعة السريرية وأجهزة التنفس والأوكسجين والأدوية والكوادر المدربة، وهو ما زاد من خسائرها الكبيرة في الأرواح، وانهيار اقتصادات دول كثيرة وخصوصا الدول ذات الدخل المحدود والتي تعاني من البطالة والتي تأثرت بشكل مباشر بالإقفال وبالإجراءات الاحترازية التي اتخذت في أغلبها على عجل بدون دراسات معمقة حقيقية أو مبنية على براهين موثوقة، مشيرا إلى أنه اتضح أن الدول القادرة ماليا وعلميا وبشريًا استطاعت أن تتعامل مع الجوائح وآثارها بمهنية عالية وأدارت الأزمات الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية باقتدار، فمنها من استطاع إقامة مستشفيات ميدانية في أيام معدودة تستوعب عشرات الآلاف من المرضى، ومنها من استطاع في أشهر قليلة صناعة اللقاحات بأنواعها وبالكميات المطلوبة، ومنها من استطاع في وقت قصير أن يقوم بتمنيع غالبية شعوبها وقلة من الدول احتكرت المعرفة والمعلومات وباقي سكان الأرض جابهوا الأزمات بالعين البصيرة واليد القصيرة، وعناية الخالق وحدها من أنقذت المليارات من البشرية .

وتطرق الدكتور “أبوقرين” -في دراسة بحثية طبية تحصلت وكالة الأنباء الليبية على نسخة منها- إلى التخبط الذي واكب موجات الانتشار الفيروس الخطيرة سواء من ناحية التجارب والبروتوكولات التي استخدمت أنواع كثيرة من الأدوية قيل في حينها أنها الناجعة، وبعد أسابيع قليلة أعلن عن عدم نجاعتها أو مدى خطورتها، على الرغم من تسويق بعض ورؤساء الدول لبعضها لطمأنة شعوبها أو دعاية لما تملكه من إمكانيات علمية وطبية وصناعية، وباءت معظمها بالفشل وعدم فاعليتها بما في ذلك بعض اللقاحات التي هي الآن طوق النجاة الوحيد لحماية الشعوب، مبينا في هذا الصدد إلى أن العديد من هذه اللقاحات لازالت تخضع للدارسات لما لها من آثار جانبية منها معلوم الآن ويجري التعامل معها ومنها لا نستطيع التنبؤ به إلا بعد مرور زمن كافي .

ولتفادي هذه التجارب القاسية –حسب أبوقرين– دعا الدول العربية إلى الإسراع بتسخير كل الإمكانيات المتاحة والتي يزخر العالم العربي بقوة بشرية شابة وقوية، ويتمتع بإمكانيات علمية متقدمة وقوةً اقتصادية كبيرة، وإلى إسراع الجامعة العربية والأكاديميات العربية ووزارات الصحة والبيئة والزراعة وغيرها من الهيئات والمؤسسات والمراكز الطبية والصحية وذوي الاختصاص بتوحيد الجهود وتسخير كل الإمكانيات لوضع السياسات والخطط والبرامج والاستراتيجيات، وإجراءات العمل ووضع البروتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيليةـ وتوحيد التشريعات والقوانين التي تحقق الحماية في كل الظروف الطارئة والاستثنائية، وكذلك إلى التكاثف لوضع آليات وبرامج الإنذار المبكر وبرامج وآليات التقصي والترصد وتوحيد منصات المعلومات والبيانات العلمية الصحيحة والموثوقة، وتوحيد جهود البحوث والدراسات العلمية ووضع برامج موحدة للإصلاح الشامل للأنظمة الصحية بما يجعلها قادرة على الاستجابة، وتحقق جميع محددات النظم الصحية المثالية ومنها المساواة والعدالة والمرونة والأمان وسرعة وسهولة الحصول على الرعاية الصحية الشاملة التي تواكب التطور الحضاري الإنساني .

كما دعا كافة المؤسسات العربية ذات العلاقة إلى دعم المنظومة التعليمية الصحية لتتمكن من مجابهة التحديات الجمة، ومنها تلبية الاحتياجات المطلوبة من الأطباء وكل التخصصات الطبية والتمريضية والفنية والإدارية، خاصة وأن جميع الدول العربية تعاني من النقص الحاد في الكوادر الصحية والطبية والتمريضية بسبب تزايد أعداد هجرة الكوادر لأسباب عدة منها عدم توفر الإمكانيات وبيئة العمل المناسبة والدخول والمرتبات وبعضها نتيجة الصراعات الدائرة في مناطق التوتر، مؤكدا أنه اذا توحدت الجهود وسُخرت الإمكانيات العربية فسوف يصنع العرب الفارق الحقيقي في خدمة الإنسانية جمعاء، ويحققوا مفاهيم إنسانية مختلفة عن الطب والصحة التي تخدم البشرية برسالاتها السمحة، وتحقق منظومات صحية قادرة على التكيف مع التحديات والمتغيرات والأزمات وقادرة على التعامل مع أي أزمة أو أي حالة طوارئ صحية ناشئة، والحد من آثارها والتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة وسلاسة والمحافظة علي مستويات عالية من الرعاية الصحية لأمتها، وتجعل الدول قادرة على التنبؤ بالصدمات والحوادث المحتملة وقادرة على تهيئة المؤسسات والموارد البشرية لحالات الطوارئ، وتجعلها قادرة على تأمين ما يكفي من الإمدادات والمعدات الطبية في أوقات الأزمات والكوارث والطوارئ .

وأختتم الاستشاري الليبي -عضو اللجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب– دراسته البحثية الطبية بتقديم العديد من التوصيات العلمية للجامعة العربية ولوزراء الصحة العرب لمجابهة هذه لتهديدات الصحية المتلاحقة ومنها (سرعة وضع السياسات الصحية الموحدة في مجابهة الطوارئ والكوارث والتهديدات الصحية وإنشاء إدارة الطوارئ الصحية بالأمانة الفنية بإدارة الصحة والشؤون الإنسانية بالجامعة العربية -توحيد التشريعات الصحية العربية في التعامل مع الطوارئ والكوارث الصحية عامة والتنسيق بين دول الجوار وتسخير الإمكانات، وضبط التنقل والسفر وتحدد الواجبات والاحتياطات اللازمة ودور الأطراف في قواعد العبور والحجر وتقديم الخدمات الصحية المشتركة وتوحيد البروتوكولات الطبية بينهما، والتجهيز بالاحتياجات الطبية اللازمة في المعابر الحدودية -وضع مؤشرات قياسية جديدة تتخطى المعمول بها دوليا لضمان توفير خدمات رعاية صحية عالية تحت كل الظروف – توحيد منصات البيانات والمعلومات الطبية وخصوصا في الأوبئة والأمراض المعدية – تسخير كل الإمكانيات لتطوير منظومات التعليم والتدريب الطبي وخصوصًا في مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية وفق المعايير الدولية الحديثة – توجيه العدد الأكبر من الدارسين إلى دراسة العلوم الطبية والتمريضية والصحية للحاجة الماسة لهم ولتغطية النقص الحاد وتعويض الفاقد السنوي للأسباب المعروفة -توحيد الجهود البحثية بين مراكز وهيئات ومؤسسات البحوث الطبية والصحية، وتبادل الخبرات والمعلومات والبيانات بينهم وتوفير الدعم اللازم لهم) .

ومن بين التوصيات (إقامة الندوات والمؤتمرات وورش العمل الطبية ونقل التجارب والخبرات العربية الناجحة لتعميمها بين الدول العربية -وضع برامج وآليات وخطط التدخل للطوارئ والإمداد والحجر والعزل والاخلاء الطبي للدولة العربية الواحدة أو بين الدول العربية في حالات الأزمات والطوارئ الصحية – دعم برامج التوعية الصحية الشاملة للمجتمعات العربية ودعم المبادرات العربية المختلفة المعنية بالتوعية الصحية أو الكشف المبكر عن الأمراض أو برامج مكافحة التدخين والسمنة والسلوكيات الغذائية السيئة وغيرها – التدريب الطبي المتكرر والمستمر على التعامل مع الأزمات والطوارئ الصحية لكل قطاعات المجتمع وخصوصا الهلال والصليب الأحمر والكشافة والمجتمع المدني والأجهزة الأمنية وفرق الإنقاذ، وتأسيس مؤسسات طوارئ محلية وإقليمية وعربية معززة باستراتيجيات وخطط وبرامج طوارئ موحدة – تشكيل لجنة عربية للشراء الموحد للأدوية والمستلزمات واللقاحات -دعم برامج تطور التكنولوجيا الطبية الحديثة وتوطينها، ودعم الخبرات العربية المهاجرة والاستفادة منها -دعم الإعلام الطبي العربي المتخصص للمساهمة في نشر الوعي وتبادل التجارب الناجحة ونشر المعلومات الطبية الحقيقية الموثقة -توقيع مذكرة التفاهم بين الجامعة العربية والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (الايمرو) للمساهمة في رفع الكفاءة للنظم الصحية والكوادر الطبية – ضرورة العمل بالمعايير العربية لجودة الخدمات الصحية وتأهيل المؤسسات الصحية للحصول على الاعتماد المحلي والعربي أو الدولي – وضع التشريعات والقوانين الصارمة لحماية الكوادر الطبية والمساعِدة، وحماية المؤسسات الصحية والعاملين بالخطوط الأمامية والإسعاف وأقسام الطوارئ ومراكز العزل -على الدول العربية التعاون في تقييم احتمالية التعرض للأخطار الطبيعية وغيرها ووضع الخطط الاستباقية للوقاية منها .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى