اخبارالرئيسيةعيون

استهداف النشطاء والحقوقيين… وقائع متكررة في ليبيا

العربي الجديد-

لا تزال قضية الخطف وحجز الحريات تؤرق النشطاء والحقوقيين وعامة المجتمع المدني والأهلي في ليبيا، بسبب استمرارها وتصاعدها على أيدي أفراد ينتمون إلى جهات أمنية وعسكرية مختلفة، في وقت لا تتوفر الضوابط والتشريعات القانونية لحماية حرية الرأي.
وأعلنت منظمة “ضحايا” لحقوق الإنسان (غير حكومية) أن الكتيبة 128 التابعة لحفتر اعتقلت الناشطة المدنية مريم الورفلي في سبها (جنوب). وأوضحت أن الورفلي استدعيت إلى أحد مقار مليشيا حفتر في مدينة سبها، ثم اعتقلت ونقلت الى مدينة بنازي بعدما رفضت نشر شريط مصور يتضمن اعتذارها عن تدوينات كتبتها على “فيسبوك”، انتقدت فيها حفتر، واتهمتها بالتسبب في تردي الأوضاع المعيشية، وأوردت إحدى التدوينات أن أفراداً في الكتيبة 128 أساؤوا معاملة أهالي سبها لدى إشرافهم على توزيع أنابيب غاز الطهي في مستودع بالمدينة.
تزامن ذلك مع إعلان منظمة “رصد الجرائم” (غير حكومية) أن مسلحين اعتقلوا الناشط سعد العبدلي في مقر عمله بمنطقة برسس شرقي مدينة بنغازي، واقتادوه الى جهة مجهولة، مشيرة إلى أن مسلحين سبق أن اعتقلوا العبدلي في ديسمبر الماضي، ثم أطلقوا سراحه.
وفي منتصف ديسمبر الماضي، أعلنت منظمة “رصد الجرائم” تسليم قوات حفتر جثة الناشط أحمد بوفنارة إلى ذويه، بعد نحو شهرين من اعتقاله على أيدي مسلحين تابعين لحفتر في أكتوبر الماضي.
وفي 25 ديسمبر، اعتقل جهاز الأمن الداخلي في طرابلس الأكاديمي بشير عريبي من داخل حرم جامعة طرابلس، بسبب مطالبته الحكومة بتنفيذ وعودها بمنح أساتذة الجامعات حقوقهم العلمية والوظيفية.
ويعزو الناشط الحقوقي عماد عثمان عمليات الاعتقال والخطف إلى امتلاك الجماعات المسلحة هامشاً كبير في الحركة وتنفيذ الاعتقالات في ظل تضارب الصلاحيات، واعتقاد كل مجموعة مسلحة أنها تملك حق ضبط الأمن وفرضه بالقوة على الأرض. موضحاً أن “اتهام الجماعات المسلحة بارتكاب الانتهاكات من دون تطوير التشريعات واللوائح التنفيذية سيجعل كل مجموعة تمارس سلوك الاعتقال إذا شعرت بأي أمر يهددها حتى إذا كانت تدوينة على موقع فيسبوك. الأفق الضيّق لتفكير الجماعات المسلحة يقودها إلى تنفيذ هذه السلوكيات من أجل تعزيز سيطرتها في ظل اعتقادها بأنها الجهة الأحق في الحكم”.

وتكرر منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، نشر تقارير تكشف حجم جرائم الخطف المرتكبة والوضع السيئ الذي يهدد الحريات، ويعكس ذلك مدى تردي الوضع الحقوقي في ليبيا.
لكن أستاذ القانون الدولي علي الحجاجي يتساءل عن مدى جدية التقارير الدولية ودورها في تنبيه مؤسسات العدل الدولية إلى الانتهاكات. ويقول لـ”العربي الجديد”: “شكلت جرائم مقابر ترهونة أكبر واجهة لانتهاكات الخطف والقتل، لكن محكمة العدل الدولية لم تصدر حتى الآن أي أمر اتهام وجلب لأن الجرائم تتعلق بأشخاص نافذين في المشهد السياسي المرتبط أيضاً بمصالح دول كبرى”.
يتابع الحجاجي: “بعد اغتيال محمود الورفلي في بنغازي، والذي يرجح بأنه قائد الإعدامات في ترهونة، والذي أمرت محكمة العدل الدولية بمثوله أمامها للتحقيق، أقفلت المحكمة الملف، ولم تعد تتحدث عن شيء في شأن الجرائم. يعلم الجميع أن تصفية الورفلي هدفت إلى إخفاء أدلة تتصل بالانتهاكات التي نفذها، وتطاول جهات تتمتع بالنفوذ”.

وتتهم أطراف داخلية وخارجية مليشيا “الكانيات” بارتكاب مجازر المقابر الجماعية، وتضم المليشيا عناصر من ترهونة تحالفوا مع حفتر خلال عدوانه على العاصمة طرابلس بين عامي 2019 و2020، ويوجد غالبية أفراد مليشيا “الكانيات” في مناطق سيطرة حفتر في جنوبي ليبيا وشرقها، علماً أنهم انسحبوا من ترهونة مع قوات حفتر في منتصف عام 2020، كما يتحدث نشطاء عن تورط أشخاص بارزين في قوات حفتر بجرائم مقابر ترهونة، وتحديداً قيادات الكتيبة 128، ولواء طارق بن زياد.
ويقترح الحجاجي إشراك القضاء في عمليات القبض والتحقيق من أجل توفير نوع من الحماية للنشطاء والإنصاف في الأحكام التي تصدر في حقهم. ويقول: “هناك أيضاً جانب توعوي خاص بنشاط الحقوقيين، فالمواقف الشخصية تدفع أحياناً بعض النشطاء للتضخيم أو إثارة قضايا في وقت لا يتناسب مع الظروف السائدة، ما يزيد حجم التعقيد، من هنا لا بدّ أن يخضع النشاط الحقوقي لضوابط، لكن ذلك لا يعفي أيضاً الجماعات المسلحة في البلاد والحكومات من مسؤولية الانفلات الكبير الذي يهدد الوضع الحقوقي وحرية ممارسة النقد والمعارضة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى