الرئيسيةثقافة

عن الفن.. أحاديث الأمكنة

في الحديث عن (الفن) خاصة في ليبيا، تطرح العديد من الأسئلة الجوهرية أهمها: لماذا يصعب على الليبيين التعامل والتعاطي مع الفنون؟!

في اعتقادي (وهنا أنا حل من خطوات البحث المنهجي، وإنما كل ما في الأمر عبارة عن اجتهاد شخصي وتأويل لتلك الظاهرة)، ربما يكمن ذلك بداية في البيئة التي احتكمت إلى فترة زمنية طويلة عاشها المجتمع تحت حكم شمولي، والذي لم يتح للمؤسسات المدنية التحرك في هذا المجال، وظل الأمر مقتصرا على ما تقدمه الدولة فقط، حيث أنه لا يمكننا الحديث عن (الفن) دون التطرق للمنظومة الفكرية والسياسية الحاكمة، والتي من شأنها الاعتراف أولا بالفنون وأهميتها، ومن تم تبدأ مرحلة إقرار ذلك في النظم واللوائح والقوانين، التي تستطيع من خلالها البدء في إعداد منظومة جمالية، تكون ذات قدرة عالية من المهنية والاستقلالية؛ للتغلغل داخل البنيات المجتمعية..

* كتب/ عادل الفورتية،

المعضلة الثانية تكمن في قدرة تماهي الأفراد مع الفنون، أي الاعتراف من قبل الأفراد بأن الفنون قادرة على تنمية مفهوم (التذوق الجمالي) والذي من شأنه أن ينعكس على الحياة بمجملها بدءا باللغة وتنميقها، وإدخال عبارات متجددة فيها من العاطفة، ما يجعلها لغة جمالية وانتهاء بتفعيل التذوق بحيث يستطيع كل فرد مثلا أن يبدأ بتجميل مسكنه الخاص، ويليه بعد ذلك الشارع الذي يقيم فيه، انتقالا إلى الميادين والساحات العامة والطرقات وهكذا ……

اختصارا للزمن اخترنا تلك البداية من أولها والمرتبطة بالنظام السياسي والفكري مع اعترافنا بالطبع بأهمية النشاط الفردي والذي يقوم به كل فنان على حدة، مع العلم بأن ذلك النشاط لكي يتم الاعتراف به يحتاج إلى زمن مضاعف، ويبقي رهينا بالرفض أو القبول داخل المجتمع.

الليبيون كغيرهم من المجتمعات الأخرى يتذوقون الفنون بعمومها، ولكنهم لا يزالون تحت سطوة الأيديولوجيا الرافضة والقامعة أحيانا، وأيضا للأسف هم يتذوقون الفن ولكن على استحياء وبخجل، لا لشيء إلا لخوفهم من بعضهم البعض، حيث لايزال ينظر بعضهم إلى مهنة الفن بسخرية واستهزاء وازدراء في بعض الأوقات، وحتى مع تواجد كليات مختصة بالفن في بعض المدن الليبية فإن الفنون لاتزال مغتربة عن الواقع الليبي، وذلك يرجع إلى عدم مجابهة تلك العقول المثبطة، وأيضا تكاسل وفقر القائمين على إدارة تلك الكليات من إخراج الفن من حيزه المكاني المتواجد ضمنه.

(الفن)…. حرية ومواجهة وتحد، وعلينا جميعا أن نعي هذه الحقيقة، فالطريق لايزال طويلا وشاقا وحالما ربما..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى