الرئيسيةالراي

رأي- نلوم من يجرنا إلى القرون الخالية..

* كتب/ هشام الشلوي،

أثناء تصفحي لكتاب “الشهب اللامعة في السياسة النافعة” لعبد الله بن يوسف بن رضوان المالقي الفاسي، بتحقيق الدكتور سلميان معتوق الرفاعي.

وجدت أنه كغيره من كتب السياسة الشرعية التي لا تمل ولا تكل من تبرير الحكم القهري، بل ووضع كل العراقيل أمام إمكانية نضوج نظام حكم رشيد يتخذ من الناس مرجعية لشرعية الحكم.

فالكتاب غارق حتى صفحته الأخير بالآداب السلطانية التي لا تخفى على عين متابع أنها مستقاة من النظم الساسانية الفارسية، والتي عاشت على عبادة وتأليه الحاكم. كما يقول محمد مختار الشنقيطي في كتابه الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية.

بنية الكتاب كغيره من كتب الفقه السياسي الإسلامي دائما في كل منعطف ومنعرج تنبه على أن الحاكم هو المرشد لهذه الأمة، وإنها لهالكة ضائعة تائهة حائرة بدون توجيهه وإرشاده.

وكأن الفقهاء سامحهم الله قاسوا أحكام الولاية على القاصر واليتيم في الفقه على الولاية العامة في النظام الدستوري. فالشعب قاصر، إن لم يكن سفيه، ولا يستطيع تحمل مسؤولية حتى تربية أبنائه وعليه أن يلجأ لقصور الخلفاء والسلاطين يسترشد بفهمهم للحياة.

لا نستطيع أن نلوم الفقه السياسي الإسلامي من خلوه من أفكار متعلقة بالبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية كطريق لإقناع الشعب أو الأمة بأن هذا الحاكم أنسب وغيره أبعد عن الصواب، فلم تكن هناك بيئة سواء رومية أو فارسية تعرف هذا النوع من الحكم.

لكننا نلوم وبكل حدة واعية أولئك الذين يحاولون جرنا إلى ملاعب القرون الخالية، لنختار حكامنا وفقا لقوته الروحية والجسدية والغضبية والنسبية. إننا بذلك التصرف المعيب والمشين نعفي حكامنا من المسؤولية والمحاسبة اللذين هما أساس الحكم.

على المسلمين التخلي بدون أي أسف على التطبيقات المشوهة التي رافقت النظام السياسي الإسلامي العضوض الذي دشنه معاوية بن أبي سفيان وسار على نهجه كل المتسلطين من بعده إلى سقوط خلافة الأتراك في القرن العشرين.

وعليهم أيضا إن أرادوا النهوض- وتلك مسألة محل شك كبير- أن يفكروا في أنظمة سياسية تسترشد بالقواعد العامة من حرية وعدل ومساواة أمام القانون، وألا ينظروا إلى الأنظمة الغربية في الحكم والسياسية بدونية كونها وضعية، فهي أقرب إلى روح الشريعة من أي نظام عرفوه من لدن بني أمية وحتى يومنا هذا.

لسنا في حالة انبهار بالتاريخ الإسلامي السياسي الضارب في عمق الاستبداد، فتلك أمة قد خلت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، لكن علينا التفطن أن نحول هذا الكسب إلى مقدس ديني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى