الراي

رأي- لماذا؟

* كتب/ يوسف أبوراوي

 

كثيرة هي المواقف والآراء التي إن تساءلت حولها ب(لماذا؟)، تغير رأيك فيها تماما، وربما بيّن لك هذا السؤال كثيرا من الخفايا التي لم تعرفها من قبل، دائما ما يسأل الناس لماذا لا يتم إصلاح الفساد في بلادنا؟ ولما لا يترك المسؤول أو الحاكم كرسيه أو منصبه؟

 

لو اتبعت هذه الـ(لماذا؟) بأخرى أكثر عمقا لأدركت سريعا أن الله أقام هذا الدنيا على قانون السبب والنتيجة، فسؤالك الأول يجاب عنه: ولماذا تريد هذا المسؤول الفاسد أن يصلح وقد استمرأ الفساد وتعود عليه واستفاد منه؟ ولماذا يترك الحاكم أو المسؤول منصبه وقد أشبع هذا المنصب نهمه التسلطي وأعطاه مكانة ومركزا ومالا بين الناس؟

إن الإجابة على هذا السؤال بأن ذلك هو الحق أو الصواب أو أنه يجب عليه أن يتغير لأن الدين والأخلاق يأمران بذلك جواب قد يبدو كافيا، ولكنه في الحقيقة غير ذلك، إن الخطاب الأخلاقي والديني لا يشتغل لوحده في الفراغ، بل لا بد أن يتحول إجراءات وقوانين تطبق ويخشاها الناس، وتتحول إلى عامل اجتماعي وقانوني ضاغط على البشر ليلتزموا به.

 

أما أن نقول بأفواهنا أن الفساد جريمة ثم نبجل الفاسدين في مجتمعاتنا وننظر إليهم نظر الإعجاب، وأن نقول أن الاستبداد شر ثم نرى أغلبية الناس يوافقون المستبدين ويخضعون لهم، فإن ذلك مجرد هراء لفظي يستخدم لهروبنا من مواجهة حقيقة أننا بهذا الشكل شركاء في جرائم الفساد والاستبداد.

 

الأمم الناهضة علمت ذلك وطبقته، فلا يستطيع المسؤول عندهم أن يتعاطى الفساد، ولا الحاكم أن يستبد على من وضعوه في هذا المكان لخدمتهم، أما الأمم الفاشلة فلازالت تسب الفاسدين والمستبدين وتنتجهم كل يوم.

 

لو تأملت هذه الحقيقة لعلمت أن خطيئتنا الأولى والحقيقية هي الكذب، على أنفسنا أولا وعلى غيرنا ثانيا، ولعلمت أن باقي مصائبنا ماهي إلا فروع ونتائج لهذه الكذب!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى