الراي

رأي- قراءتي المتواضعة للمستجدات في الجارة التي ستحدد مستقبلنا، ليبيا

* كتب/ سيف الدين الطرابلسي- صحفي تونسي

 

(أعتذر مسبقا عن غياب نظرية المؤامرة)

الحرب في طرابلس هي حرب جوية تدور رحاها في السماء، موازين القوة فيها لصالح حفتر لما له من دعم جوي إماراتي بالأساس، كل الإنجازات العسكرية التي حققها حفتر منذ بداية عملية الكرامة سنة 2014 كانت بفضل الدعم الجوي الذي تلقاه من الدول الداعمة له والتي يطول ذكرها.

 

من المرجح أن يكون الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق “عسكريا تقنيا” بما يسمح بتعديل الكفة في سماء طرابلس، وهو ما سيغير المعادلة العسكرية بشكل كبير، لأن ما يحمي قوات حفتر هو الطيران، وهو ما يمنع تقدم قوات الوفاق.

لهذا يبدو لي من غير الوارد ومن غير الواقعي الاعتقاد أننا سنرى جنودا أتراكا يقاتلون جنوب طرابلس لأسباب عدة، أبسطها هو أن حكومة الوفاق ليست بحاجة لمقاتلين مشاة، عندها ما يكفي من الكم و النوع، بشكل خاص.. القوات التي قاتلت تنظيم الدولة في سرت.

سيناريو إرسال قوات سورية إلى جانب قوات الوفاق كذلك يبدو لي غير وارد، (وهو أقرب للفبركة الإعلامية؛ أهم قناة فضائية ركزت على هذا الموضوع هي قناة الغد الداعمة لحفتر) لسبب سياسي بسيط؛ وهو أن حكومة الوفاق تدرك جيدا أن هذا يعني إعطاء ختم لسردية حفتر التي يرددها منذ بداية الحرب (الحرب على الإرهاب الخ).

 

في هذا الكم من التفاصيل العسكرية ما يعنينا هو الفهم السياسي الصحيح للمشهد، حكومة الوفاق التي راهنت على “المجتمع الدولي” في مواجهة العملية العسكرية التي يقودها حفتر، أدركت في شهر 4 الماضي أن المجتمع الدولي منقسم بين داعم لحفتر وبين لا مبال بما يقع في ليبيا.

في ذروة عزلة حكومة الوفاق دخلت تركيا على الخط كمنقذ، واستغلت في هذا الإطار التناقض الروسي الأمريكي، الموقف الأمريكي المنزعج من التمدد الروسي يرى في تركيا حليفا في ليبيا. بهذا نجحت تركيا في أشهر قليلة في التموقع وأصبحت أهم لاعب دولي في الغرب الليبي.

 

رغم كل التصعيد والضغط التركي في ليبيا، لا أعتقد أن تركيا ستُقْدِم على مواجهة روسيا في ليبيا، بين بوتين وأردوغان مصالح استراتيجية عديدة، لهذا يبدو لي أن التصعيد التركي يهدف لمفاوضات مريحة مع الروس حول ليبيا وغيرها من الملفات العالقة بين الروس والأتراك.

 

نجحت روسيا في سوتشي في الوصول إلى اتفاق مع تركيا حول سوريا خارج أطر الأمم المتحدة، ومن غير المستبعد أن نرى نفس الشيء في ليبيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى