الرئيسيةالراي

رأي- تراجيديا فروخ العقرب

* كتب/ يحيى القويضي،

 

لا أحبذ التعامل مع الأرقام..

تحتاج تركيز، وذكاء، وصبر، وأنى ذلك.

فضلا عن كونها خرساء، باردة، قاطعة، صارمة، وصادمة أحيانا.

لهذا أميل للحروف؛

لأنها أدفأ، أفصح، وأقدر على النقل والتشكّل.

وأكثر حميمية.

لكن، أحيانا يقلب رقم ما المعادلة، ويفصح أكثر مما قد يقوله كتاب كامل.

186 مليار دولار، هو رقم معتبر جدا، ويرغمك على تأمله مليا.

ليس لأنه إجمالي مبيعات نفط ليبيا خلال التسع سنوات الأخيرة، فهذا أقل من متوقع.

بل لأنه اختفى من خزينة الدولة، دون أن يقابله أي مردود على شعب حشر معظمه تحت خط الفقر.

مقابل امتلاء أمعاء طغمة متحكمة، دينها الحقيقي عبادة المال، وقانونها الحاكم:

“كان طاح بيت أمك، سل منه عمود”!

وهو قانون بشع تأنف كل الكائنات الحية عن العمل به، باستثناء “فروخ العقرب” التي تأكل أمها عقبما تفقس.

وبعض البشر.

ما الذي تفعله 186 مليار دولار؟.

ــ هذا الرقم يمكن أن يبني محطات كهرباء، تنتج قدر استهلاك الذروة في ليبيا بــ 38 ضعف.

ــ 186× 6 سعر الصرف الآن = 1.116 تريليون دينار، وهذا رقم يكفي ليبيا لــ 22 سنة، بميزانية سنوية 50 مليار دينار..

ــ يمكن أن يشتري 1860 مقاتلة شبحية  F35، بما يكفل سيطرتنا على سماء أفريقيا، والمتوسط، وجنوب أوروبا، وغرب أسيا،، أو 18600 طائرة بريداتور مسيرة ذات الحدبة على رأسها، وبما يكفل تأديب كل من يتطاول علينا، بينما نحن جالسين في “مرابيعنا”.

ــ هذا الرقم يمكن أن يشتري 370 طائرة أيرباص 380 A ذات الطابقين، وحوالي 694 طائرة بوينق 747_400 ذات الطابق ونصف، وبما يكفل سفر الليبيين وهم نائمين على أسرّة وثيرة، عوضا عن اصطفافهم -داخل سياراتهم- لأيام على الحدود.

ــ هذا الرقم يمكن أن يبني 124 برج خليفة، بما يضطر الحكومة -بعد تخمة المدن بالأبراج- إلى التفاوض الشاق مع سكان زلة، وجالو، وأوباري، وغيرها من واحات إنتاج النفط، كي يقبلوا توطين برج آخر إضافي في مناطقهم المحرومة -طيلة عقود- من خيرات النفط، لصالح مافيا الشمالين الشرقي والغربي.

الرقم 186 مليار دولار يجبرك على أن تتأمله طويلا، وتتدبره كثيرا، وتتخيل ما يمكن أن ينجز من خلاله.

وهو أيضا ينبئك عن حجم الجريمة

وعن جذور الصراع..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى