الرئيسيةالراي

رأي- بين قشّتين..

 

* كتب/ أبوبكر مصطفى البغدادي 

 

ورد في تقرير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول أوضاع حقوق الإنسان لشهر سبتمبر المنصرم عبارة: “تذكّر البعثة كافة أطراف الصراع بأنهم ملزمون باستهداف الأهداف العسكرية فحسب“!

هل أطراف الصراع ملزمة حقا؟ سنفترض أنه فشل في الترجمة..

 

وورد في التقرير الذي صدر في مطلع أكتوبر أيضا: “كما أن انقطاع الاتصالات خاصة في المناطق التي تسيطر عليها جماعات أعلنت ولاءها لتنظيم داعش والخوف من الأعمال الانتقامية ضد مصادر المعلومات تزيد من عرقلة عملية جمع المعلومات”.

 

والسؤال هنا: ماهي هذه المناطق؟ هل توجد مناطق في ليبيا ينطبق عليها هذا الوصف في شهر سبتمبر 2018؟ أم أن القالب أعد في 2016، ولم يطرأ عليه تغيير؟ أم أنها جملة وردت لتغطية القصور في تغطية مناطق لم تصل إليها البعثة؟

 

درنة، المهملة في هذا التقرير، هل هي المعنية بهذه العبارة؟ فالمؤكد أن مقاتلي درنة (بغض النظر عن هويتهم) لم يعلنوا ولاءهم لداعش، بل كانوا يعلنون على الدوام محاربتهم للتنظيم المتشدد، وقد حاربوه فعلا في 2015 و 2016، وقصة انتقال مقاتلي التنظيم في أبريل 2016 إلى سرت بعد مواجهات معهم معلومة.

 

التقرير الذي صدر في بيان للبعثة مهم ولا شك، ويوثق لجرائم ينبغي أن لا يفلت مرتكبوها من العقاب متى قامت لليبيين دولة، لكن المهم أيضا أن مثل هذه البيانات ستؤول فور صدورها إلى الأرشيف، وتصير مرجعا يعود إليه الأكاديميون في أبحاثهم، وصانعو القرار في توجهاتهم، بل والإعلاميون في صياغة أخبارهم وتقاريرهم، فإذا ألقينا العبارة الأولى على سوء الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، فهل توجد في ليبيا بعد 2016 منطقة أعلنت ولاءها لداعش؟

 

 

لقد امتاز التقرير بالمهنية غالبا، كما جرت العادة في التقارير الحقوقية للبعثة، لكن لنا أن نتساءل إن كان قد وقع هذه المرة أيضا في حبائل الساسة، للهروب من قصور، أو لتجنب إغضاب طرف ما.

لقد بات البعض يتعلق بقشة البعثة لإنقاذ ما تبقى من ليبيا الحلم، وهناك من يتوجس بأنها ستكون القشة التي تقصم ظهر البعير، قشة تتنازعها السياسة وحقوق الإنسان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى