الرئيسيةالراي

حفتر. من ورقة رابحة إلى كبش فداء

* كتب/ رئيس التحرير

 

“فرنسا تعلن دعمها لحكومة الوفاق في ليبيا المعترف بها دوليا”

عنوان تصدر الأخبار في وكالات الأنباء الدولية والصحف المعروفة لهذا اليوم الخميس، ذلك أنه ضد السياق الذي وُضعت فيه فرنسا كداعم رئيسي أو حتى “راع” للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها العسكري السابق بالجيش الليبي خليفة حفتر مطلع أبريل الجاري.

 

لم تخف فرنسا دعمها السخي لحفتر، منذ انطلاق عملية الكرامة 2014، فقد دافع عنه الطيران الفرنسي عندما كان على وشك السقوط في الرجمة، كما قصف الطيران نفسه قوة حماية بنغازي عندما هددته في معقله، ثم تبناه الرئيس الفرنسي عندما استضافه في أكثر من مناسبة وجمعه برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في باريس.

 

أما ما أخفته فرنسا من دعم فهو ما اتهمتها به الصحف البريطانية والإيطالية، من وجود خبراء فرنسيين  يقودون غرفة عمليات حفتر في محاولته الأخيرة لاجتياح العاصمة طرابلس، الأمر الذي أنكرته فرنسا، قبل أن تضبط السلطات الأمنية التونسية هؤلاء الخبراء وهم يغادرون الحدود الليبية باتجاه الشقيقة تونس، وسرب الإعلام التونسي أنهم كانوا في قاعدة الوطية العسكرية وغريان المعقلين الرئيسيين لحفتر في  الغرب الليبي.

هذه الحادثة الأخيرة لا تشير فقط إلى دعم فرنسي تلقاه حفتر، بل الأكثر أهمية أنها تؤشر إلى تخليهم عنه، في ظل وضع يبدو ميؤوسا منه، فتحالفات حفتر الهشة في محيط طرابلس تآكلت، وسلمت ميليشيات كان قد كسب ولاءها نفسها للقوات المسلحة الليبية الخاضعة لحكومة الوفاق، وتواصل آخرون للسير على نفس المنوال مقابل ضمان سلامتهم.

 

لاشك أن الدبلوماسية الفرنسية أصبحت محرجة أمام الرأي العام العالمي، خاصة بعد احتجاج رسمي سلمه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج للسفيرة الفرنسية على دعم بلادها لحفتر، ثم تصاعد اللهجة العدائية في الشارع الليبي الذي سبق وأن هتف لفرنسا ساركوزي، ونزل اليوم للتظاهر بالسترات الصفراء في رسالة واضحة المعالم، ثم مؤخرا إعلان وزارة الداخلية الليبية عن قطع التعاون الأمني بينها وبين فرنسا الذي نصت عليه اتفاقيات ثنائية بين البلدين، معتبرة أن فرنسا أخلّت بالاتفاق بدعمها لزعزعة الاستقرار في ليبيا وفق الاتهامات المشار إليها.

كما أن استخدام حفتر لميليشيات مؤدلجة وضع الفرنسيين في شبهة من يدعمون التيار الديني المتشدد، الأمر الذي كان على الفرنسيين تداركه ونفيه بشكل واضح لا لبس فيه.

 

بي بي سي، رويترز، ديلي ميل، الجزيرة، فرانس 24، نيويورك تايمز، والغارديان، وغيرها اهتمت بالتصريح الذي صدر اليوم عن الإيليزيه وصدرت به أخبارها، ويبدو أن الوضع الميداني الحرج لحفتر سيجعل حلفاءه يتخلون عنه، وقد يضحون به لضمان خط تواصل جديد مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى