اخبارالرئيسيةعيون

القضاء الليبي يفتح ملف سجون العاصمة

العربي الجديد-

أعلنت النيابة العامة في ليبيا عقد النائب العام الصديق الصور، مطلع الأسبوع الحالي، اجتماعاً مع أهالي مطلوبين على ذمة قضايا متنوعة للاستماع إلى تظلماتهم، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة، في خطوة جديدة تعكس اهتمام القضاء الليبي بملف السجون، خاصة التي تديرها المجموعات المسلحة.
وعقب الاجتماع وجّه النائب العام وكلاء النيابات المدنية والعسكرية “بسماع الملاحظات فوراً، ومخاطبة الادعاء العسكري”، في إشارة إلى خطوات في ملف السجون تعكس تحركاً غير مسبوق لضبط منظومة السجون الخارجة عن سيطرة القضاء.
وخلال الفترة الأخيرة، أعلنت النيابة العامة الإفراج عن عشرات المساجين من سجون “جهاز الردع” الواقعة في قاعدة معيتيقة، وشمل القرار الإفراج عن 258 سجيناً خلال الأشهر الماضية، في حصيلة تضاف إلى سجل ضخم شمل 3975 إفراجاً بين عامي 2016 و2021، و611 في عام 2023، و524 خلال عام 2024.
وفي خطوة متزامنة، وجهت النيابة العامة أوامر بضبط 172 من قادة جهاز دعم الاستقرار”، والذي اتضحت إدارته لعدد من السجون السرية بعد إطاحته في مايو الماضي، وظهرت داخل تلك السجون غرف تعذيب، وعشرات الجثث المهملة في ثلاجات مستشفى كانت تحت هيمنة الجهاز.
وأوضحت النيابة أن اللجنة الخاصة التي شكلت للتحقيق في أوضاع سجون جهاز دعم الاستقرار كشفت النقاب عن جرائم منظمة داخل كواليس الجهاز، من بينها 146 من وقائع القتل والتعذيب والخطف، وأنه جرى الاستماع إلى 211 شاهداً في تلك الجرائم، إضافة إلى إيداع 11 متهماً السجون للتحقيق معهم.
ويعبر المحامي والناشط الحقوقي إبراهيم الناجح عن ترحيبه بخطوات النيابة العامة، لكنه يعبر في ذات الوقت عن مخاوف من تأثير مواقف الحكومة التي تنفذ عمليات عسكرية ضد المليشيات التي تخاصمها وترفض الخضوع لها على إجراءات القضاء.
ويحذر الناجح مما يصفه بـ”الفخاخ” في طريق القضاء، مشيراً إلى أن “حصر إجراءات النيابة العامة في سجون جهاز الردع وجهاز دعم الاستقرار يلفت إلى مخاطر كثيرة قد تلفّ مصير التحقيقات، كون هذين الجهازين صارا جزءاً من معادلة الصراع على السيطرة على العاصمة”.
ويتساءل خلال حديثه لـ”العربي الجديد” عن مصير السجون الأخرى في سبها أو بنغازي، أو تلك التي تديرها جماعات مسلحة بعيدة عن الأضواء، ومدى قدرة القضاء على ملاحقتها. ويضيف: “نخشى أن يتلاشى هذا الزخم بمجرد استقرار الأوضاع العسكرية، ورغم هذه الخشية، فإن تأزم المواقف بين الحكومة والمليشيات التي تدير سجوناً بعيدة عن سلطة القضاء قد يشكل فرصة لفتح ملف السجون السرية”.
وتحف مخاطر الصراع الكثير من إجراءات القضاء الأخيرة، وفقا لرأي الناجح، ومن بينها أوامر ضبط المسؤولين عن جهاز دعم الاستقرار، مشيراً إلى أنهم “موجودون داخل مقرات جهاز الردع منذ فروا إليه إثر سقوط الجهاز، ما يظهر أن القضاء يلبي مساعي الحكومة في الزج بهؤلاء المسؤولين إلى السجون”.

لكنه يعود ليؤكد أن “المواجهة بين الحكومة والمليشيات تشكل منفذاً للقضاء لفتح ملفات المغيبين في السجون، من خلال انتهاز النيابة العامة الفرصة، وتوجيه وكلاء النيابة للاستماع لشكاوى ذوي المغيبين. مثل هذا الإجراء هو توظيف جيد للأحداث، ويساعد المواطنين في إيصال أصواتهم لدعم إجراءات وأحكام القضاء ضد المليشيات، بعد أن كان الحديث عن سجون المليشيات ضرباً من المستحيل”.
ويذكر الناجح أن “النيابة العامة لم تكتف بإحصاءات جهاز الردع حول المساجين الذين أطلق سراحهم تحت الضغوط التي يعيشها الجهاز في مواجهة مواقف الحكومة، بل طلبت مراجعة جميع ملفات المساجين لدى الجهاز، وطالبته بتحديد موعد قريب ليمتثل فيه كل من هم داخل سجونه للقضاء”.
ويوضح: “إن كانت قراءتي صحيحة، والقضاء يقوم بتوظيف الحدث لصالح حقوق المساجين، فيمكن القول إن المعركة الحقيقية باتت الآن بين القضاء والمليشيات، فجهاز الردع الذي أعلن إحالة 1540 محضراً للنيابة في عام 2024، هو نفسه من يعتقل ويسجن، والآن صار مضطراً للتجاوب مع إجراءات القضاء، وعرض كافة المحتجزين على التحقيق، لا أن يعتقل ويحقق ويسجن، ثم يحيل محاضر التحقيق إلى النيابة العامة. لكن يظل التحدي الأكبر أمام القضاء هو استدامة هذا الموقف، وتحويل لحظة الصراع إلى مكسب دائم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى