الرئيسيةالرايرياضة

كيف يمكن لمدير نادٍ في بلدٍ عربي نامٍ أن ينجح ويحقق التوازنات الست؟

 

 

في عالم كرة القدم، حيث لا تُقاس الإنجازات بعدد الخطط المكتوبة بل بعدد القلوب المُشتعلة، يتجلى دور مدير النادي بوصفه القائد الهادئ وسط العاصفة، والعقل المدبر خلف الستار، الذي يسعى جاهدًا إلى خلق توازن بين النتائج، الانضباط، والجماهير المشتعلة بالشغف.

فكيف يمكن لمدير نادٍ في بلدٍ عربي نامٍ، وسط أزمات اقتصادية وضغوط سياسية واحتياجات مجتمعية، أن يقود ناديه إلى برّ النجاح؟

 

* كتب/ مفتاح محمود سويب،

أولاً: القيادة الواعية.. لا الحضور الرمزي أن تكون مديرًا ناجحًا لا يعني أن تجلس على كرسيك العالي وتراقب، بل أن تكون قلب الفريق النابض. مدير النادي هو من يربط الإداري باللاعب، والمشجع بالإدارة، والواقع بالحلم. هو من يعزف لحن الانتصار في أروقة النادي حتى قبل انطلاق الصافرة. يجب أن يكون المدير ملمًّا بعالم الإدارة الرياضية الحديثة، من تخطيط الميزانيات، إلى إدارة الموارد البشرية، وفهم سيكولوجية اللاعبين، وتطبيق آليات الحوكمة والشفافية.

ثانيًا: تهدئة شغب الجماهير.. العاطفة سلاح ذو حدّين في الدول النامية، الجماهير ليست فقط من تملأ المدرجات، بل هي من تموّل وتضغط وتحتج وتقرر أحيانًا. وهنا يكمن التحدي!.. يجب أن يُحوّل المدير شغب الجماهير إلى طاقة دعم لا إلى وقود للفوضى. كيف؟ إطلاق حملات تواصل جماهيري: “صوتك يوصل”، “المدرج بيتك”. التفاعل عبر المنصات الرقمية، والرد على تساؤلات الجماهير بشفافية. إنشاء روابط مشجعين رسمية، وتدريبهم على ثقافة التشجيع الإيجابي وذلك بالتواصل مع المشجعين المؤثرين. دعم الأنشطة الاجتماعية والمبادرات داخل المجتمع. هنا يصبح الجمهور لاعبًا في المباراة، لا مجرد مشاهد غاضب على الهامش.

ثالثًا: الروح المعنوية للاعبين.. لا تنتظر الهزيمة لتُحادثهم “الفريق الذي لا يبتسم، لا ينتصر”، قالها المدرب الألماني يورغن كلوب (Jürgen Klopp)، المدير الفني لنادي ليفربول. المدير الذكي يعرف أن اللاعبين ليسوا آلات، بل بشر يحتاجون إلى: التحفيز المستمر، لا بالمال فقط، بل بالكلمة، بالاحترام، بالإشادة العلنية. الاستماع لهم، خاصة في لحظات الهزيمة، حين تصمت الجماهير وتبدأ الأصابع بالاتهام. التقدير النفسي عبر ورش دعم، لقاءات جماعية، أو حتى برامج تطوير شخصي خارج الملعب. لا تجعل اللاعب يشعر أن “النتيجة” فقط هي من تحدد قيمته.

رابعًا: الإدارة المالية الذكية.. إدارة لا تجارة في دولنا، الموارد شحيحة، والرعاة مترددون. لذا، مدير النادي يجب أن يكون:  مفاوضًا ماهرًا يجذب الرعاة بالكلمة والخطة لا بالشعارات فقط. رقيبًا على الإنفاق دون أن يخنق الإبداع. تفعيل معركة “العقل الرياضي” ضد قلة الإمكانيات ومحاولة رفع كفاءة الإداريين بدورات خارجية. مبادرًا بمشاريع إنتاجية: كإنشاء مدارس كرة ناشئة، شراكات مع أكاديميات التدريب.

خامسًا: البنية التحتية.. حلم لا يُؤجل، لا نجاح دون ملعب يُشبه الحلم، ولا تدريب دون قاعة تليق بالمواهب. مدير النادي الناجح لا يُبرر نقص الإمكانيات، بل يسعى لشراكات مع البلديات، رجال الأعمال، وحتى المنظمات الدولية لتحسين البنية التحتية. الملعب هو مسرح الانتصار، وإن كان رديئًا، فالعرض سيتعثر مهما كان النص بديعًا.

سادسًا: الإعلام.. الحليف لا العدو، الإعلام الرياضي سيف ذو حدين، إمّا أن يرفع النادي إلى المجد، أو يجرّه إلى الجحيم. على المدير أن يُحسن إدارة العلاقة مع الإعلام: عقد مؤتمرات دورية. تعيين ناطق إعلامي محترف. توفير معلومات دقيقة بشفافية. عدم الدخول في صراعات انفعالية مع الصحفيين. كن من يصنع الرواية، لا من يُهاجمها بعد فوات الأوان.

مدير النادي.. هو مايسترو تحقيق حلم الجمهور في بيئة مليئة بالتحديات، يكون مدير النادي أشبه بقائد سفينة تشق أمواجًا متلاطمة. هو من يحوّل العواصف إلى رياحٍ مواتية، والجماهير إلى جوقة تعزف النشيد، واللاعبين إلى فرسان في ميدان الشرف. فيا من تتقلّد هذا المنصب: اجعل النادي رسالة لا وظيفة… وهتاف الجماهير سيكون لك نشيد النصر.

أمثلة حقيقية لأندية كانت تملك المال، لكن عانت بسبب الإدارة والتدريب وسوء اختيار اللاعبين، ثم تغيّرت أو نجحت بعد إصلاح تلك المنظومة.

1 نادي الاتحاد السعودي (2012–2021) مال كثير.. فوضى أكثر، الوضع: رغم وجود دعم مالي كبير، وتدخل رجال أعمال، فإن الاتحاد عانى من تخبط إداري كبير بعد 2012. النادي تعاقد مع عدد هائل من اللاعبين الأجانب، ودربه أكثر من 10 مدربين في 5 سنوات!

أسباب التراجع رغم المال: غياب استراتيجية رياضية واضحة. تغيير الإدارات والمدربين بسرعة. تعاقدات مع لاعبين لا يناسبون أسلوب اللعب أو الثقافة المحلية. ضغط جماهيري تسبب في قرارات عاطفية.

التحول الناجح (2022–2023): جاءت إدارة أنمار الحائلي واستعانت بفريق فني وتحليلي متخصص، التعاقد مع المدرب نونو سانتو واستقرار الجهاز الفني، التعاقد مع لاعبين مؤثرين تكتيكياً مثل حمدالله وكورنادو، والنتيجة؟ الاتحاد عاد ببطولة الدوري بعد سنوات من الغياب، بأداء منظم وهدوء إداري.

  1. نادي الزمالك المصري (2015–2022) خزائن مفتوحة.. ولكن معارك داخلية، الوضع: رغم الدعم المالي الضخم في عهد مرتضى منصور، الزمالك كان يُنفق على اللاعبين والمدربين بشكل كبير، لكنه: غيّر أكثر من 20 مدربًا في 6 سنوات! دخل في صراعات إدارية وأزمات قانونية، لم يكن هناك مستشار فني محترف يساعد الإدارة على اختيار المدربين واللاعبين المناسبين، الأزمة: المال وحده لم يمنع المشاكل الإدارية والانقسامات، وتأثرت الروح المعنوية للاعبين، والجمهور فقد الثقة لفترات، التحسن (2022): استقدام مدرب له شخصية قوية (فيريرا)، وفرض أسلوب جماعي صارم، الاعتماد على شباب النادي (مثل زيزو وسيف جعفر، استقرار إداري نسبي لفترة قصيرة، والنتيجة؟ حقق الدوري والكأس المحليين رغم قلة النجوم مقارنة بالمنافسين.

3 . نادي باريس سان جيرمان الفرنسي نموذج عالمي: المال ليس كل شيء، الوضع: منذ استحواذ القطريين على النادي عام 2011، ضُخّت مليارات الدولارات، وتم جلب أفضل النجوم في العالم (نيمار، مبابي، ميسي)، لكن الفريق: لم يحقق دوري الأبطال رغم الهيمنة المحلية، دخل في مشاكل داخل غرفة الملابس (أنانية، تمييز)، غيّر أكثر من 6 مدربين، لم يكن هناك “هيكل إداري رياضي قوي يوحّد الرؤية بين الإدارة والمدرب واللاعبين، والنتيجة؟ مشاكل رغم الوفرة المالية، حتى بدأ النادي يُعيد هيكلة الإدارة الرياضية في 2023 مدير رياضي جديد، مدرب يعتمد على الجماعية لا الفرديات.

4 . نادي النصر السعودي (حتى 2022) ملايين صُرفت.. بلا بطولة دوري منذ سنوات، الوضع: النصر صرف عشرات الملايين على صفقات مدوية، وأجانب من الطراز الأول، ولكن: لم يحقق الدوري السعودي لسنوات. دخل في مشاكل تعاقدية وإدارية (مثل قضية كنو)، كان يفتقد إلى الاستقرار الفني و”مدرسة كروية” واضحة، النقلة المحتملة (بعد قدوم رونالدو): تم تعيين مدربين أكثر خبرة في التنظيم، جلب لاعب عالمي غيّر ثقافة الفريق (رونالدو). التركيز على التنظيم الجماعي، لكن لازال بحاجة لاستقرار إداري طويل الأمد، ختاما، أتمني أن يستفاد من هذا الطرح لتتعافى الرياضة الليبية.

 

ختاما أتمني أن تتعافى الرياضة الليبية ويستفاد من هذا الطرح لننعم برياضة تليق ببلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى