العربي الجديد-
السيادة والحوار الليبي ـ الليبي من أكثر الشعارات التي يحرص على رفعها القادة والمتنفذون في الصراع، ويعلنون رفض التدخل الخارجي في الشأن الداخلي، بل إن مجلسي النواب والدولة شهدا تشكّل كتل نيابة، حملت في مجلس النواب مسمى “السيادة”، وفي مجلس الدولة مسمى “التوافق الوطني”.
وافق يوم الأحد الماضي الذكرى 72 لاستقلال ليبيا، ولم يفت القادة الخمسة الأساسيين، كما سماهم المبعوث الأممي عبد الله باتيلي عندما وصفهم بالخمسة الكبار حين دعاهم إلى طاولة حوار سياسي وطنية جديدة، انتهاز فرصة هذه الذكرى لإلقاء كلمات ازدحمت بها شاشات الفضائيات الليبية للتشديد والتأكيد على مبدأ الحفاظ على السيادة الليبية، والدعوة إلى حوار وطني ليبي ـ ليبي لتجاوز الخلافات وإعلاء مصلحة الوطن.
و”الخمسة الكبار”، هم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة، وحفتر، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة.
قد يكون من نافل الحديث التذكير بماضي هؤلاء القادة على طول مسار أزمة البلاد خلال السنوات الماضية، وكيف كان شعار السيادة والوطنية مفصّلاً بحسب المقاسات والمسافات، فكلما قرّبت المصالح المسافات بينهم، كان شعار الوطنية والحفاظ على السيادة ترفرف أعلامه على لقاءاتهم وحواراتهم، كما هو الحال في جميع لقاءات وحوارات مجلسي النواب والدولة، أبرز طرفين في باحة الصراع الليبي.
وتُخفض تلك الأعلام، إذا ما تباعدت مسافة المصالح ويتقلص معها وصف الحوار بينهم بـ”الوطني”، ولا يضير مزاعم السيادة بالطبع أن يكون انعقاد اللقاءات بينهم في عواصم دولية وإقليمية.
لا يبدو أن الأمر اليوم مختلف، فمن خرجوا للتشديد والتأكيد على ضرورة الحفاظ على مكاسب الاستقلال الليبي، وعلى رأسها الحفاظ على سيادة البلاد، هم أنفسهم من تتصل بهم اليوم أطراف دولية، بعضها يعلن عن لقاءاته بهم كالسفير الأميركي ريتشارد نورلاند، لحثهم على ضرورة الاستجابة لدعوة البعثة الأممية في لقاء خماسي لعقد حوار “وطني” ليبي ـ ليبي، من أجل تفكيك وحلحلة خلافاتهم حول القوانين الانتخابية الهادفة إلى إجراء انتخابات عامة و”نزيهة”.
ثلاثة من القادة الخمسة، المنفي وصالح وحفتر، أعلنوا عن موقفهم المتحفظ حيال الدعوة الأممية من القاهرة، منتصف شهر ديسمبر الحالي، أما الرابع، تكالة، فأعلن من أنقرة ثم من موسكو، اللتين زارهما نهاية نوفمبر الماضي، الترحيب بتحفظ بالدعوة الأممية، وخامسهم عبد الحميد الدبيبة أعلن عن ترحيبه الكامل بالمشاركة في الحوار.
وتزامن ذلك مع بدء الدبيبة لقاءات مكثفة وعالية المستوى مع مسؤولين إيطاليين كبار لتغيير “اتفاقية الصداقة بين ليبيا وإيطاليا لعام 2008” لتضم استثمارات وحصصا جديدة وضخمة في حقول الغاز الليبي، بل ونشره عددا من وحدات قواته في أقصى غرب البلاد لتمكين وصول شركات إيطالية للتنقيب عن حقول غاز جديدة، في إطار حشده للمزيد من الدعم الأوروبي لصالح بقائه في السلطة.
عن أي حوار وطني وبملكية ليبية تتحدث البعثة الأممية؟ وماذا بقي من السيادة الليبية، والجميع تابع إعلان أنقرة أخيراً تمديد بقاء قواتها في ليبيا لأعوام جديدة بمباركة ورضا الحكومة والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس؟ وكيف تتحرك موسكو بخطوات غير خافية تمهيداً لإعلان وجودها العسكري في ليبيا بشكل رسمي بمباركة ورضا مجلس النواب وقيادة حفتر؟