العربي الجديد-
كشفت مصادر مصرية خاصة مقربة من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي، تطورات جديدة بشأن الأزمة السياسية في ليبيا، مشيرة إلى أن القاهرة عرقلت تحركات تركية، في محاولة لتصدر المشهد هناك.
وأوضحت المصادر، في أحاديث خاصة بـ”العربي الجديد”، أن تركيا قدمت مبادرة للوساطة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس ما تُسمى “حكومة الاستقرار”، فتحي باشاغا الذي كلفه مجلس النواب المنعقد في طبرق شرق ليبيا، أخيراً، برئاسة حكومة جديدة، وذلك في الوقت الذي كشف فيه الدبيبة عن خطة تقوم على إجراء انتخابات برلمانية قبل 24 يونيو المقبل.
وأضافت المصادر أن أنقرة وجهت الدعوة لكل من باشاغا والدبيبة لزيارة أراضيها، وعقد لقاء بينهما للتوصل إلى حل لأزمة الانقسام الراهنة، ومنع الاحتراب مجدداً في ليبيا.
مصر تطالب باشاغا بعدم تلبية الدعوة التركية
وأشارت المصادر إلى أن باشاغا أبلغ الأمر للمسؤولين في مصر، التي يتحالف معها وتدعم تحركاته الأخيرة بشراكة فرنسية، وجرت اتصالات بينه وبين مسؤولين رفيعي المستوى في مصر، قبل أن ينتهي الأمر بطلب مصري له بعدم تلبية الدعوة التركية، وتأكيده أن أي حل لا بد أن يكون من داخل ليبيا.
وقالت المصادر إن مصر، التي شاركت في الترتيب للخطوة التي أعلن عنها مجلس النواب باختيار باشاغا لرئاسة حكومة جديدة، تعول كثيراً على تلك الخطوة لاستعادة توازن الأدوار في ليبيا، في ظل التحالف بين الدبيبة وأنقرة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد، أخيراً، أن علاقة بلاده بكل من الدبيبة وباشاغا طيبة. وقال، في تصريحات صحافية: “علاقاتنا مع فتحي باشاغا جيدة. من ناحية أخرى العلاقات طيبة أيضاً مع الدبيبة”، قبل أن يضيف أن “الأمر المهم هو من سيختاره الشعب الليبي وكيف”. وتابع أردوغان: “نريد إجراء الانتخابات في ليبيا، بحيث يختار الليبيون شكل الحكومة التي يريدونها ويرغبون بها”.
لقاء بين عقيلة صالح وكامل
في غضون ذلك، كشفت المصادر المصرية، عن لقاء جمع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، برئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل في القاهرة، مساء الأحد الماضي. وأوضحت أن صالح أطلع كامل على آخر التطورات في الأزمة الليبية، وتفاصيل اللقاء الذي جمعه بالمستشارة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز.
وبحسب المصادر المصرية، فإن البعثة الأممية في ليبيا باتت طرفاً مهماً فيما يجري هناك على الأرض. وأكدت أن التنسيق المصري الفرنسي بشأن الأوضاع في ليبيا بات ينظر لوضع المستشارة الأممية الراهن، ورغبة الإدارة الأميركية في دعم بقائها في موقعها الحالي، كورقة مهمة يمكن الاعتماد عليها، من أجل كسب موقفها لصالح دعم الاختيار المصري الفرنسي الممثل في باشاغا، وخفض الدعم الأممي والأميركي المقدم للدبيبة.
وكان صالح بدأ زيارته للقاهرة، يوم الجمعة الماضي، لحضور أعمال المؤتمر الرابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية.
ووفقاً للمصادر، فإن صالح طرح في القاهرة ضرورة فتح قنوات اتصال مباشرة بين المسؤولين في مصر ووليامز، لاستيعاب موقفها بالإضافة إلى ضرورة استغلال الموقف الأميركي الرامي إلى دعم بقاء المستشارة الأممية في موقعها، وتغيير قناعات الإدارة الأميركية بشأن رفضها للخطوات الأخيرة.
وقالت المصادر إن “الإدارة الأميركية لا تزال متمسكة بما يمكن تسميته بمسار الدبيبة، خاصة أنه يضمن إجراء انتخابات قريباً، على عكس التصور الخاص بحكومة الاستقرار، الذي يرجئ المسار الانتخابي لفترة أطول”.
صالح أطلع وليامز على آلية منح الثقة للحكومة
وأعلنت وليامز أن صالح أطلعها على تفاصيل الآلية التي سيقوم بها مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة الجديدة، في إشارة أثارت مخاوف معسكر الدبيبة، بشأن مباركة أممية لباشاغا.
وقالت وليامز، الأسبوع الماضي، إن صالح أطلعها أيضاً على خطة عمل مجلسي النواب والأعلى للدولة، وفقاً للتعديل الدستوري رقم 12، بما في ذلك إنشاء لجنة خبراء مشتركة، من 24 عضواً، لمراجعة مُسوّدة دستور 2017.
في هذا الوقت، بدأ باشاغا مشاوراته مع أطراف ليبية مختلفة من أجل تسمية أعضاء حكومته، مشدداً على ثقته بأن عملية التسليم والتسلم ستتم وفق الآليات القانونية والدستورية، وبالطرق السلمية، وفق وصفه. وقال: “لن تكون هناك عوائق، خاصة أن الدبيبة شخصية مدنية محترمة، وينادي دوماً بالابتعاد عن الحروب، ونحن على يقين بأنه يؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة”.
وبحسب مصادر خاصة، تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن حكومة باشاغا من المقرر أن تتضمن 13 حقيبة وزارية لإقليم غرب ليبيا، و9 للإقليم الشرقي، و5 للإقليم الجنوبي.
وأشارت إلى أن الاتصالات التي أجراها المحور الداعم لباشاغا، خلال الفترة التي سبقت إعلان مجلس النواب في 10 فبراير الحالي، وكذلك المشاورات التي أعقبتها، لعبت دوراً كبيراً في تسمية الشخصيات التي ستتولى تلك الحقائب، على حد تعبير المصادر.
خطة الدبيبة لتنظيم انتخابات نيابية
ولمّحت مصادر دبلوماسية مصرية، إلى تحركات ومشاورات، ونصائح تركية مستمرة، تجلت أحدث مظاهرها فيما أعلنه الدبيبة، في كلمة متلفزة مساء أمس الأول الإثنين، عن خطة لتنظيم انتخابات برلمانية قبل نهاية يونيو المقبل، وترحيل الانتخابات الرئاسية إلى وقت لاحق، وذلك بعد أسابيع على اختيار مجلس النواب باشاغا رئيساً جديداً للحكومة.
وأكد الدبيبة، أنّ خطته التي أطلق عليها تسمية “إعادة الأمانة إلى أهلها”، تقوم على إجراء انتخابات برلمانية قبل 24 يونيو المقبل، أي قبل موعد انتهاء خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي اختار حكومته قبل نحو عام في جنيف. وتنص الخطة على “إجراء الاستفتاء على الدستور بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية”.
وأشار الدبيبة إلى أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات، نظراً لاستخدام القوة ومنعها من بعض الأطراف، فإنّ خيار “التصويت الإلكتروني” سيكون “قائماً”. كما لمّح للجوء إلى “الانتخابات الجزئية في بعض المناطق”، وفقاً لتجارب دولية عدة. واعتبر أنّ خطته هي “الحل الوحيد” الذي يخرج جميع الكيانات السياسية، بما فيها حكومته، من المشهد الحالي.
وذكر الدبيبة، في خطاب يقع في ثماني صفحات، كلمة “الحرب” أو “الحروب” ثماني مرات. وحذر من محاولة “الطبقة السياسية المهيمنة” الهروب من إجراء الانتخابات، مؤكداً أنّ هذا الأمر “يهدد بعودة الانقسام، وسيؤدي حتماً إلى الحرب مرة أخرى”.
وقال: “سأسلم الأمانة بالانتخابات، ولن أقبل تسليمها للفوضى. الانتخابات فقط هي الحل الوحيد”. وناشد ما أسماها “حركة وطنية حقيقية” الضغط من أجل إجراء الانتخابات. يشار إلى أن الدبيبة التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على هامش مشاركته في قمة منتدى الدول المصدرة للغاز في الدوحة أمس الثلاثاء.