العربي الجديد-
تنتظر المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني وليامز، تسمية مجلس النواب لأعضائه في اللجنة الدستورية، ستتولى إعداد قاعدة دستورية للانتخابات، مناصفة مع المجلس الأعلى للدولة، الذي أعلن تسمية أعضائه الأسبوع الماضي.
ولم ترشح حتى الآن أي أخبار رسمية حول تسمية اللجنة من قِبل مجلس النواب، فيما أكدت وليامز، خلال نقاش أجرته مع عدد من الناشطين والمدونين الليبيين عبر تطبيق “كلوب هاوس”، أنها تنتظر استلام أسماء أعضاء لجنة مجلس النواب اليوم أو غداً.
وبعد أن طرحت وليامز مبادرتها على مجلسي النواب والدولة لتشكيل لجنة بالمناصفة بينها، لصياغة القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية، أعلن المجلس الأعلى للدولة عن تجاوبه مع المبادرة وتسمية أعضائه الممثلين في اللجنة، فيما تذرّع مجلس النواب بتمسّكه بخارطة الطريق التي أقرّها، في فبراير الماضي، ولم يدعُ إلى جلسة برلمانية لمناقشتها، بحسب تأكيد عضوي المجلس، خيرالله التركاوي وجلال الشويهدي، في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”.
وتقضي خارطة طريق مجلس النواب بتشكيل لجنة من المجلسين (مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة)، تكون مهمتها تعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور، وطرحه للاستفتاء العام، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أساس الدستور الدائم. وفي حال الفشل في التوافق على الدستور، تتولى اللجنة صياغة قاعدة دستورية للانتخابات، ويتم إجراؤها في مدة لا تتجاوز 14 شهراً، وهو ما رفضه المجلس الأعلى للدولة.
من جهة أخرى، نشر موقع “فواصل” الإخباري، أمس الأحد، ما يفيد بأن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، انتهى من تشكيل لجنة تضم 6 نواب و6 من الخبراء في السياسة والقانون، من أجل تقديمها إلى وليامز.
وعرض الموقع أسماء أعضاء اللجنة من النواب، وهم رمضان شمبش، ونصر الدين مهنا، وصالح همة، وصالح قلمة، والمبروك الخطابي، وابتسام الرباعي.
من جانبه، عقد المجلس الأعلى للدولة اجتماعاً مساء الأحد، ضمّ رئيسه خالد المشري، والأعضاء الممثلين للمجلس في اللجنة التي اقترحتها وليامز، “من أجل مناقشة آخر التطورات المتعلقة بشأن الانتخابات والأساس الدستوري لها، والخطوط العريضة التي ينبغي التركيز عليها عند لقاء اللجنة الأخرى المقابلة من مجلس النواب، وسبل تجاوز كل العقبات التي قد تعترض عمل اللجنتين لإنجاز مهامهما في أقرب وقت ممكن”، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة.
وخلال لقائها مع عدد من الناشطين والمدونين الليبيين عبر تطبيق “كلوب هاوس”، ليل أمس الأحد، توقعت وليامز إجراء محادثات مشتركة بين اللجنتين هذا الأسبوع في تونس، بهدف التوصل إلى صياغة وإقرار قاعدة دستورية توافقية، تجرى على أساسها انتخابات عامة في البلاد.
وشددت وليامز على أهمية وجود قاعدة دستورية متفق عليها من أجل المضي نحو الانتخابات، بالتعاون مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومكتب السجل المدني، مشيرة إلى أن أي تعديل دستوري “يجب أن يكون قراراً ليبياً خالصاً، وهو ما سيتم التركيز عليه من خلال عمل اللجنة المشتركة بين المجلسين”.
ويدور هذا السجال نتيجة خلافات بدأت العام الماضي بين المجلسين حول القاعدة الدستورية، وأدت إلى إفشال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة في نهايته. أَعْقَب ذلك خلاف حاد حول حكومة جديدة كلفها مجلس النواب في فبراير الماضي، لاقت رفضاً من مجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية التي تدير شؤون البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
لم تتمكن الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا من دخول طرابلس حتى الآن
ولم تتمكن الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا من دخول عاصمة البلاد حتى الآن، في ظل رفض الدبيبة تسليم مهامه إلا لسلطة منتخبة، وإصراره على التوجه للانتخابات في يونيو المقبل، وهو موعد نهاية ولاية السلطة التنفيذية في البلاد.
بدوره، أعلن الدبيبة، أمس الأحد، عن تشكيل لجنة وطنية موسّعة تضم شخصيات مستقلة، اجتماعية وسياسية من مختلف مناطق ليبيا، تتولى قيادة حوار وطني حول مشروع قانون الانتخابات، والقاعدة الدستورية، وجمع الملاحظات على القاعدة قبل إحالتها “لمن يقررها ويعتمدها”، من دون أن يحدد الجهة التي تقررها وتعتمدها، مرجعا أسباب اتجاهه لتشكيل لجان للعمل على إعداد القوانين الانتخابية إلى “وجود ضغط شعبي يراقب ويحاسب الطامحين لتمديد سلطاتهم”، في إشارة إلى مجلسي النواب والدولة.
عقيلة صالح “قد يتجه” للمماطلة بشأن اللجنة
وحول اللجنة المنتظر تشكيلها من مجلس النواب، يتوقع المحلل السياسي فرج فركاش، الذي كان من ضمن الناشطين السياسيين المشاركين في لقاء وليامز عبر تطبيق “كلوب هاوس”، أمس الأحد، قيام رئيس المجلس عقيلة صالح منفرداَ باختيار أعضائها، واستشهد بانفراد صالح وبعض المقرّبين من النواب بصنع قرارات سابقة للمجلس.
وقال المحلل السياسي لـ”العربي الجديد”: “قد يكون النواب هم من كلفوا عقيلة باختيار اللجنة، وأعتقد أنه قد ينتهج سبيل المساومة أو المماطلة في اختيار اللجنة”. وفسّر رأيه بالقول: “الاعتقاد السائد أن رضوخ عقيلة لمبادرة وليامز في حال حصوله لن يكون من دون مقابل، فقد يساوم بالاعتراف بحكومة باشاغا في المقابل، ولكن هذا السيناريو مستبعد نتيجة الرفض الشديد الذي تلقاه الحكومة في الغرب الليبي، بسبب عدد الحقائب المهمة التي منحت لداعمي حفتر”.
وبحسب فركاش، قد يتجه عقيلة لمماطلة وليامز في أمر اللجنة، حتى يأتي موعد نهاية ولاية السلطة التنفيذية في يونيو المقبل، وعندها سيحاول تمرير حكومته، أو قد يتم اللجوء إلى تشكيل حكومة أخرى.
وأرجع المحلل الليبي سبب اختيار وليامز لتونس مكاناَ لانعقاد جلسات اللجنة الدستورية حال تشكيلها، إلى وجود مكتب للمبعوثة الأممية هناك، بالإضافة إلى القرب الجغرافي، ووجود العديد من المنظمات الدولية والأممية، فضلاً عن كون تونس المكان المرجح الأول لعقد الاجتماعات الليبية ذات الطابع السياسي، كما حدث مع جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي العام الماضي والذي قبله.
كما توقع فركاش وجود سيناريو آخر قد ينتهجه عقيلة، وهو أن تشكل اللجنة على أساس خارطة الطريق التي أقرّها مجلس النواب، ويفسر ذلك بالتسريبات التي أشارت إلى اختيار مجلس النواب 6 أعضاء من المجلس، مع 6 خبراء من خارجه، وهو ما يتماشى مع خارطة طريق مجلس النواب.