عربي 21-
أثارت الأنباء الواردة عن قيام جمهورية أفريقيا الوسطى بعرض أملاك دولة ليبيا هناك للبيع في مزاد علني، ردود فعل وكثيرا من الأسئلة حول تفاصيل القصة ودور الحكومة وشركة الاستثمار في الأمر.
وأعلنت السلطات في أفريقيا الوسطى عن عرض أصول ترجع ملكيتها للدولة الليبية للبيع في مزاد علني بعدما قضت محكمة في العاصمة بانغي، ببيع هذه الأملاك التي تشمل فندقا وعمارتين وقطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو. وخاطبت المحكمة النائب العام بأفريقيا الوسطى، لعقد مزاد علني للبيع.
“رفض برلماني”
ورفضت لجنة الاقتصاد والاستثمار بمجلس النواب الليبي خطوة أفريقيا الوسطى عرض الممتلكات التابعة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية “لايكو” للبيع في المزاد العلني، واصفة الخطوة بأنها انتهاك قانوني وأخلاقي ومحاولة لنهب مقدرات الشعب الليبي.
وحملت اللجنة مسؤولية هذه الأزمة لحكومة الدبيبة ومجلس إدارة محفظة ليبيا للاستثمار، مطالبة السلطات في بانغي بإيقاف المزاد فورا والعمل على حماية الاستثمارات الليبية، وفقا للاتفاقات المبرمة بين البلدين، مهددة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الجهات التي ستقوم بالشراء، وفق بيان وصل “عربي21”.
وتسعى السلطات الليبية منذ سقوط القذافي لاستعادة أموال مجمدة في عدة دول أوروبية وغربية وأفريقية مرتبطة بأسرة العقيد الراحل ونظامه، لكنها تفشل دوما في استعادة هذه الأموال المقدرة بمبلغ 200 مليار دولار.
“توضيح وشبهات فساد”
من جهته، كشف مستشار شؤون الإعلام بالمؤسسة الليبية للاستثمار، لؤي القريو لـ”عربي21″ تفاصيل القصة وما يقف وراء تدهور القضية حتى وصلت للبيع في مزاد علني وكذلك الخطوة القادمة.
وقال في تصريحات خاصة إن “ما يحدث في أفريقيا الوسطى هذه الأيام بخصوص الأملاك الليبية ليس بالأمر المستغرب، فالتهديد بالحجز على أصول ليبية فيها ومصادرتها أمر قائم منذ سنوات نظرا لشبهات الفساد في إدارة هذه الأصول”.
وأوضح المسؤول الليبي أن “المدير السابق للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية “لايكو” المعار والمنتهية مدته القانونية قد أبرم اتفاقيات مشبوهة مع شخصيات متنفذة بدولة أفريقيا الوسطى وتسخير عوائد الاستثمارات لشراء ذممهم (من بينهم مستشار لرئيس الدولة) وتحقيق مصالح شخصية تضمن استمرار وجود المدير السابق هناك”، وفق كلامه.
وأشار القريو إلى أن “هذه الاتفاقات تسببت في توريط الشركة في التزامات ضخمة عالية المخاطر مع موردين وخصوم تجاريين ومصارف، أهمها الدخول في اتفاقية قرض مع أحد البنوك المحلية بقيمة تتجاوز الـ8 ملايين دولار بإجراءات مزورة ومخالفة لإجراءات الاقتراض المعمول بها وبدون علم الإدارة العامة، وتعثر هذا القرض الذي وصلت قيمته إلى أكثر من 10 ملايين دولار”.
“خطوات قادمة”
وبسؤاله عن الخطوة المقبلة، قال: “نحن في انتظار التحرك السياسي والدبلوماسي للدولة لإعادة السيطرة على كل استثماراتنا في أفريقيا الوسطى، فما زالت شركة “لايكو” وبدعم المؤسسة الليبية للاستثمار الجهة المالكة لها تعمل على حماية أصول الدولة الليبية والسعي لإعادتها إلى وضعها الصحيح وفق اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المبرمة بين الدولتين”.
وتابع: “ويمكن أن تنجح الخطوة على غرار الإجراءات التي تمت لاسترجاع أصول وممتلكات أخرى (تنزانيا، غينيا كوناكري، غامبيا، السنغال، وغيرها)، ونطمح أن تلعب الجهات السيادية الليبية دورها المنوط بها في حماية أصول واستثمارات الدولة الليبية بالخارج”.
“فوضى وغياب للشفافية”
في حين رأى وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر، أنه “في ظل الفوضى والتكالب على أموال الدولة وأصولها، وضعف الحكومة واعتمادها على المحاصصة فإن أصول الدولة في الداخل مهددة بالسرقة وفي الخارج مهددة بالمصادرة خاصة في الدول التي يكثر فيها الفساد”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “الأصول مملوكة للدولة ولاحاجة لاسترجاعها لكن المطلوب أن تأتي حكومة شرعية تمثل كل الليبيين وقادرة على إدارة الاستثمارات بطريقة صحيحة، فالفشل في الاستثمارات مثله مثل باقي أركان الدولة موروث من النظام السابق إذ لم تحقق هذه الاستثمارات عائدا ماليا منذ إنشاء المؤسسة الليبية للاستثمار في 2006″، وفق معلوماته.
وأضاف الوزير الليبي: “هناك غياب كامل للشفافية في إدارة الاستثمار وكذلك قصور واضح في هذه الإدارات، لذا فإن الفساد سيكون حتما موجودا فيها كما هو الحال في أغلب مؤسسات الدولة”، وفق تقديراته.