الحرة-
على شاكلة التململ الحاصل في المشهد السياسي الليبي، يعيش قطاع النفط الحيوي في البلاد تذبذبا متواترا، تماشيا مع تبدل القيادة تارة، وتغير موازين القوى بين الأطراف المتناحرة تارة أخرى.
فقبل نحو أربعة أشهر، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا رفع حالة القوة القاهرة عن أحد موانئ النفط الرئيسية في البلاد، كانت أعلنتها بسبب رفض البنك المركزي تسييل ميزانية قطاع النفط.
وحالة القوة القاهرة تتسبب عادة في توقف عمليات إنتاج شحنات النفط الخام وتصديرها عبر ميناء الحريقة النفطي.
والأسبوع الماضي برزت خلافات، انتهت بإيقاف وزير النفط الليبي محمد عون، لمدير المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، مصطفى صنع الله، وهو ما وصفته وكالة بلومبيرغ بـ”التوترات” و”الصراعات” بين مؤسسات النفط الليبية.
شكوك
بينما تسود شكوك في إمكانية تنظيم الانتخابات المقبلة، بعد عودة المعارك بين الميليشيات المسلحة على أطراف العاصمة طرابلس، يتخوف متابعون من أن يؤثر الوضع على النشاط الاقتصادي في البلاد التي تعتمد بشكل كبير على سوق المحروقات في اقتصادها.
رغم ذلك، قال مهندسون يعملون في ميناءي النفط السدر، والزويتينة، السبت، إن الإنتاج طبيعي رغم إعلان جماعة تطلق على نفسها اسم أهالي منطقة الهلال النفطي أنها تمنع الصادرات.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، السبت كذلك، إنها وافقت على تعيين جميع موظفي شركة منافسة لها، لإنهاء الخلاف بينهما وضمان استمرار الإنتاج.
وتحاول ليبيا التي تملك أكبر احتياطات في إفريقيا، طي صفحة عقد من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 مع انتخاب حكومة موحدة لقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات المقررة في ديسمبر.
وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 وقيام المؤسسة الوطنية للنفط برفع حالة القوة القاهرة عن كل منشآت النفط في البلاد، انتعش الإنتاج ووصل إلى 1,2 مليون برميل في اليوم في ديسمبر، أي أكثر بعشر مرات مما كان عليه في الربع السابق من العام.
ومنذ ذلك الحين، استقر الإنتاج لكنه بقي دون مستويات ما قبل الحرب (1,6 مليون برميل يوميا).
تجاذبات
في العام الماضي، أغلقت فصائل موالية للمشير حفتر منشآت إنتاج النفط الرئيسية للمطالبة بتوزيع أفضل للإيرادات التي كانت تديرها حكومة الوفاق الوطني، بقيادة فائز السراج، طرابلس.
لكن فشل الهجوم للسيطرة على العاصمة دفعهم إلى التخلي عن هذا الابتزاز.
كان العام الماضي صعبًا إلى حد كبير، فقد تسبب الهجوم على طرابلس والحصار النفطي “بأخطر الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا منذ عام 2011″، وفقًا للبنك الدولي.
وتعليقا على الوضع وقتذاك، قال الباحث في الشؤون الاقتصادية كمال المنصوري، في حديث سابق لوكالة فرانس برس، إن “ليبيا تمر بتراجع اقتصادي غير مسبوق، خاصة مع الأضرار التي لحقت ولا تزال بقطاع النفط وهو المورد الوحيد للبلاد، جراء الاغلاقات المتكررة التي أثرت سلبا على إيرادات الحكومة من النفط”.
الوضع اليوم؟
تتوقع مؤسسة Global Platts Analytics زيادة التقلبات الداخلية في ليبيا، نظرا لعدم وجود توافق في الآراء بشأن العمليات الانتخابية وقلة التقدم في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة.
وقالت في مذكرة حديثة: “يظل الحصار المتقطع للحقول النتيجة الأكثر ترجيحًا، إذ لا يزال وقف إطلاق النار مهددا بسبب الاشتباكات المتكررة”.
وتوقعت هذه المؤسسة التي تقدم تحليلات تتعلق بأسواق النفط أن يبلغ الإمداد الليبي 1.1 مليون برميل في اليوم، أي 100 ألف برميل في اليوم، وهو أقل من القدرة الفعلية، حتى نهاية العام”.
بينما لا تزال المؤسسة الوطنية للنفط تأمل في ضخ ما يصل إلى 1.45 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية العام.
لكن نقص التمويل المخصص للصيانة والإصلاحات بسبب سنوات من عدم الاستقرار السياسي جعل من الصعب الحفاظ على الأصول.
وتصدر ليبيا بشكل أساسي أنواع الخام الخفيف الحلو مثل السدر والشرارة والبريقة، وتتعامل مع أسواق التصدير الرئيسية في جنوب أوروبا والصين.
وكان إنتاج النفط الخام الليبي مؤخرًا يتراوح بالقرب من 1.2 مليون برميل في اليوم، لكن كثيرين يتوقعون أن يكون الإنتاج متقلبًا في الفترة التي تسبق انتخابات 24 ديسمبر.