صورة من ليبيا (طرابلس الغرب) في العام 1800
* كتب/ أسامة وريث،
كُتب على هذه اللوحة العائدة في أصلها إلى أواخر القرن الثامن عشر؛ عبارة: TRIPOLITAN-WAR 1800 أي: “الحرب الطرابلسية سنة 1800” ويُقصد بها الحرب الطرابلسية الأمريكية بعهد يوسف باشا قرمانلي. مع أن الحرب قد بدأت فعليا في 1801
غير أنه حتى سنة 1800 كان الباشا يوسف القرمانلي، قد طالب (برفع الضريبة السنوية للأمريكيين) لتكون كالتالي:
ضريبة المباشرة حيال تعيين كل قنصل أمريكي جديد
تقديم زورق حربي كهدية أمريكية
إرسال القيمة المالية السنوية
مع هدايا وعرابين سلام
وأشياء منتظمة أخرى، والتي من بينها على الأرجح ضريبة المرور من المياه المتوسطية.
وكان القصد من ذلك، هو دفع دولة المليكان المتحدين (الولايات المتحدة الأمريكية حاليا) إلى تسديد ضرائب أعلى، لتكون مماثلة للقيمة التي تدفعها الدول الكبرى للدولة الطرابلسية (ليبيا الحالية). لكن الأمريكيين لم يكن يسرّهم سماع ذلك. لقد رفضوا بالطبع!.
(تحت وطأة هذه الظروف)، أعلنت جميع عناصر الجيش والأمن: الطبجية (رماة المدفعية) والبونباجية (قاذفي القنابل) والرياس (ضباط جند البحرية) والتريس (جند المشاة) والصبايحية (الفرسان) والكولجية (الشرطة) واللوّاجه (دورية الأمن) والشواويش والشواش (رجال الأمن الداخلي) والعسس (خفر السواحل) والهوانبة (حراس القصر) والشطّار (الحرس الخاص) وأصحاب الطرق (الوزراء والمسؤولين أصحاب الرتب في الدولة) حالة التأهب في كامل البلاد.
ثم تقدمت وبتاريخ 14 مايو 1801 عناصر من الكولجية (الشرطة) وغيرهم باتجاه مقر القنصلية الأمريكية في باب بحر طرابلس، مبادرين إلى قطع سارية البنديرة الأمريكية (علم الدولة)!. وكان القنصل الأمريكي بإيالة طرابلس: جيمس كاثكارت James Cathcart ممن شهدوا واقعة تكسير عناصر الدولة ورجال الباشا لسارية العلم الأمريكي في طرابلس. فكانت الحادثة بداية شرارة قوية، انتهت -وكما تعلمون– باندلاع أحداث الحرب الأمريكية الطرابلسية طيلة 4 سنوات كاملة 1801 – 1805.
الصــــــــــورة/اللوحــــــــــة (غير واضحة الهوية بالنسبة لي) على وجه الدقة! ومن المؤكد أن الضابط الموجود هو الكابـتن الأمريكي وليام بينبردج William Bainbridge
لكن بالنتيجة هل الصورة اللوحة في طرابلس الغرب أم بالجزائر؟! ففي الوقت الذي كُتب فيه عبارة TRIPOLITAN-WAR 1800 فقد وجدت مكتوبا أيضا وفي مجال آخر ما يلي:
William-Bainbridge-captain-of-the-George-Washington-and-later-the-Philadelphia-delivering-tribute-money-from-the-United-States-to-the-Dey-of-Algiers-in-1800-before-the-outbreak-of-THE TRIPOLITAN-WAR
وتقول الكتابة:
وليام بينبريدج كابتن جورج واشنطن، وقائد البارجة فيلادلفيا لاحقا، يسلم الجزية المالية من الولايات المتحدة إلى داي الجزائر في عام 1800 وذلك قبل اندلاع الحرب الطرابلسية.
وكان الكابـتن وليام بينبردج William Bainbridge قد كتب وهو في الأسر الطرابلسي إلى وزير البحرية الأمريكية يقول:
” تُقهرني الظروف وتُجبرني على الكتابة إليكم عن أسوأ خبر رأيته في حياتي!! وأنه لمن المؤلم أن أصرّح بأن هذا الخبر يتمثل في فقدان الباخرة فيلادلفيا التي كانت تحت قيادتي! …. وكم أتمنى أن يغفر لنا الجميع هذه الكارثة التي لا يمكن وصفها!”
يبق التساؤل: هل الباشا الظاهر بالصورة هو يوسف باشا قرمانلي، أم داي الجزائر حسين باشا داي!؟
وبالمناسبة؛ (حسين باشا داي الجزاير، هو حاكم صديق ليوسف باشا قرمانلي)، وكان قد بعث ليوسف القرمانلي، خلال مساعي باشا مصر: محمد علي باشا، بالزحف على بلاد طرابلس الغرب وتونس، بغية احتلالها. فوصلت بالتالي رسائل من حسين باي تونس، وحسين باشا داي الجزائر، تبين ليوسف باشا قرمانلي، موقفهما المتحد ضد أي اعتداء خارجي على بلاد طرابلس الغرب وعلى كامل بلاد المغارب.
وكما ورد في رسائل ودفاتر يوميات الفترة القرمانلية التي دوّنها حسن الفقيه حسن؛ يقول حسين باشا داي الجزائر، ليوسف باشا:
” بعد التحية والسلام والإكرام إلى آخره. من شان ورد علينا خبر من جانب محمد علي، والي مصر وإسكندرية؛ بأنه متوجه إلى جانب الوجاكات (أي بلدان الأقطار المغاربية) تعلم مُحبنا أنك ترد بالك من روحك! ومن بلادك ومن ناسك! ونحن إخوان جميع الذي تحتاج.. ونحن مشغولين من جانب اللعين الفرنساوي وعندنا معاه القيرة (القيرة لاتينية بلفظ مغاربي وتعني الحرب) ونترجو فيه متى يقدم علينا، مثل ما عندكم القيرة، ولو كان ما عندنا هذه الشغلة لكنا نرسلوا لكم ناسنا (جند وضباط) ولكن الخيرة في الواقع، والسلام ”