*كتب/ حسام الوحيشي،
بعد 4- 4- 2019 كان موسى إبراهيم يسمي مشروع خليفة حفتر للاستيلاء على السلطة في ليبيا “مشروع الكرامة التاريخي”، ويدعو أنصار الجماهيرية إلى التحالف مع المعتدين على طرابلس للقضاء على من أسماهم “العدو الأشرس” لمقاومة العدو الخارجي الذي اعتبره مهيمنا بشكل جزئي على المشهد في ليبيا، ويمكن هزيمته من خلال التحالف مع “القيادة العامة” التي اعتبر أنها انسلخت عن “مؤامرة فبراير” ويملأ جوفها ذوو “القلوب الخضراء”.
جاء ذلك طبعا عقب أن كتب “حان الوقت أن تنسلخ الكرامة عن فبراير”، وواصل التنظير لما دعاه ضرورة تشكيل ” التيار الوطني” الذي يضم من وصفهم بـ” الوطنيين” في كل التيارات “المقاومة” الرافضين للهيمنة “الامبريالية”، واعتبر حقن الدماء الوحيد الممكن هو “استمرار المعركة وتحقيق الانتصار الحاسم للقوات المسلحة العربية الليبية”.
اليوم يعتبر موسى إبراهيم أن “أطرفُ ما في المشهد ليس جماعات فبراير السياسية بل بعض قيادات و”أحزاب” النظام الجماهيري التي تميل مع خليفة حيث يميل: إن حارب الإخوان فهو فارس مغوار، وإن صالحهم فهو حكيم رشيد، إن تلقي أوامره من الإليزيه فهو شاطر في السياسة الدولية، وإن تلقاها من الأمريكان فهو متمكن من الدبلوماسية الغربية!
و”فتحي” عندهم عميل ناتوي مجرم منذ 2011 “متاع إحداثيات”، وفجأة في 2022 (حين تصافحَ مع خليفة) هو نتاجٌ وطنيٌّ مثاليٌّ لتوافق ليبي-ليبي بعيد عن سلطة الأجنبي والإخوان والميليشيات”!
ولكن الأطرف من مستطرفه أنه يتابع قائلا:
” أما نحن، الثابتون على العهد ضد المهيمن الأجنبي، والساعون إلى حشد الصف الوطني الداخلي مع سيف الإسلام معمر القذافي من أجل الليبيين جميعاً لتجاوز الكارثة كلها، فنصبح عندهم طلاب سلطة وأصحاب توجه قبلي وعائلي وطامعون في الحكم الفردي”.
ويتساءل موسى: “هل الحق معقودٌ بـ “كراع خليفة” يمشي معه أينما مشَى؟”
” ترى أين كانت كراع خليفة تمشي في 19 مارس 2011؟
سلم لي على البارجة الفرنسية شارل ديغول، يا رفيق!
بئس الرفاق، وبئس الفكر، وبئس المصير”.
بالطبع لا يستطيع إبراهيم طرح الاستفهام الأشد استطرافا هنا، فالدور الروسي لديه خارج نطاق الأعداء الخارجيين، وليس امبرياليا أبدا، بل أكثر جماهيرية من معمر القذافي نفسه، ومحلي أكثر من “القذاذفة” ذاتهم .
موسى إله الثوابت في السياسة، ورب اليقينيات في الفكر الجماهيري، ولم يمِل مع “كراع خليفة ولم يصفق للبارجة” شارل ديغول”.
لو راجع فقط ما كتبه قليلا لما تجرأ على شتم نفسه بهذه القسو، وما استطراف ما دبج في التبشير به آلاف الكلمات، ولوم من ساروا على درب “المشروع التاريخي” الذي عكف على زخرفته لهم، و”التيار الوطني” الذي يرفض “كراع سيف” و”مكاصير قبائل فاجنر الشريفة”، واعتبر أن العدو الأشرس بعد هزيمته على أسوار طرابلس هو (أنصار الجماهيرية) الذين يريدون خداعه والصعود على أكتافه للفتك به، ويتعاملون مع حفتر كأنه طفل ساذج يجب أن لا يدرك مؤامرتهم وما يحيكونه، ليواصلوا حفلة الرضا عنه وترقيصه واعتباره “تاريخي”.
اللعبة تستمر وباشاغا اليوم هو موسى إبراهيم الأمس، والدبيبة اليوم هو موسى إبراهيم اليوم، وحفتر الأمس هو حفتر اليوم، والعدو الأشرس يتنقل كعادته السياسية المبرحة، والاقرب لموسى اليوم هو عبد الحميد، ونوايا كسر العظم والأحضان الزائفة بين الخصوم والأصدقاء والأحباب والألداء هي قانون المراحل وحكاية التاريخ الراسخة.
إلى حين التوافق غير الكاذب.
والوطنية الحقيقية
وموت الطموح الفردي .
وولادة الوطن .
أو انبثاق الذئب الوحيد ..
ورضوخ الشياه .