* كتب/ عبدالله الكبير،
فيما يقترب الموعد المحدد من المفوضية العليا للانتخابات الليبية، لاستلام القاعدة الدستورية لانتخابات ديسمبر حتى يتسنى لها الشروع في تنفيذها، لم تزل الخلافات قائمة، ولم يتوصل الفرقاء إلى توافق مقبول حول قاعدة الانتخابات.
ولايبدو أن ثمة أمل في التوصل إلى رؤية نهائية يعتمدها مجلس النواب ويحيلها للمفوضية.
استمرار الخلاف بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب متوقع بالنظر إلى تجارب سابقة فشلا فيها في حل الإشكاليات العالقة بينهما، غير أن عجز ملتقى الحوار السياسي في حسم موضوع القاعدة الدستورية لم يكن متوقعا، لأن الملتقى نجح في رسم خارطة طريق المرحلة المقبلة، والملتقى هو من حسم قضية تجديد شرعية السلطة بتحديد موعد الانتخابات، ثم حسم اختيار السلطة الجديدة وشكل المجلس الرئاسي الجديد مع حكومة الوحدة الوطنية. وهي خطوة لم تكن سهلة قياسا بحدة الصراع، وتزاحم المنافسين، وحجم التدخلات الدولية.
المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش عبر عن خيبة أمله من إخفاق الملتقى في تحديد القاعدة الدستورية، معلنا العودة لمجلس النواب يدعوه لإنجازها خلال أسبوعين. ولأن الانقسام مستمر في مجلس النواب، وعزوف أكثر من نصف أعضائه عن حضور الجلسات حتى بعد توحده، والخلافات الطارئة بين رئيسه ونائبه الأول، فمن غير المتوقع نجاح المجلس في إنجاز هذا الاستحقاق، وهذه العقبة الأولى.
العقبة الثانية هي ضرورة التوافق مع المجلس الأعلى للدولة حولها قبل اعتمادها، وإحالتها للبعثة الأممية والمفوضية. موقف مجلس الدولة أو مقترحاته مختلفة كليا عن رؤية رئيس مجلس النواب والنواب الموالين له، الذين ربما يعتمدون قاعدة دستورية تلائم تطلعاتهم، من دون اكتراث برفض مجلس الدولة وبقية النواب، أو بقانونية الجلسة، ما قد يفتح الباب للطعن فيها أمام القضاء، وتبقى الشرعية محل خلاف وجدل حتى لو جرت الانتخابات. ومن دون تجاهل العزوف الشعبي عن المشاركة فيها، أو قيام بعض الجهات النافذة بتعطيلها بالقوة في بعض الدوائر الانتخابية، إذا اعتمدت القاعدة الدستورية من دون توافق وتأييد شعبي واسع.
بموازاة هذا التجاذب والخلاف ينشط أعضاء لجنة الدستور مع عدد من منظمات المجتمع المدني في الدعوة لطرح مسودة الدستور على الاستفتاء قبل الانتخابات، ورغم عدم حماس البعثة الأممية والقوى الكبرى لهذا التوجه وتركيزهم على إجراء انتخابات بقاعدة دستورية تتوافق عليها القوى السياسية الرئيسية، إلا أن تأييد قطاعات واسعة لهذا التوجه قد يدفعهم إلى تبنيه مع استمرار فشل لجنة الملتقى السياسي أو مجلسي البرلمان والدولة في التوافق.
المحصلة نحن إزاء ثلاثة مقترحات أو أربعة لقاعدة الانتخابات. انتخابات تشريعية فقط، أو انتخابات تشريعية ورئاسية مع عدم حسم طريقة انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة أم من مجلس النواب عقب انتخابه. اعتماد الدستور كقاعدة دستورية مؤقتة لدورة برلمانية واحدة، يقوم المجلس المنتخب الجديد خلالها في معالجة المسودة والاستفتاء عليها. ويحظى المقترح الأخير بدعم عدد لابأس به من أعضاء مجلسي النواب والدولة.
من غير المرجح حسم الخلاف واعتماد قاعدة دستورية في الموعد المحدد من المفوضية العليا للانتخابات. فهوة الخلاف واسعة ولم يتبق إلا القليل من الوقت. ولم يظهر رئيس مجلس النواب الاهتمام المطلوب، فدعوته لانعقاد المجلس الاثنين المقبل الرابع عشر من الشهر الجاري لم يتضمن جدول أعمالها مناقشة هذا الاستحقاق، بل سيكون النقاش حول الميزانية والمناصب السيادة، ما يعني المزيد من المماطلة والتأخير.
الوقت يضغط، والعقبات في طريق القاعدة الدستورية عديدة، ومؤتمر برلين 2 حول الأزمة الليبية المقرر انعقاده في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، ربما لن يجد ما يناقشه في بند الانتخابات إذا لم يتضمن جدول أعماله القاعدة الدستورية، ومن ثم سيكون المؤتمر بين خيارين. الأول هو توافق الحاضرين على منح مهلة أخرى للأطراف الليبية لتوفير هذه القاعدة، مع احتمال تأجيل موعد الانتخابات بضع شهور. والآخر هو الاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في موعدها دون تأخير، ودعوة الأمم المتحدة للإشراف عليها بالتعاون مع المفوضية الوطنية للانتخابات. والتلويح بالعقوبات في وجه المعرقلين.