* كتب/ خالد الجربوعي،
رغيف الخبز الذي يعتبر الوجبة الأساسية لكل العائلات الليبية دون استثناء، ويعتبر مقياس لارتفاع الاسعار وانخفاضها.. هذا الرغيف تحول في السنوات الأخيرة إلى أحد أهم المقياس للمقارنة بين الماضي والحاضر وبين ما كان وما يحدث اليوم، وأصبح جزءا من الأزمات المعيشية التي يعيشها المواطن الليبي يوميا بسبب تغير أسعار هذا الرغيف بشكل متواصل ودون استقرار لسعر ثابت كما كان يحدث في الماضي.
وليت الأمر توقف هنا بل تجاوز كل ذلك بعدم توحيد حجم الرغيف ووزنه بين المخابز، حيث أصبح كل مخبز يضع الوزن والحجم الذي يناسب صاحبه ومن يصنعه دون أي التزام بالحجم أو بالوزن المفترض أنه محدد من الجهات الرسمية ولو نظريا على الورق فقط.. دون أن ننسى نوعية الرغيف ومدى مطابقته للمواصفات الصحية والجودة المطلوبة، حيث أصبحت عديد المخابز تنتج خبزا ربما لو نطق الحيوان “الذي يقدم له جزء من هذا الخبز” نفسه لرفض هذه النوعية..
وطبعا كل ذلك يتم في غياب شبه تام من الجهات الرسمية والرقابية التي لا نراها إلا عبر الشاشات وفي التصريحات والقرارات، ومن خلال حملات موسمية لا تغير من المشهد والوقع شيئا.. حتى أصبحت أسعار الخبز مثل أسعار الدجاج والبيض كل يوم بسعر وحجم، فمن لا يرفع الأسعار يقلل في الحجم وكل مخبز يفعل ما يحلو له..
أما النوعية والجودة فحدث ولا حرج في جل المخابز.. أما الجهات المسؤولة والأجهزة الرقابية فلا مكان لها ولا علاقة بكل ما يحدث.. فقط مجرد قرارات وهمية لا تتجاوز المكان الذي وقعت فيه أو تصريحات لا معنى لها لا تغادر الشاشات التي قيلت عبرها.. وكأن الأمر لا يعنيها، حتى في مراقبة الحجم والجودة على الأقل بعد أن فشلت في تحديد الأسعار ومتابعاتها.. ليبقى المواطن هو من يدفع الثمن مالا وصحة ..
فرغم عديد المحاولات في فترات ماضية من الجهات الرسمية والرقابية للتعامل مع أصحاب المخابز من خلال عقد الاجتماعات من أجل الوصول إلى حلول في موضوع توفير الخبز ونوعيته وحجمه وأسعاره، خاصة في فترة ارتفاع أسعار الدقيق ونقصه بالسوق، وكانت هناك اجتماعات متواصلة واتفاقات متعددة حول الأمر، فحددت الأسعار والحجم والعدد لكل دينار وغيرها، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح اليوم.. فلا الأسعار احترمت ولا الأوزان كانت كما المطلوب، رغم انخفاض أسعار الدقيق وتوفره في كثير من الأحيان، إلا أن لاشيء يتغير، لا النوعية ولا الجودة التي حدث ولا حرج فهي آخر ما يمكن أن تجده في جل المخابز، خاصة تلك التي في الشوارع الفرعية والبعيدة عن الأنظار الرسمية.
ولعل ما تكتشفه الحملات التفتيشية الغير منتظمة والمتقطعة من فساد في نوعية وجودة الخبز ومن يقوم بتصنيعه من عمالة لا أعتقد أن له أي خبرة بهذا المنتج عندما قدمت من بلادها، وما قد تحمله من أمراض وعدم نظافة وغيرها، خاصة في ظل غياب أصحاب المخابز أو جلها على الأقل عن مخابزهم وترك الأمر لغيرهم لمتابعة كيفية العمل ونوعية الجودة.
فهل انتصرت المخابز عل كل الجهات الرسمية والرقابية وأسقطتها من حسابها وأصبحت صاحبة الكلمة الأولى لتفعل ما تريد وما يحلو لها برغيف المواطن دون حسيب أو رقيب، من رفع الأسعار متى يحلو لها، إلى غياب الحجم المناسب حسب الوزن المفترض والمطلوب للرغيف، وغياب النوعية والجودة المطلوبة دون أي اعتبار لذلك، أو خوفا من محاسبة أو شعورا بمسؤولية ما تقدمه للمواطن.
فأين كل هذه الجهات التي تنشط يوما وتختفي دهرا من متابعة الأمر في كل نواحيه والعمل على توفير رغيف خبز نظيف بجودة عالية وسعر مناسب ووزن محدد دون تلاعب أو سرقة.. ؟؟!! أم أن الأمر آخر هم الجميع إلا عبر الشاشات والقرارات والتصريحات الوهمية..؟؟!!
إقرأ أكثر للكاتب: