* كتب/ خليفة البشباش،
لا أستغرب أن يظهر هذا الافتتان المبالغ فيه بشخص بوتن وأفعاله من قبل فئات من الناس، خصوصا تلك الفئة التي لم تتوقف أصلا عن إدراج صور زعيم النازية هتلر واقتباساته الوهمية عن الخيانة والشجاعة وترى فيه صورة البطل لا المجرم العنصري الذي قاد العالم إلى مأساته الكبرى، لا حرج.
ما يثير اشمئزازي، هو النخبة اليسارية، إن صح هذا التعبير، وهم في أغلبهم كتلة متنافرة من طفيليات المستبدين القدامى، ودائما ما يرفعون شعارات النضال ضد الامبريالية والتدخل الخارجي إلخ، بينما تصيبهم نشوة ويشرعون في حفلة تصفيق هستيرية تجاه التحركات الروسية إضافة إلى حالة شبق تنتاب كثيرا منهم بمجرد رؤية وجه بوتن “الصبوح”.
تتخذ روسيا مسارا توسعيا مماثلا تماما لما اتبعته الإمبريالية الغربية، فهي لم تتوقف عن احتلال البلدان المجاورة لها، بينما تزرع قواعدها العسكرية في مشارق الأرض ومغاربها، ومن لا يعرف القواعد الروسية بل الاحتلال الروسي لسوريا؟
إضافة إلى ذلك.. تتبع روسيا في إفريقيا خطوات فرنسا حذو القذة بالقذة.. فلدى روسيا تواجد وتدخل عسكري في كل من ليبيا وتشاد والسودان ونيجيريا والنيجر ومالي إلخ إلخ، وهي تستثمر هذا التواجد سياسيا واقتصاديا، ولم تتوقف الشاشات عن عرض المجازر الروسية يوما.. منذ أيام اجتياح غروزني إلى قصف حلب وليس انتهاء بالمشاهد الحالية، حيث قسمت روسيا للتو دولة، وشرعت في غزوها، وأنشأت داخلها دويلتين عميلتين لها لم يعترف بهما أحد سوى موسكو والقصر الجمهوري في دمشق، وهو وإن كان قصرا في المسمى إلا أنه ليس أكثر من مجرد دورة مياه في الطابق الأرضي للكرملين.
الشاهد من الحديث هنا، أن تقسيم الدول، واحتلالها، ونشر القواعد العسكرية، وممارسة النفوذ الفاسد للتدخل في شؤون الدول، وغزو واحتلال البلدان، وقتل وتشريد الملايين طيلة عقود.. هو سلوك جميل جدا ومقبول لدى اليساريين والناصريين والقوميين (افتح قوس وضيف جميع الوهميين) طالما أنه يصدر من بوتن.
دعونا نتجاهل الجيش الذي يجتاح دولة للتو، ونتحدث عن تصريح أحد الموظفين في الخارجية الليتوانية.. انظر لاستفزازات الناطو يا أخي؟ يقول صديقنا اليساري التافه..
للكاتب أيضا:
رأي- لماذا مات الليبيون جوعا بينما كان البحر مليئا بالأسماك؟