* كتب/ محمد الجمل،
– يأكل باليسار يا بابا .. حرام عليه ..
– من قالك حرام؟
– شفت الشيخ على اليوتيوب .
بصراحة.. توقفت.. ذُهلت.. مش خاطر على البال ..
قد يقول قائل.. ما شاء الله عليه.. هذا فيه بذرة طيبة ويحب الخير للناس، ويحرص عليهم وينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف ..
بالنسبة لي الأمر مختلف تماما وأراه من زاوية أخرى.. أرى أن هذه بذرة خبيثة.. من غير المعقول ذلك الفهم المسطح للدين الذي ينشره أتباعه.. وما معنى أن تأكل باليمين يا بني وأنت تدوس برجلك بسكويت أختك الملقى على الأرض؟.. وتلقي بواقي صحنك في القمامة؟.. وبقايا السندويش في سلة المهملات بالشارع.. كُل كما يحلو لك لكن احترم الطعام واشكر الله على فضله أولا..
تذكر أن هناك أطفال يموتون بالجوع حول العالم.. ومساعدتهم يفترض أن تكون فريضة، وخذلانهم يفترض أن يكون حراما.. ابتعد بني عن القشور واهتم باللب فهذا أنفع وأجدى في الدنيا والآخرة لك ولغيرك ..
جارنا يصلي الفجر جماعة ويصوم رمضان جوار الكعبة لكنه لا يدفع أجور العمال! أية قيمة لتعبده؟. والآخر يبيع الأسباخ بعد ردمها وتقسيمها ولا تفوته تكبيرة الإحرام في الفجر؟ أية قيمة لصلاته؟
والثاني يؤم الناس وله صوت عذب وتدور حوله شبهات فساد لأنه فاج فوجان خميرة بدون سابق شغل ولا إرث ولا نياق جده باعها؟
والآخر يحرم أخواته من الميراث..
والرابع يسرق مقدرات الدولة..
والآخر يرسى المشاريع على شركة صديقه ليأخذ نسبة،، وغيرها ملايين الطرق للظلم والنهب والنصب والفساد والربح السهل السريع وفي نفس الوقت محافظة على العبادات بطبيعة الحال ..
الحقيقة أن المشكلة متأصلة وخطيرة.. ومقاومتها شبه مستحيلة.. فنحن لا نعرف فقه الأولويات ولا نهتم بالأساسيات.. يهمنا فقط الزواق اللي من بره.. القشور.. السطحيات.. النفاق الاجتماعي.. وكأن رب العباد طفل نخدعه بحركات أو تمتمات صباحية ومسائية تكفر الذنوب ولو كانت مثل زبد البحر.. أو صيام يوم نكفر به سنة قبل أو بعد أو عشرة ثم “دير ما تبي”.. تعالى الله عمّا نصف ..
ويظل الشرط الرهيب.. ( إلا من أتى الله بقلب سليم) .
