التائهون
* كتب/ يوسف أبوراوي
بدأت أبتعد قدر المستطاع عن جدالات الإسلاميين والقوميين وغيرهم لأنها جدالات عقيمة ومكررة.. لكن ما يثير التساؤل فعلا بخصوص شعوب المنطقة العربية هي لم فشل عندنا القوميون والدينيون والعلمانيون والعسكريون بينما نجحت بأشكال مختلفة نماذج تتبنى نفس الدعوات في أماكن أخرى من العالم وإن لم تتبنى النموذج الديمقراطي الغربي تماما؟
الصين وروسيا وإيران وتركيا وماليزيا نماذج للنجاح بشكل أو آخر.. لم نحن الاستثناء في هذا الكوكب؟… ألا يدل ذلك على خلل جوهري يتجاوز المذاهب والأحزاب والدعوات.. ما الذي جنيناه برفع دعوات إسلامية وعلمانية وقومية ونحن نتخذ هذه الدعوات شعارات للتقاتل والتدابر والهدم.. هل من عاقل يصدق أن عبدالناصر حارب في اليمن لنشر التطور والتقدم؟.. أو أن السعودية والإمارات تحارب قطر لأنها تدعم الإرهاب؟… وهل من عاقل يصدق أن القذافي كان يحارب تشاد أو مصر لأنه ينشر العدالة والحرية؟.. وهل اكتشفنا بعد ثورات الربيع العربي أن مجرد رفع شعار “الثورة هي الحل” لم يزدنا إلا تشرذما كما فعل من رفع شعار أن “الإسلام هو الحل” وكما فعل من رفع شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة؟..
هل أدركنا أن خللنا في فهمنا للإسلام والثورة والإرهاب والعلمانية والتقدم هو خلل جوهري؟.. وأن مجرد ترديدنا لكلمات بلا معنى لا ينتج إلا مزيدا من الفوضى في مجتمع فوضوي العلاقات من الأساس.؟..
إنساننا لا يزال هو إنسان مابعد الموحدين بمصطلح مالك بن نبي.. لازال مهزوما مأزوما ينفق وقته في جدالات عقيمة حول الإسلام والعلمانية والجنس وغيرها.. في حين أنه لا يعمل شيئا ولا ينتج جديدا.. هنيئا لتركيا العلمانية بفوز أردوغان الإسلامي الذي صوت له الكثيرون من غير الإسلاميين لأنهم يؤمنون بأنه جدير بالانتخاب؛ لأنه وفر لهم وسيلة المواصلات وأبعد عنهم البطالة.. وهنيئا لنا نحن بفتح ساحة جديدة للنقاش العقيم بنفس المصطلحات القديمة التي تجاوزها الزمن والشعوب، ولا زلنا نحن ندفن رؤوسنا في غبارها؛ لأننا لا نتقن غيره.. ولله الأمر من قبل ومن بعد !!