الرئيسيةالراي

رأي- أن نعيش بين عقد صنعتنا وأخرى صنعناها!!

* كتب/ يوسف أبوراوي،

بين واقع حقيقي معاش، وواقع افتراضي متخيل، نعيش فيما يشبه الانفصام..

العالمين هما انعكاس لنا على كل حال، الأول هو من صنعنا، بينما الثاني نحن من صنعناه.. الغريب هو هذا التفاعل الكبير بين هذين العالمين عبر ذواتنا بأشكال متنوعة مختلفة.. يبدو أن رداءة الواقع المعاش جعل من هذا الواقع المتخيل متنفسا لكثير من الإحباطات والعقد.. فكثيرون اكتشفوا فيه منبرا وقناة لصوت مقموع ليس من السلطات وحدها، بل عبر شبكة علاقات محاصرة للكلمة تحكم كامل مجتمعنا.. كما أن العلاقة المأزومة بين الجنسين وجدت مساحة تعبر فيها عن نفسها بعيدا عن أعين الرقباء.. وكثيرون اكتشفوا أن لديهم قدرات كتابية تعبيرية لم يكونوا ليكتشفوها لولا هذا الفضاء.. بينما استغله الأذكياء والتجار للترويج لبضائعهم بداية من المأكولات والملابس وليس نهاية بالأفكار والرؤى الدينية والسياسية.

رغم أن كل ذلك قد يبدو طبيعيا إلا أن مقارنة صفحاتنا الزرقاء بصفحات غيرنا من الأمم يعكس الاختلاف في الأمزجة والعقول والنفسيات.. والأهم هو كمية العقد التي تحكم هذه الصفحات.. فمعظم ما نقوم به نفعله بطرق التفافية بهلوانية وعبر حيل نفسية معروفة.. بينما لو رجعنا إلى صفحات أشخاص عاديين من غير مجتمعنا لما وجدنا أكثر من بعض الصور التي ترصد بعض هواياتهم أو رحلاتهم ولا شيء غير ذلك..

أزعم أن ذلك يعكس بساطتهم وتعقيدنا.. ليس على المستوى الشخصي.. بل على المستوى الجماعي المجتمعي.. لازال يحكمنا مزاج يركز على الكلمة والقول ويهمل العمل، ثم يريد استعراض ما عجز عن تنفيذه في واقعه على صفحات وهمية يستجدي بها الإعجاب والتعليق ليكون بديلا عن الإعجاب والنقاش لمنجزات حقيقية.. بينما هم يقضون أوقاتهم في العمل والإنجاز، وما تحويه صفحاتهم هو أنشطة أوقات الفراغ لا أكثر ولا أقل.

بل بلغ الأمر بالبعض أن يرتدي العديد من الأقنعة والوجوه ليلقى القبول فيما حبس نفسه فيه من المجموعات الوهمية التي ينتمي إليها.. فتراه يلبس قناع الظرف والإتيكيت ليثير إعجاب الجنس الآخر.. أو قناع العلم العميق والتخصص الدقيق ليقال إنه عالم في مجاله.. أو قناع التخصص ومعرفة حلول الأزمات وكتابة الوصفات لمشاكل الدولة لعله يثير إعجاب مسؤول ليعينه مستشارا لديه.. أما الأدهى والأمر فأولئك الذين يرتدون قناع الوطنية والدين لتسويق أنفسهم كخيارات سياسية أو دينية..

كل ذلك إنما هو من تجليات الفراغ الروحي والعقلي.. وغياب النضج والاستقرار في مجتمعات أدمنت القلق وتعيش في هلع حقيقي تحاول إخفاءه باصطناع معارك وهمية هنا وهناك!!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى