العربي الجديد-
كشف رئيس هيئة الرقابة الإدارية الليبية، عبد الله قادربوه، عن أزمة تضخم وظيفي غير مسبوقة في القطاع العام الليبي، حيث حذّر من أن فاتورة الرواتب قد تصل إلى 100 مليار دينار (سعر الصرف 4.8 دنانير)، مع استمرار التوظيف العشوائي.
وأوضح قادربوه خلال اجتماع ضم وزراء التخطيط والمالية والتعليم العالي، لمناقشة قرار الهيئة إيقاف إجراءات التعيين والتعاقد في القطاع العام، أن التعيينات الحكومية توقفت رسمياً منذ عام 2020، إلا أن مخصصات الأجور شهدت قفزة هائلة من 21 مليار دينار في 2020 إلى 67 مليار دينار، مع نهاية 2024، ما يعكس استنزافاً متزايداً للمالية العامة في ظل ضعف التخطيط والرقابة.
ورأى خبراء أن العشوائية في التوظيف تمثل أحد أبرز معوقات الإصلاح المالي في ليبيا، إذ قال المختص في شؤون العمل، علي صالح، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إن تضخم الأجور مقارنةً بالإنتاجية الفعلية يشكل تحدياً رئيسياً أمام الحكومة، مؤكداً أن معالجة هذه الأزمة تتطلب إعادة هيكلة الوظائف وربطها باحتياجات سوق العمل، إضافة إلى تطوير أنظمة رقمية لمراقبة الأداء الوظيفي وضبط الإنفاق العام.
وفي السياق ذاته، أوضح المحلل المالي، صبري ضو، أن مخصصات الرواتب باتت تشكل نحو 54% من إجمالي الإنفاق العام لعام 2024، وهو مؤشر خطير يعكس حجم التشوه في هيكل المالية العامة. وأشار إلى أن نحو 30% من سكان ليبيا يعملون في القطاع العام، وهو رقم مرتفع للغاية مقارنةً بالمعايير العالمية، ما يعكس وجود بطالة مقنعة ناجمة عن توظيف غير رشيد وأهداف سياسية قصيرة المدى.
وأضاف ضو أن سياسات التوظيف العشوائي غالباً ما تكون مدفوعة باعتبارات سياسية أو لتوسيع قاعدة الدعم الحكومي، محذراً من أن استمرار هذا النهج من دون إصلاحات جذرية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم. وفقاً للبيانات الرسمية، بلغ عدد الموظفين الحكوميين في ليبيا 2.5 مليون شخص حتى نهاية يونيو 2024، ما يمثل 31% من إجمالي السكان.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور 900 دينار ليبي، أي ما يعادل 187 دولاراً، ما يعكس التحديات الاقتصادية التي تواجهها شريحة واسعة من العاملين في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة. في ظل هذه الأوضاع، تواجه ليبيا معركة صعبة في سبيل إصلاح هيكلها الإداري والمالي، وسط دعوات متزايدة لوضع سياسات تشغيلية أكثر كفاءة، وإيجاد حلول مستدامة تحدّ من تفاقم أزمة التوظيف وتداعياتها الاقتصادية.