اخبارالرئيسيةعيون

الموت في الخارج… مرضى ليبيون يدفعون ثمن الفساد

العربي الجديد-

بدلاً من العلاج في الخارج، يموت مرضى ليبيون بسبب فساد القائمين على ملف مداواتهم على نفقة بلادهم، وتنهب أموالهم على يد سفراء ومسؤولين ومن ثم تنفد المخصصات وتطردهم المستشفيات بسبب تراكم ديون السفارات والقنصليات.

– توفي نجل الليبي محيي الدين السريديك، البالغ من العمر 12 عاما جراء عدم استكمال جلسات العلاج الاشعاعي في مستشفى الحسين بالعاصمة الأردنية، إذ تلقى في فبراير 2022 أربع جلسات من أصل تسع كانت ضمن خطة العلاج، قبل أن يبلغ المشفى والده بوقف العلاج، بسبب تراكم ديون السفارة الليبية.

“حينها نصحني الطبيب المعالج بإكمال علاج طفلي على حسابي الخاص لكني عجزت عن ذلك لعدم توفر المال”، يقول السريديك، لـ”العربي الجديد”، مضيفا بحزن: “السفارة أبلغتني أنها ستحول ملفه إلى دولة أخرى لكن الطفل توفي بعد 28 يوما من مغادرة مستشفى الحسين”. ويتابع: “طفلي حرم فرصته في الحياة، رغم اعتماد الدولة الليبية أموالا طائلة لعلاج المرضى على نفقتها”.

وبلغت قيمة مخصصات العلاج في الأردن 15 مليون دينار ليبي (3.1 ملايين دولار أميركي) في عام 2022، لكن رافق “صرف الأموال المخصصة للمكتب الصحي بالسفارة الليبية في عمان، ضعف شديد في أداء المراقب المالي السابق، ومن ذلك اعتماده على نظام الصرف بدفعات تحت الحساب للمستشفيات دون تسويتها أولا بأول ما ترتب عليه عدم معرفة الرصيد المالي الحقيقي لدى الملحقية الصحية والمستشفيات المتعاقد معها ولم يتم إرفاق ما يفيد متابعة الملحق الصحي للحالات المرضية خلال فترة علاجهم في الساحة الأردنية”، بحسب ما يكشفه تقرير ديوان المحاسبة (أعلى سلطة رقابية في ليبيا) لعام 2022 والذي حصل عليه “العربي الجديد”.

“ومن خلال فحص عينة من أذونات الصرف وكشوفات المرضى الذين تم علاجهم بالمستشفيات الأردنية وإجراء مطابقات بين حالات المرضى عن أكثر من مستشفى، تكشف وجود تكرار الصرف على نفس حالات المرضى وعلى ذات الفترة”، بحسب التقرير ذاته، مشيرا إلى عدم “اتضاح أي أثر ملموس ومعالجة جوهرية من قبل الحكومة ووزارة الصحة في موضوع تعثر عملية العلاج بالساحة الأردنية وتراكم الديون، وتدهور وضع المرضى”.

كيف يحصل الفساد في العلاج بالخارج؟

بلغت مصروفات بند العلاج في الخارج 664 مليون دينار ليبي (137 مليونا و236 ألف دولار أميركي) في عامي 2021 و2022، بحسب ديوان المحاسبة. ورغم ذلك، “يعاني البرنامج قصورا وسوء إدارة في أغلب الساحات العلاجية (الدول التي يوفد إليها المرضى) إذ تتصف عملياته بغموض في آلية الدورة المستندية وخاصة في مراحل العلاج ليجري استنزاف الموارد من خلال تضخيم الالتزامات والديون على الدولة نتيجة الفساد والمبالغة في تحديد القيم المالية التقديرية للمباشرة في العلاج من قبل مزودي الخدمة والذين يستغلون ضعف الإشراف وانعدام المتابعة لرحلة علاج المريض رغم الأعداد الكبيرة من الموظفين في كل الملحقيات والتي تستنزف الودائع المحالة لغرض العلاج، كمكافآت ومصروفات إقامة وإعاشة وتنقلات وتذاكر سفر”، بحسب ما يؤكده تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021.

ويستند التقرير إلى العلاج في مصر كمثال واضح على التلاعب بالمخصصات، إذ يشير إلى “وجود شبهات ومخالفات في علاج المرضى من قبل المكتب الصحي بالقاهرة والذي يختار مزودي خدمات علاجية بقوائم أسعار عالية دون النظر إلى مستوى جودة الخدمة”، وبالفعل تم الوقوف على حالات مبالغ فيها بنسب تتراوح بين 30 بالمائة و400 بالمائة وفق العينات التي تم فحصها ومراجعتها، ومن أمثلة ذلك تحديد قيمة علاج مريض ليبي يعاني من ورم ليمفاوي بمبلغ 350 ألف جنيه مصري (11,306 دولارات أميركية)، وبعد أن لجأ المريض للعلاج على نفقته الخاصة بسبب مماطلة المكتب الصحي وجد أن تكلفة علاجه 45 ألف جنيه (1453 دولارا)، ما يشير إلى تضخيم قيمة العلاج من قبل المكتب الصحي. كما يتم استغلال الحالات التي تحصلت على موافقات من إدارة الشؤون العلاجية للصرف باسمها على حالات أخرى.

وبالإضافة إلى ما سبق تتم المبالغة في أعداد المرضى والقيم المالية اللازمة لعلاجهم في ظل تضارب في البيانات وتكرار في الأسماء والمعاملات والصرف لنفس الحالة عبر أكثر من مزود خدمة علاجية في نفس الوقت، ويؤكد التقرير أن المكتب الصحي في القاهرة أبرم عقودا مع شركات بالباطن لإدارة الخدمات الطبية بالتكليف المباشر دون الحصول على موافقة من وزارة الصحة، لتتقاضى هذه الشركات دفعات مالية مقدمة ولا تضيف أي ميزة. كما تبين أن هذه الشركات غير مقيدة في الجهات الرسمية المصرية ولا يوجد لها تصريح مزاولة نشاط إدارة الخدمات والنفقات الطبية.

اللافت أن وزارتي الصحة في حكومتي الشرق والغرب، استغلتا حالة الحرب التي شنها حفتر على طرابلس في إبريل 2019، كونها حالة طوارئ تجيز لهما العمل وفق استثناءات من لائحة العقود الإدارية ومن ثم جرى تكليف شركات محددة دون محاضر ترسية لاختيار الأفضل منها بحسب معيار قدراتها وتاريخها الخدمي، كما يقول عطية بن جبران، رئيس قسم شؤون المرضى بالسفارة الليبية في أوكرانيا (تولي رئاسته بين عامي 2014 و2015)، موضحا لـ”العربي الجديد” أن هذا التجاوز، سمح للسفارات هي الأخرى بالتعاقد مع الشركات الوسيطة دون الرجوع لوزارة الصحة.

وخلال العام 2023، “أحال مصرف ليبيا المركزي أكثر 248 مليون دينار (51 مليونا و257 ألف دولار) ديوناً سابقة، مع وجود مطالبات جديدة بديون للعلاج بالخارج وصلت قيمتها إلى 87 مليون دينار (17 مليونا و981 ألف دولار)”، وفق رسالة (رقم 1262/16)، موجهة من محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق عمر الكبير، إلى النائب العام في الثاني من أكتوبر 2023، والتي طالبت بـ”اتخاذ الإجراءات القانونية التي تكفل وقف هذا النزيف وضمان وصول الأموال إلى مستحقيها وفقا لمعايير واضحة وآلية محددة”.

تفاقم الفساد

يعد الانقسام شرقا وغربا أحد أسباب الفساد في ملف العلاج بالخارج، إذ كانت لكل حكومة وزارة للصحة ولجان للجرحى توفد كل منها مرضى للعلاج بالخارج دون ضوابط، بحسب إفادة عائشة بكار المستشار القانوني للجنة الصحة في المؤتمر الوطني العام (البرلمان خلال الفترة من عام 2012 وحتى 2014)، وبالتالي استغلت الملحقيات الصحية واللجان المشرفة على العلاج في السفارات الليبية، حالة الانشغال بالحروب في إقرار ملفات دون علم المختصين في الداخل، رغم صدور قرارات عدة لتنظيم ملف العلاج بالخارج، ومنها رقم 616 لسنة 2013، بشأن تنظيم عمل اللجان المشرفة على علاج الجرحى بالخارج.

وفي العام 2014، صدر قرار (رقم 69) وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة شرق ليبيا، بتبعية إدارة شؤون الجرحى المنطقة الغربية لها، على أن تكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، بحسب القرار الصادر في الثامن من فبراير 2014.

لكن هذه القرارات شابتها مخالفات مثل إيفاد لجان الجرحى، أشخاصا للعلاج الطبيعي والتنحيف وتكميم المعدة وعمليات التجميل، دون علم وزارة الصحة، بحسب تأكيد عبد الحكيم جلهوم والذي عمل رئيسا سابقا للمكتب الفني في إدارة التفتيش والمتابعة بوزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني غرب البلاد (شغل المنصب حتى يوليو 2017).

و”تم علاج أفراد من أسر الجرحى بالخارج دون رسائل إيفاد من وزارتي الصحة في حكومتي الشرق والغرب، وأجريت عمليات تجميل الأسنان والعيون لهم”، حسب بن جبران، والذي أكد أن لجان الجرحى كانت تحول فواتير العلاج دون تحديد أنواع المرض، لنعلم عند سداد المستحقات أنها لأمراض الأسنان والعيون في مستشفيات أوكرانية خاصة، فضلا عن إضافة طلاب في أوكرانيا إلى قوائم العلاج رغم تمتعهم بتأمين صحي خاص.

إخفاق وزارة الصحة

في 24 يونيو 2014 أصدر وزير الصحة في الحكومة المؤقتة نور الدين دغمان، قرارا (رقم 1141) موجها إلى الملحقيات الصحية بالسفارات يوصي باستبعاد علاج الأسنان والعلاجات التجميلية والأمراض النفسية، وإغلاق ملف المريض بعد انتهاء علاجه، مستندا في ذلك إلى تقارير من السفارات الليبية والتي طالبت بتحديد نوع المرض للموفدين.

لكن “قراري الوزير خير دليل على فوضى الملف وإخفاق وزارة الصحة، إذ كان عليها أن تحدد أنواع الأمراض التي يسمح فيها بالعلاج في الخارج، بدلا من أن تخاطب الملحقيات لتستثني أمراضا معينة، كون الوزارة هي من تصدر رسائل الإيفاد”، بحسب ما يراه أشرف البهلول، وكيل رئيس الملحقية الصحية بالسفارة الليبية في تونس (بين أغسطس 2013 وأغسطس 2014)، مضيفا أن الخطاب يتضمن اعترافا بأن الوزارة لا تسيطر على قرارات إيفاد المرضى. كما أنها ليست الجهة الوحيدة التي توفدهم للعلاج في الخارج.

تزوير في محاضر الإيفاد

في 27 يناير 2019، أصدر وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني السابقة غرب البلاد، القرار رقم 15 الذي قضى بتشكيل اللجنة الاستشارية العليا للعلاج (تتكون من رئيس و20 عضوا)، مع سبعة أعضاء تمت الاستعانة بهم بصفتهم إداريين، بحسب تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2020، مشيرا إلى “وجود شبهة تزوير على محاضر اجتماع اللجنة، حيث ثبت في بعض المحاضر أن اللجنة توافق على عدد من المرضى وبعد الاعتماد تتم إضافة أسماء أخرى بالمحضر وإصدار رسائل لهم للعلاج، ومنها محضر اجتماع رقم 231 الذي ورد من محفوظات الوزارة بنفس رقم محضر الاجتماع وبنفس الرقم الإشاري وبنفس التاريخ، إلا أنه في المحضر الوارد من المحفوظات تمت الموافقة على 12 مريضا للعلاج بالخارج والمحضر الوارد من اللجنة الاستشارية العليا للعلاج موجود به عدد 384 مريضا للعلاج بالخارج، أي أن المحضر غير مطابق للمحضر الموجود بمنظومة المحفوظات ليتم تسجيله بها”.

ويفترض إيفاد المرضى للعلاج بموجب تقرير من الطبيب المعالج يوجه إلى وزارة الصحة، والتي تعرضه بدورها على اللجنة الاستشارية العليا للعلاج بالخارج، لتوصي بما تراه، ثم تصدر الوزارة رسائل إيفاد تضم أكثر من مريض، بحسب ما يقوله صلاح الجعرود، مساعد مدير شؤون الموظفين بالسفارة الليبية في مصر (عمل من فبراير 2017 حتى فبراير 2018).

لكن والد الطفل أبوبكر عثمان الواعر، ظل يحاول الوصول إلى مسؤولي وزارة الصحة عاما كاملا، بحثا عن منحة علاجية لطفله، ليتمكن من خلال وساطات ضمه في قائمة إيفاد مرضى للعلاج في إيطاليا في يوليو 2020، ورغم رد أحد المشافي في روما بقبول علاج الطفل بعد خمسة أيام، إلا أن القنصلية أهملت الأمر، كما يقول الواعر، مضيفا: “بعد إثارتي لقضية طفلي الذي دخل في غيبوبة، في وسائل إعلام محلية، أرسلت القنصلية تأشيرتين في الحادي عشر من أغسطس 2020″.

وفور وصول الطفل إلى أحد مشافي روما، قرر الأطباء بتر يده بسبب انتشار البكتيريا، نتيجة تأخره في تلقي العلاج، كما يقول الأب لـ”العربي الجديد”: “انتظرت 40 يوما حتى صدر قرار ضم ابني للعلاج في إيطاليا ثم تأخرت إجراءات السفر من قبل القنصلية”، و”أهمل موظفو الملحقية حالة طفلي تماما، ولم يرسلوا أي موظفين لمتابعة حالته والتفاهم مع الأطباء وإبلاغي بنتيجة العلاجات وكيف سيتم العلاج؟ لأنني لا أتكلم الإيطالية ولا الطاقم الطبي يتحدث العربية، وفي إحدى المرات أرسلت الملحقية طبيبة تبين أن تخصصها أسنان ولا علاقة لها بمرض ابني”، ويتابع: “قرروا نقلي إلى أكثر من سكن في أيام معدودة ما أعاقني عن متابعة حالة طفلي، قبل أن يبلغوني بأن الإجراءات المالية خاصة بعلاج الطفل فقط، أما نفقة سكني وإعاشتي لا تشملها منحة العلاج، فسكنت لأشهر بمساعدة الخيرين”.

والمؤسف كما يقول الواعر، هو توقف منحة العلاج من قبل القنصلية، مضيفا بألم: “حينها تبرع مستشفى بامبينو جيزو للأطفال التابع للفاتيكان بمواصلة علاج طفلي لكن بعد فوات الأوان، فبعد أقل من شهر توفي أبوبكر”.

وصول الفساد إلى أعلى المستويات

في فبراير 2021، استند ملف العلاج بالخارج إلى قرار الحكومة المؤقتة رقم 35 بشأن اعتماد ضوابط صحية وعلاجية، لكنه لم يحدد أنواع الأمراض التي يتوجب إيفاد أصحابها للعلاج بالخارج، مكتفيا بذكر “إيفاد المرضى للعلاج بالخارج للحالات التي يستعصي علاجها بالداخل”، بحسب جلهوم.

وفي فبراير 2022، أنشأت حكومة الوحدة الوطنية جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، والذي أعد في فبراير 2023 القائمة النمطية للساحات والأمراض للعلاج بالخارج، وهي مصر وتونس وروسيا وتركيا وإيطاليا وألمانيا وصربيا وأوكرانيا والأردن ساحات علاجية بالخارج فقط وفقا للأمراض التي تشتهر بعلاجها كل دولة، مع ضرورة أن يكون الإيفاد من خلال الجهاز ووفقا لتوصية من لجانه الطبية، بحسب الموقع الرسمي للجهاز.

لكن المشكلة تكمن في “وجود قصور في إدارة برامج العلاج في أغلب الساحات العلاجية وعدم القيام بسداد معظم الالتزامات القائمة بالإضافة إلى تزايد قيمتها وذلك بسبب إيفاد العديد من الحالات بدون مخصصات مالية، وعدم وجود قيمة حقيقة تقديرية للحالات التي يتم إيفادها للعلاج بالخارج، فضلا عن قصور وزارة الصحة في متابعة الودائع المحالة للسفارات والملحقيات وعدم فتح السجلات المالية الخاصة بها، والتقصير في متابعة الملحقين الصحيين بالخارج والمراقبين الماليين بالسفارات بشأن تحويل بيان يتضمن المصروف من هذه الودائع والمتبقي منها”، حسب تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2022.

وتبدو خطورة المخالفات السابقة وحالة الفوضى والفساد المتفشية في ما وقع بميلانو في إيطاليا، إذ  أبرم القنصل الليبي، عقود شراء خدمات علاجية دون موافقة وزارة الصحة ووزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، وفق ما وثقه تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2022، موضحا أن “القنصل والملحق الصحي تعاملا مع شركتي الزبردج والليث للسفر والسياحة في الغرب، اللتين تمارسان نشاطهما من الأراضي الليبية، والفواتير المرفقة بأذونات الصرف الصادرة عن الشركتين كانت بعملة اليورو، وهو ما لا يسمح به القانون الليبي، ودون موافقة وزارة الخارجية بهذا الخصوص، فضلا عن عدم إرفاق الفواتير الأصلية بأذونات الصرف مع وجود تزوير واضح للفواتير من حيث تطابق شكل جميع الفواتير مع وجود كشط واضح للقيمة بواسطة (جهاز سكانر)، مع عدم ورود الفواتير الأصلية للقنصلية وفقا للتسلسل الإداري من خلال تسجيلها بسجل الوارد وأن الصرف تم التلاعب به بصور ضوئية”.

ولم يتوقف الأمر هنا إذ طلب السفير الليبي السابق في إيطاليا عمر الترهوني، من وزارة الصحة صرف مبلغ 81 ألف يورو لتغطية علاج المريض الهاشمي محمد محمدين الحاج (والد زوجته) في العاشر من مارس 2022، لكن تبين أن الرجل توفي في 28 مارس 2020، بحسب ما جاء في مذكرة (رقم 11775) موجهة من وزارة الصحة إلى الملحق الصحي بالسفارة الليبية في روما، بتاريخ 16 مارس 2022. بعدها بثلاثة أشهر أمر النائب العام بحبس الترهوني على ذمة التحقيق في جريمة إساءة استعمال سلطات الوظيفة لتحقيق منافع مادية، وتحقيق كسب مالي غير مشروع وصل إليه من خلال أعمال وظيفته، ما يؤكد على خطورة الظاهرة واستفحالها وهو ما تكرر في الثاني من أكتوبر 2023 إذ أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، السفيرة الليبية في بلجيكا، أمل الجراري وأحالها للتحقيق، بعد تسريب تسجيل صوتي لها بينما تتحدث مع أحد المسؤولين الحكوميين عن حاجتها لفاتورة مزورة تفوق قيمتها 200 ألف يورو لعلاج مريض ليبي “مزيف” من مرض السرطان، من أجل أن ترسلها إلى وزارة الصحة في طرابلس ليتم تحويل المبلغ، وفق ما وثقه معد التحقيق عبر الموقع الرسمي للحكومة، واتضح من التحقيقات أن رئيسة البعثة تعمدت الإسهام في ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة؛ والاستيلاء بدون وجه حق على مال عام، والتسبُّب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة.

وبفراغ المحقق من استجواب المسؤولة؛ أمر بحبسها احتياطياً على ذمة التحقيق؛ وبسبب إهدار هذه الأموال وغيرها، يدفع المرضى الثمن من أرواحهم ومن بينهم، الطفل الليبي وسيم اللافي الذي توفى في 12 أكتوبر 2020 بأحد المستشفيات التركية متأثرا بمضاعفات سرطان الدم، بعد انتظار استمر لمدة أربعة أشهر لم تحول القنصلية الليبية خلالها مخصصات عملية زرع النخاع كما روت جدته عائشة التي رافقته في رحلته العلاجية، قائلة: “القنصلية أبلغتني بنفاذ مخصصات العلاج”.

إقرأ أيضا:

مرضى الأورام الليبيون على الساحة التركية مهددون بالطرد خلال 12 يوما

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى