قد يغيب عن كثيرين أسماء مجمل الهيئات السياسية ورموزها الوطنية التي اشتغلت في عقد الأربعينيات؛ لأجل القضية الليبية واستقلال بلادنا الذي تحقق عمليا في 24 ديسمبر 1951.
* كتب/ أسامة وريث،
وإن كانت أفكارهم تتعارض حول طبيعة وشكل نظام الحكم، بحيث يطالب بعضهم بالنظام الملكي محددا في العائلة السنوسية، ويطالب آخر بالنظام الجمهوري وفق قاعدة انتخابية شعبية، ويطالب بعضهم بنظام الشورى بالتشاور فيما بينهم حول هوية الحاكم وماهية نظام الحكم. ويختلفون إداريا في إدارة البلد ما بين نظام اتحادي/فدرالي، ونظام وحدوي مركزي.
وهذه الهيئات وشخصياتها هي وبحسب تجميعي لها شخصيا في بحث سابق، تندرج وفق التسلسل الزمني، كالتالي:
(لجنة دفاع طرابلس – برقة) بتأسيس المناضل بشير السعداوي، وآخرون: بيروت – دمشق 1924 – 1937. وكانت على اتصال مع بعض الدول المعارضة لإيطاليا، مثل يوغسلافيا وفرنسا بقصد المساعدة، واستطاعت أن توسع دائرة نشاطها السياسي، ونشرت كتابا من تأليف السعداوي معنون به “فظائع الاستعمار الإيطالي في شعب طرابلس برقة”، واتصلت بالأمير شكيب أرسلان في عام 1929م لكي يؤازرها، وينشر لها الشيء الكثير عن فظائع الإيطاليين في ليبيا في الصحف والمجلات. وقد استطاع أن يسترعي انتباه الرأي العام العالمي فيما ترتكبه إيطاليا من فظائع ومنكرات في بلد طرابلس برقة كما كانت تعرف بين الأهالي.
(لجنة الدفاع الطرابلسي البرقاوي) 1930 أسسها المهاجرون السياسيون بتونس وبقيادة محمد عباس المصراتي في 1930م، ونشرت فظائع الاستعمار الإيطالي، وكانت فرعا من اللجنة المتأسسة بدمشق بقيادة السعداوي. وأخذت تصدر النشرات التي تصف جور الإيطاليين وتحذر الأمم من تصديق دعايتهم الكاذبة.
(اللجنة الطرابلسية للدفاع عن القضية الوطنية في الخارج) برئاسة المناضل أحمد بك السويحلي، ثم السيد الفيتوري عمر السويحلي، القاهرة 1924 – يناير 1943. وعضوية العلامة الطاهر الزاوي وعز الدين ناصوف ومفتاح على مفتاح والأستاذ محمود الشويهدي والأستاذ محمد المسلاتي وعبد الله باشا لملوم والشيخ سليمان الزوبي وعمر الغويلي والأستاذ مختار القماطي. وكانت تهدف إلى تبيان صورة الحكم الإيطالي في البلاد، وسيادته المطلقة على العباد. لكنهم اختلفوا في طلب يد المساعدة من الدول الأجنبية.
(الجمعية الوطنية) تأسست على يد السياسيين المهجرين في القاهرة 7 أغسطس 1940 وهدفت الجمعية إلى طلب مساعدة بريطانيا في حربها ضد إيطاليا، وتعيين ما يشبه حكومة مؤقتة لإدارة شؤون المهاجرين الأهليين، وتكوين قوات وطنية لمساعدة الجيش البريطاني، وعلى إثر هذا الاجتماع قام الأمير إدريس السنوسي بالاتصال بالإنجليز وأبدى لهم استعداد المهجرين لتشكيل فرقة عسكرية وطنية لمعاونة الحلفاء دون قيد أو شرط، وتم الاتفاق بينه وبينهم بتاريخ 9 أغسطس 1940م على إنشاء ما سمي وطنيا بـ “جيش التحرير السنوسي” تحت قيادة العقيد بروملي على أساس أن يتقاضى الجندي الليبي 210 قروش شهرياً، وكانت الحكومة الانجليزية تطلق عليه “جيش طرابلس برقة” و”الجيش السنوسي البريطاني”.
(جمعية عمر المختار) بنغازي – درنة، إبريل 1943. برئاسة (أسعد بن عمران) ثم تولى رئاستها سنة 1946م الأستاذ (مصطفى بن عامر) مـع زمـلائه؛ عـلي فــلاق، فــرج بن رويــن، مهــدي المطــردي، رجــب بن غــزي، وغيــرهم. كانت قد تأسست سابقاً في (31 يناير 1942م) من قبل عدد من السياسيين الليبيين بالقاهرة – وكانت تدعو هي الأخرى إلى وحدة ليبيا واستقلالها الكامل دون بحث شكل الحكم، وكانت صحيفتها (الوطن) مصدر إشعاع قوي ألهب مشاعر الوطنيين في كامل مناطق الجبل الأخضر، وأمام الضغط الشديد من السنوسيين والإدارة البريطانية اضطرت الجمعية إلى القبول بالملكية السنوسية، وكان لها فرع في درنة ترأسه الشاعر (إبراهيم الأسطى عمر) وتمكنت الجمعية من السيطرة على الحراك السياسي والثقافي في بنغازي ودرنة لكنها تعرضت للاضطهاد.
(الحزب الوطني) برئاسة الأستاذ علي الفقيه، أولاً سنة 1944.. ثم الأستاذ مصطفى ميزران لاحقا. طرابلس – إبريل 1946. تأسس “الحزب الوطني الحر” كتنظيم سري بزعامة الأستاذ أحمد الفقيه حسن، منبثقاً عن “النادي الأدبي” الذي تأسس سنة 1920م لكن الإدارة البريطانية رفضت الاعتراف بالحزب رسمياً حتى أبريل 1946م، وكان ينادي بوحدة ليبيا واستقلالها وانضمامها إلى الجامعة العربية.
(حزب الرابطة الإسلامية) وكان ذا توجه ديني سياسي، بتأسيس السادة؛ منير البعباع، عوض زاقوب، عبد ربه الغناي وآخرون/ بنغازي أوائل 1945 .
(الكتلة الوطنية الحرة) برئاسة الأستاذ علي الفقيه حسن/ مايو 1946م. وقد تعرض ومكتبه وأعضاؤه للإقامة الجبرية والإغلاق، من طرف السلطات البريطانية التي كانت تسعى لإقامة نظام حكم ملكي مشابه النظام الملكي الانجليزي.
(الجبهة الوطنية المتحدة) أنشئت رسمياً في (1 مايو 1946م، وأسندت رئاستها إلى السيد (سالم المنتصر)، كما دخل في عضويتها شخصيات كبيرة من أمثال (محمد أبو الأسعاد العالم) مفتي الديار الطرابلسية. و(عون سوف المحمودي: زعيم المحاميد بالجبل، وإبراهيم بن شعبان: وجيه زوارة، والطاهر المريض: بيّ ترهونة) وعضوية شخصيات معروفة مثل: ( الحاج سالم ندير والحاج إبراهيم بورقيبة والحاج محمد الكريكشي والحاج أحمد أبورقيبة ومحمد وريث والطاهر الشلي ومحمود أبوشعالة وحمد أبوشعالة وعبدالمجيد بن لامين وحمد النحايسي والحاج محمد الدريبي والحاج علي نشنوش ومصطفى بانون وسكالي بروه، وقد دعا الحزب إلى (استقلال ليبيا ووحدتها بزعامة سنوسية).
(الجبهة الوطنية البرقاوية) بتأسيس من طرف مشايخ قبائل السنوسية/ بنغازي، 26 يوليو 1946. مع عدد من السياسيين ممن التفوا حول السيد (ادريس السنوسي) منذ أن كان مقيماً في مصر وانتخب أعضاؤها السيد (الرضا السنوسي) رئيساً لها وقد كان هدفها المعلن هو استقلال برقة وتنصيب (ادريس) أميراً عليها، وغير المعلن هو سحب البساط من تحت أقدام الشباب المثقف في جمعية عمر المختار، والتي ظل أعضاؤها ببنغازي ودرنة مصرين على استقلال ووحدة ليبيا بالكامل. لذلك تم حل الجبهة بقرار حل الأحزاب سنة 1947م.
(الحركة السرية) فزان سنة 1946م، برئاسة “عبدالرحمن البركولي”، “محمد بن عثمان الصيد” نائباً للرئيس، وبدأ بن عثمان، يبرهن على أنه واحد من أنشط خصوم فرنسا بتنظيم علاقات سرية مع الزعماء الطرابلسيين والسيد ادريس. وقد بارك هذه الحركة السيد (أحمد سيف النصر) الذي كان يتعاون مع الإدارة الفرنسية أيضا.
(حزب الاتحاد المصري- الطرابلسي) السيد عليّ رجب/ طرابلس ديسمبر 1946. وكان يهدف إلى اتحاد بلاد طرابلس الغرب مع باشاوية مصر.
(هيئة تحرير ليبيا) أنشئت هيئة “تحرير ليبيا” في القاهرة في 13 مارس 1947م بزعامة المناضل (بشير السعداوي) والدكتور (فؤاد شكري) وبتأييد من الجامعة العربية، وقد تزامن إنشاؤها مع إخفاق القيادات البرقاوية “الجبهة الوطنية”، والقيادات الطرابلسية “الجبهة الوطنية المتحدة” خلال شهر يناير 1947م في التوصل إلى خطة عمل مشترك في سبيل وحدة الإقليمين. وبدعم من الجامعة العربية، دعت الهيئة إلى استقلال كامل تراب ليبيا دون الاعتراف بزعامة (ادريس السنوسي) مما أدى إلى عدم تجاوب النخب السياسية معها في برقة. وفي يناير 1948م انتقلت الهيئة إلى طرابلس ولقيت حفاوة بالغة من قبل السكان ونظمت الهيئة الاجتماعات العامة في المدن والقرى، وشاركت بفاعلية في الجهود الرامية إلى توحيد مطالب الطرابلسيين في استقلال ليبيا ووحدتها، كما شارك وفدها في اجتماعات الأمم المتحدة سنة 1947م، ثم اندمجت في حزب المؤتمر الوطني في مايو 1949م.
(حزب العمال) طرابلس سبتمبر 1947/ السكرتير بشير بن حمزة .
(حزب الأحرار) برئاسة الأستاذ الصادق بن زراع. طرابلس مارس 1948.
(حزب الوفد المؤتمر البرقاوي) تأسس في يناير 1948 عقب حل الأحزاب في برقه، بدمجها في هذا الكيان الجديد، برئاسة الأمير الرضا السنوسي، ثم السيد عمر باشا منصور الكيخيا. وكان من مؤسسيه السيد الصديق السنوسي والسيد أبو القاسم السنوسي والسيد علي الجربي، والسيد خليل القلال وكان من أهم شخصيات الجهة البرقاوية أيضا (الشيخ عبد الحميد العبار وعمر شنيب وعبد الرازق شقلوف)
(حزب الاستقلال) تأسس برئاسة (سالم المنتصر)، طرابلس 1948. وكان قريبه السيد محمود المنتصر، واحد من أكثر الشخصيات المساهمة في تقريب وجهات النظر بين الوفود السياسية المتعارضة بشأن شكل نظام الحكم، وكان محمود المنتصر يدعو لتتويج الإمارة السنوسية على ليبيا.
(حزب المؤتمر الوطني) تشكل باندماج الحزب الوطني مع الجبهة المتحدة، في طرابلس مايو 1949، وأُسندت رئاسته إلى المناضل بشير السعداوي. وتم انتخاب كل من (مصطفى ميزران – الشيخ المفتي محمد أبو الاسعاد العالم – والطاهر المريّض) نواباً له. واختير الأستاذ علي مصطفى المصراتي متحدثا باسمه.
أسس المناضلون الوطنيون هذه الأحزاب والجمعيات واللجان -في داخل البلاد وخارجها- للمطالبة باستقلال البلاد ووحدتها… وتباينت آراؤهم السياسية والإدارية، لكن معظمها اتفق على ثلاث نقاط هي :
(الوحدة، ثم الاستقلال، ثم الانضمام إلى الجامعة العربية)