الناس-
قال “ديفيد شينكر” مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى إن أفضل طريقة لمعالجة الأزمة الليبية هي وقف القتال الذي بدأ في أوائل أبريل 2019م.
وأدلى “شينكر” بشهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي الأربعاء (12 فبراير 2020م) موضحا أن الهجوم “أتاحه التدخل الأجنبي بهدف انتزاع السيطرة على طرابلس من حكومة الوفاق الوطني”.
وتوقع المسؤول الأمريكي الرفيع أن يتصاعد التدخل الأجنبي أكثر في الأيام المقبلة، الأمر الذي يشكل تهديدا للنظام الدولي في شرق البحر المتوسط والمصالح الأمريكية في المنطقة في تقديره.
وقال: “لقد حان الوقت لتهدئة هذا الصراع، وأفضل طريقة لوقف القتال هي وقف التدخل الأجنبي الذي يغذيه في شكل أسلحة وأفراد وأموال”.
وأشار “شينكر” إلى لقاءات (5+ 5) التي عقدت في جنيف مطلع فبراير برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة “غسان سلامة” بهدف وقف إطلاق النار بدءا بانسحاب المرتزقة الأجانب. موضحا أن الاجتماع لم ينتج عنه اتفاق رسمي.
وأضاف: “مات قرابة 700 مدني ليبي منذ بدء هذه الاشتباكات في أبريل. لم يتمكن حوالي 200000 طفل من الالتحاق بالمدرسة في نقاط مختلفة في عام 2019. تفتقر المرافق الصحية المتعددة إلى الإمدادات والأدوية. القتال يهدد حياة المدنيين والبنية التحتية والطيران المدني. وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، اعتبارًا من ديسمبر 2019م، تم تهجير أكثر من 355000 ليبي. هدد النزاع بشكل أكبر السلامة والأمن الضعيفين بالفعل للمهاجرين واللاجئين الأجانب المقيمين في ليبيا”.
وتطرق المتحدث في شهادته أمام لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ إلى إيقاف إنتاج وتصدير النفط من طرف حفتر في 17 يناير الماضي، مبينا أنه أدى لزيادة انقطاع الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، وقلص بشدة وصول المدنيين إلى الوقود، وتأثيره على الخدمات الأساسية اليومية.
وقال إن إدارته أبلغت الجهات الفاعلة في ليبيا “علنا وسرا” أنه “يجب السماح لمؤسسة النفط الوطنية بالوفاء بولايتها نيابة عن الشعب الليبي، وهو ما لا يمكنها القيام به عندما تحتل الجماعات المسلحة منشآتها أو تتدخل في عملياتها. وفي الوقت نفسه، لا يزال الشعب الليبي يعاني مع انهيار عائدات البلاد النفطية، بتكاليف تتجاوز بالفعل مليار دولار”.
وكرر “شينكر” العبارة التي قيلت كثيرا: “لا يوجد حل عسكري دائم للنزاع الليبي”. مضيفا: “تدعم الولايات المتحدة عمل الممثل الخاص للأمم المتحدة لتعزيز العملية السياسية الليبية. في النهاية، يجب على الشعب الليبي حل هذه الأزمة. يجب على القادة الليبيين الذين يساهمون في النزاع المستمر -والذين يدعمونهم عسكريا- إنشاء واحترام الهدنة، وإزالة التصعيد لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإعادة تركيز الجهود على العملية السياسية التي تقودها ليبيا. تحتاج المفاوضات إلى معالجة جدية”.
وعدد “شينكر” القضايا الصعبة “التي تقود النزاع” -وفق تعبيره- بما فيها الميليشيات واقتلاع العناصر المتطرفة، وإعادة توحيد وإصلاح المؤسسات الاقتصادية الليبية لضمان الشفافية والتوزيع العادل لموارد ليبيا.
وفي تقديره “إن التوصل إلى حل سياسي والتحرك نحو المصالحة الوطنية سيستغرق بعض الوقت. إذا استمر العنف، فلن يؤدي إلا إلى تشديد المواقف من جميع الأطراف وجعل إيجاد حل ناجع أكثر صعوبة”.
وعن دور بلاده قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي إنها تواصل بذل الجهود لتحقيق الاستقرار “في هذه الدولة الغنية بالجغرافيا السياسية”. مشيرا إلى تعاون بلاده مع الحكومة الليبية في محاربة داعش 2016م، فيما عرف باسم عملية البنيان المرصوص.
وقال: “يعمل الدبلوماسيون الأمريكيون يوميًا مع الليبيين عبر الطيف السياسي لإيجاد أرضية مشتركة حول القضايا التي تفرق بينهم”.
وعنه البعثة الدبلوماسية الأمريكية أفاد أن المخاوف الأمنية المستمرة أعاقت الوجود الدبلوماسي المتفرغ في ليبيا “لكننا ممثلون من خلال برامج الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار والمساعدة الإنمائية للمساعدة في تخفيف الاحتياجات العاجلة. بداية من الرحلات اليومية القصيرة، نحن نبحث في الصيغ التي تسمح لنا بتسليم رسالتنا من الأراضي الليبية، حيث سيكون لها أكبر الأثر”.
وقال إن الاستجابة الإنسانية في الولايات المتحدة تدعم عدة قطاعات منها الصحة، التعليم، الغذاء، الماء، الصرف الصحي، النظافة، الحماية، والمأوى، وحماية المكاسب الأمنية التي تحققت ضد الإرهاب.
وأوضح “شينكر” ما يعقد العودة إلى طاولة المفاوضات: “عُقدت مهمة إعادة الليبيين إلى طاولة المفاوضات بسبب تعقيد مشاركة الأطراف الخارجية. ليبيا ليست المكان المناسب للمرتزقة الروس أو المقاتلين من سوريا وتشاد والسودان. ليس المكان المناسب للإماراتيين أو الروس أو الأتراك الذين يخوضون المعارك على الأرض من خلال وسطاء يرعونهم أو يدعمونهم بطريقة متطورة”.
كما تطرق إلى مؤتمر برلين قائلا: ” في الشهر الماضي، رافقت الوزيرة بومبيو إلى مؤتمر برلين. أخبر الوزير بومبيو القادة هناك، “هناك أشياء يمكننا القيام بها اليوم لتعزيز دولة مستقرة وذات سيادة وموحدة وغير مضيافة للإرهابيين، وفي يوم ما قادرة على توليد الرخاء من خلال موارد الطاقة لديها. يجب أن ندعم وقف إطلاق النار الدائم بين الأطراف الليبية، وليس فقط بالكلمات. يجب علينا اتخاذ إجراءات لإنهاء العنف وتدفق الأسلحة. ”
وأبدى انزعاجه مما حصل بعد مؤتمر برلين قائلا: “التزم جميع المشاركين في برلين بتنفيذ وقف فوري ودائم لنشر الأفراد والمقاتلين والمرتزقة والمعدات العسكرية في ليبيا. إن كونهم لم يحترموا بعد هذا الالتزام يعكس الحاجة الملحة لهم للمشاركة مع بعضهم البعض للتغلب على الشكوك والعداوات، المتأصلة في الإيديولوجيا والسياسة، التي تقسمهم”.
كما تطرق إلى اجتماع مجلس الأمن الذي تم فيه التصويت على تضمين مخرجات برلين، وغمز فيه إلى مرتزقة فاغنر “المرتبطة بالكرملين” داعيا إلى مغادرتها ليبيا.
وعن منهجه في المرحلة القادمة قال شينكر: “سوف نستمر في إقناع الدول المشاركة في ليبيا بأن الحل السلمي ليس في مصلحتنا المشتركة فحسب، بل هو الطريق الوحيد القابل للتطبيق إلى الأمام لإنهاء النزاع في ليبيا”.
وأكد: “أن الولايات المتحدة تدعم الحل السياسي الذي يسمح للشعب الليبي بأن يدرك رغبته في الحكم الديمقراطي الشامل الذي سعى إليه منذ عام 2011م، عندما قاموا ضد الاستبداد وإسقاط نظام القذافي”.