* كتب/ الطاهر بن طاهر
لن يكون حديثي إلا عن التعليم العالي كوني عضو هيأة تدريس بالدرجة الأولى، وفي الثانية بقائي لفترة في ديوان الوزارة.. ما الذي أنجز وتحقق؟ ومن حقي أن أتساءل،
لنأتي إلى برنامج الإيفاد بالخارج، لقد تقلص العدد من 16 ألف وما يزيد عن عشرين ألفا من المرافقين الدارسين ولم تتحدث الوزارة عن آلاف من الذين رجعوا ويرجعون كل عام يحملون المؤهلات قلصتهم الوزارة حتى غدوا أقل من 5 آلاف، توقف الابثعات وحرم آلاف المرشحين من حملة الماجستير والمعيدين لمدة تربو عن 4 سنوات ضاعت من أعمارهم هباء منثورا، سنين يرافقها القلق والتوتر والخوف على مستقبلهم.
تحديد مستوى الجامعات واعتمادها اختصاص أصيل لمركز الجودة، والوزارة من حقها تحديد المعدل المسموح به، وعلى ضوئه تحدد الجامعات، لا أن يأتي المسؤول ويقول أنا أعرف هذه الجامعات وبهذه المعارف ينبغي أن يوضع في موسوعة جينس..
كان على الوزارة أن تشجع الجامعات على الاتفاقات المشتركة والبرامج المتكاملة مع جامعات الدنيا لا أن ينتظر وعلى رأي خبيرها ، بالك تشد والتجريب بمستقبل أبنائنا.
إذا أرادت الوزارة إصلاحا حقيقيا للإيفاد فما عليها إلا إرجاعه لمؤسسات التعليم العالي، كل جامعة تخصص لها ميزانيتها للإيفاد وتشجيعها على الانخراط في التعاون مع جامعات الكون، وإصلاح برامج الدراسات العليا وتغيير القوانين، لتتمكن الأقسام من الإشراف المباشر على الطالب في الداخل والخارج فالوزارة مهما كان وضعها وقدراتها فهي عاجزة عن متابعة الطالب علميا وفنيا وهي في مشاكل إدارية غير قادرة على حلها، عل أبسطها المنح المتعثرة والتأخير المزمن.
ولم تعد إدارة واحدة ولا وزير بقادر على التحكم والمركزية المفرطة
لو كلفت الجامعات بمتابعة موفديها عن طريق الأقسام بالتنسيق مع الجامعات المستهدفة فإن ذلك يجعل الموفد يلتزم بالتخصص والجزئية التي يحتاجها القسم ويتيح الفرصة للأستاذ الاحتكاك المباشر عبر الإشراف المشترك والمناقشات وفق بروتوكولات على الوزارة أن تعمل على ترتيبها من خلال زيارات السيد الوزير والترتيبات الدبلوماسية والعلمية فالحقيقة المرة أن فساد البعثات ليس من المؤسسات التعليمية ولكن من ديوان الوزارة، ولا أقصد الوزارة اليوم ولكن عبر المنظومة التي سمحت بالتجاوز والواسطة والمحسوبية.
تقول الوزارة هناك فساد كبير في السابق ولم نر حالة واحدة تقدم لإثبات هذا الفساد ونسي المسؤول أن المستهدف في عام 2014 و 2015 قبل الحرب كان الوصول إلى عدد 30 ألف طالب، ولم يكن الهدف تعليميا فقط بل كان الهدف تقليل المسلحين من المؤهلين وإعطاءهم فرصة بدل السلاح والبنادق، وفشل برنامج الاحتواء كلف ميزانية ليبيا أضعافا مضاعفة لو دفع لتعليم الليبيين.
يضرب السيد الوزير المثل على سوء التخطيط في الإيفاد باللغة العربية والدراسات الإسلامية ونسي أن التعليم مناهج وطرائق ولم يتقدم العرب في لغتهم وفي أصول الدين إلا بتعلم المنجز الحضاري لمن حولهم من الأمم المتقدمة، فما أصول الفقه وأصول النحو إلا نتاج علوم المنطق والفلسفة والرياضيات التي درسها علماء المسلمين من اليونان والفرس والهنود، ولن تتقدم أمة الإسلام إلا بتغيير مناهجها وطرقها في الفهم والتحليل والتفسير والتأويل والتي للأسف لا تملكها جامعات العرب والمسلمين وهي موجودة في جامعات الغرب، إن بناء العقول أصعب كثيرا من جلب التقنيات وفهمها وأن من يعرف تجربة ويدير آلة لا يعني أنه قادر على قيادة مجتمع.
عزل العلوم الإنسانية والاجتماعية واللغوية عما يجري في العالم والجامعات جريمة سيدفع الليبيون ثمنها غاليا في شكل موجات تطرف وتخلف وظلامية تسهم مؤسسات الدولة في ترسيخها، المناصب العامة تحتاج ثقافة عامة ومعرفة أفقية وتجربة ممتدة وفريقا من الخبراء الحقيقيين والانفتاح على الآخر والاستماع للعالم من حولنا ولا نعيد تجارب لحالات ومشاكل وجد العالم لها حلولا، سيقول كثيرون لم لم يحدث هذا عندما كنت مديرا للبعثات؟. لقد قدمت رؤيتي عن وجوب إرجاع الإيفاد للمؤسسات التعليمية من أول يوم دخلت فيه ديوان الوزارة ثم إن إدارة البعثات تقع في الدائرة الثالثة من سلطة القرار في الوزارة، وهي مكبلة بمجموعة قوانين يجعلها تابعا أمينا للوكلاء والوزراء ولا تملك إلا الإحالة على الديوان.
إذا لم يتم تغيير نظام وهيكلية الإيفاد جذريا فإننا سنظل ندور في الحلقة نفسها.
سنتحدث في المنشور الموالي عما تحقق من ضرر نتيجة وقف سنة التفرغ والتدريب لأعضاء هيئة التدريس العالي..