عربي 21-
تتصاعد أزمة بين رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، بسبب رفض الأخير مساعي مجلس النواب الرامية إلى تمكين الحكومة التي شكلها، برئاسة فتحي باشاغا من “خزانة الدولة”.
وجدد رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح دعوته إلى عقد اجتماع ثان في مدينة سرت وسط البلاد، لرؤساء مؤسسات سيادية أبرزها إدارة مصرف ليبيا المركزي إلى حضور اجتماع بسرت الثلاثاء القادم، وسط توقعات بمقاطعة الاجتماع من قبل محافظ المصرف، الصديق الكبير الذي لم يحضر الاجتماع السابق الذي عقد الأسبوع الماضي في سرت.
وكان عقيلة صالح عقد اجتماعاً الثلاثاء الماضي، دون أن يحضر رؤساء المؤسسات السيادية، وهم، محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، لكنهم أوفدوا ممثلين عنهم للمشاركة.
وعلى إثر غياب رؤساء هذه المؤسسات، وخاصة محافظ مصرف ليبيا، الصديق الكبير قال “عقيلة”، “إن الأجهزة الرقابية تابعة لمجلس النواب، وإن رؤساء هذه الأجهزة غير الملتزمين بقوانين المجلس يعتبرون فاقدين لصفتهم، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن”.
كما علق صالح على تغيب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، بالقول: “إن المصرف المركزي يجب أن يدار من قبل مجلس الإدارة وليس من المحافظ وحده، ولا يجوز للمركزي صرف الأموال دون قانون ميزانية”، معتبرا أن “ما يقوم به المحافظ مخالفاً للقانون، وقد يصل إلى جريمة إساءة استغلال السلطة واغتصابها”، وفق قوله.
ويتصاعد التوتر بين صالح ومحافظ مصرف ليبيا، خاصة بعد مواصلة صرف الأخير مخصصات لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي لا زالت تحظى باعتراف دولي، بينما يرفض التعامل مع الحكومة التي شكلها مجلس النواب.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير، إن رئيس مجلس النواب يريد “تخصيص ميزانية لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من المجلس، والتوقف عن صرف الأموال لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، لكي يرسخ حكومة حليفه باشاغا، وينهي حكومة الدبيبة التي تملك حتى الآن القرار المالي والإداري للدولة الليبية”، وفق حديثه لــ”عربي21”.
ويستبعد الكبير أن يغير المحافظ الصديق الكبير موقفه هذه المرة (حضور الاجتماع)، قائلا “لم يستجب الكبير للدعوة المرة الماضية ولا أعتقد أنه سيغير موقفه هذه المرة، لأن وزارة الخزانة الأمريكية التي أشرفت على إعادة توحيد المصرف مع موقف ثابت للمبعوث والسفير الأمريكي نورلاند يؤكد على حياد المصرف في الصراع السياسي وعدم انحيازه لأي طرف”.
بدوره يقول الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري، “إن محافظ المصرف المركزي لم يستجب لتوجهات مجلس النواب بقيادة رئيسه عقيلة صالح ولم يقم بتمكين الحكومة التي كلفها من خزانة الدولة، ومن المؤكد أن موقف المحافظ لم يتأثر فقط بالنزاع القديم المتجدد مع البرلمان ورئاسته، بل إنه يستند على تأييد دولي في عدم تعاطيه الإيجابي مع حكومة باشاغا”.
وكتب بسيكري لـ”عربي21″ قائلا، إن “النقمة على محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، في موقفه المتجاهل لقرارات مجلس النواب ظهرت في كلام فتحي باشا بمؤتمره الصحفي الذي عقده بعد فشل محاولته الدخول للعاصمة ومباشرة عمله كرئيس حكومة منها، فحديثه أن هناك مؤسسة مالية سيادية هي من تعرقل دخول الحكومة وتحرك قوى على الأرض ضدها إنما أراد به المصرف المركزي والمحافظ ولا أحد غيرهما”.
وشدد على أن بيان اجتماع سرت الذي تضمن رفضا لتحكم شخص واحد في خزانة الدولة، لم يقصد المنصب، فمحافظو المصارف المركزية في العالم يتمتعون بصلاحيات كبيرة، إنما أراد به الصديق الكبير بعينه، ولو كان المحافظ مواليا لعقيلة صالح لما طالب الأخير بسحب صلاحياته ومنحها لمجلس إدارة المصرف.
وأكد بسيكري أن من وقف أمام خطط طبرق والرجمة للتحكم في سلطة إدارة المال العام هو المجتمع الدولي، ورأس الحربة منه الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما ترفض دول فاعلة ومنظمات دولية مختصة ونافذة مثل صندوق النقد الدولي، سياسة طبرق والرجمة بخصوص المصرف المركزي، فستكون النتيجة مماثلة لقرار مجلس النواب بإقالة الكبير وتعيين بديلا عنه.
وبتتبع مواقف الإدارة الأمريكية، ممثلة في المبعوث الخاص ريتشارد نورلاند، فإن التوجه الأمريكي يدفع باتجاه تحييد الإيرادات العامة من الصراع، وقصر الإنفاق العام على المرتبات والتسيير والدعم، وذلك حتى اختيار سلطة تنفيذية جديدة عبر صناديق الانتخابات. وفق الكاتب.
وختم بسيكري بالقول، إن عقيلة صالح لا يخسر شيئا بمسعاه تمكين الحكومة الليبية من سلطة المال، فلو نجح فهي غاية المنى، وفي أسوأ الأحوال هي ورقة ضغط تفيد في حوارات القاهرة، وهنا أؤكد على أن طبرق والرجمة هما المتحكمان دائما في إدارة الصراع وتحريك أدواته. صحيح أن الفشل ظل حليفهم، إلا أنهم ظلوا قادرين على المناورة وصنع الأحداث ودفع الآخر إلى الاقتراب منهم وليس العكس.
وتتصاعد في ليبيا مخاوف من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية بعد انقسام حصل على خلفية تنصيب مجلس النواب لباشاغا رئيسا لحكومة جديدة بدلا من حكومة الوحدة الوطنية.
وتعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 ديسمبر الماضي، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب ودور القضاء في العملية الانتخابية.