عربي 21-
أثار الاجتماع الذي عقده رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، مع رئيس الحكومة المكلفة منه وقادة في المؤسسات المالية، وما أعقبه من تصريحات، بعض الأسئلة عن تداعيات ذلك على المشهد العام، خاصة أن صالح اصطدم بالجميع.
وأكد صالح خلال كلمة ألقاها في بداية الاجتماع، أن “العاصمة الليبية لا تزال تحت سيطرة مجموعات مسلحة، ولا يمكن دخولها إلا بالاقتتال أو بموافقة هذه المجموعات، لكن تجنبا لإراقة الدماء، فإن سرت هي الحل الضامن لتحرر الحكومة من المجموعات المسلحة”.
وهدد صالح كلا من محافظ مصرف ليبيا المركزي وقادة المؤسسات التابعة للبرلمان بأنه سيسحب الصفة الاعتبارية منهم حال لم يلتزموا بتنفيذ القرارات الصادرة عن البرلمان، بل طالب النائب العام بمحاكمة كل من تسبب في التعدي على مؤسسات الدولة وعطل الانتخابات”.
“دستور جديد”
ومن التصريحات التي لاقت جدلا أيضا ما قرره رئيس برلمان ليبيا بأنه سيعمل على صياغة دستور جديد، وسيعرض للاستفتاء قريبا، مطالبا بإزالة الأسباب التي حالت دون إجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي”، وفق كلمته.
ولاقت الكلمة ردود فعل متفاوتة في الشارع الليبي، تاركة بعض التساؤلات، من قبيل: “هل نسف عقيلة صالح كل الخطوات السابقة لكل المؤسسات وقلب الطاولة؟.. وما تداعيات قراراته وتهديداته؟”.
“تقسيم أو حرب جديدة”
من جهته، أكد عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد، أن “رئيس البرلمان لا يملك الحق في صياغة دستور جديد، وذلك بموجب الإعلان الدستوري المؤقت والاتفاق السياسي الليبي، لا يحق له منفردا ولا لمجلس النواب مجتمعا، ولا حتى بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة”.
وقال في حديث لـ”عربي21″: “إذا كان عقيلة صالح جادا في الوصول إلى انتخابات، فإن أقرب الطرق هي الاستفتاء على مشروع الدستور المقر من جهة منتخبة شعبيا، وهي الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، لكن من الواضح أن عقيلة كما عودنا دائما يحاول نسف كل ما يجري التوافق عليه”، بحسب تعبيره.
وتابع صهد، وهو عضو في ملتقى الحوار السياسي الليبي أيضا: “بعد تصريحات واجتماعات اليوم، أخشى أن ما يقوم به عقيلة صالح ومن معه سيكون تمهيدا للتقسيم أو لحرب جديدة في البلاد”، كما توقع.
“مراوغة لتمكين حفتر“
الوزير السابق ونائب رئيس حزب العمل الوطني الليبي، عيسى التويجر، رأى من جانبه أن “اجتماع سرت وما تبعه من قرارات وتصريحات هي حلقة في سلسلة طويلة من المراوغات والاستراتيجيات المتنوعة لتحقيق هدف ثابت لم ولن يتغير، ألا وهو وصول حفتر إلى الحكم”.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″: “عقيلة تحدث عن الدستور والانتخابات والاستفتاء، فلماذا عطل هو نفسه الاستفتاء على مشروع الدستور طيلة هذه المدة، وأي دستور سيأتي به سيحقق الهدف السابق، وهو إيصال حفتر إلى طرابلس، وكل هذا يأتي بدعم قوي من مصر والإمارات دون كلل أو ملل، رغم الهزائم والدماء”، وفق قوله.
“ضرب المسار الدستوري”
في حين قالت عضو لجنة التواصل بهيئة الدستور الليبي، نادية عمران، إن “تصريحات عقيلة تؤكد أن الهدف من كل هذه المماطلات والادعاءات أن مشروع الدستور غير توافقي، هو عرقلة الانتخابات، والبقاء في المشهد، وضرب المسار الدستوري، خاصة أن البرلمان يدرك جيدا أنه لن يتم التوافق على قاعدة دستورية مؤقتة أو دائمة”.
وأشارت في حديثها لـ”عربي21″ إلى أن “ما يحدث الآن واجتماع سرت، وما جاء به من قرارات وتصريحات، يصب في خانة التأجيج للأزمة بإعطاء إيحاءات أن هناك مشروعا جديدا سيصاغ، وكل ذلك عار عن الصحة تماما”، بحسب معلوماتها.
وتابعت: “والمتتبع بدقة للوضع الليبي لن تفاجئه هذه القرارات؛ لأنه كلما ظهرت بوادر استقرار تمت المسارعة بإضفاء عناصر تعمق الانقسام، وتجبر الليبيين على الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك”، كما قالت.