FP: حان الوقت لتنهي إدارة بايدن تسامحها المطلق مع الإمارات
عربي 21-
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا للباحث في جامعة جورج ميسون جون هوفمان، قال فيه إن سلوك الإمارات سيئ ويضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة، ويجب على واشنطن وقف “الصك المفتوح” الممنوح لأبو ظبي.
وقال إن وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، تحدث عن الإمارات بأنها “إسبارطة الصغيرة”. وكان يريد من هذا الوصف أن يظهر قدراتها العسكرية بالمقارنة مع حجمها الصغير، وتم الحديث عنها وبشكل متكرر بأنها من أهم شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقالت المجلة إنه “بناء على هذا المنظور، فأبو ظبي هي حليف مهم لردع إيران ومكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار الإقليمي”.
وتابعت: “تحولت الإمارات في الفترة الأخيرة إلى مكون مهم في رغبة الولايات المتحدة تخفيف أعبائها في الشرق الأوسط والتحول نحو آسيا. ومع أن الإمارات قامت في بعض الأحيان بتدخلات إقليمية وارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن هذه الرؤية ترى أن هذه الممارسات غير مضرة بالمصالح الأمريكية، وظل ينظر إلى أبو ظبي كرمز للاستقرار والازدهار في منطقة مضطربة”.
ورأت الصحيفة أن إدارة الرئيس بايدن يبدو كأنها تقبلت هذا الرأي، وصادقت على صفقة أسلحة بـ23 مليار دولار وتضم مقاتلات أف-35، وهي الصفقة التي بدأت في عهد إدارة دونالد ترامب وأشادت بالإمارات على أنها “شريك أمني مهم” للولايات المتحدة.
وبعد انتخابها عضوا في مجلس الأمن الدولي مدة عامين، بدءا من يناير المقبل، فمن الواضح أن الإمارات ستساعد الولايات المتحدة في دعم المصالح المشتركة على المسرح العالمي.
ولكن المجلة علقت بالقول إن “هذا النهج معيب. فرغم التفاؤل الذي تبناه الداعمون لهذا المنظور، فإن تجاوز السلوك الإماراتي مضر بالمصالح الأمريكية، ليس في الشرق الأوسط فحسب، ولكن في أمريكا نفسها”.
وأضافت أن السياسات التي تبنتها الإمارات في الشرق الأوسط كانت بطبيعتها مضرة بالاستقرار وتفاقم الكثير من الحروب الأهلية المستمرة بالمنطقة وتخرق القوانين الدولية، وتخرب وبشكل مستمر محاولات التحول الديمقراطي”.
وتابعت بأنه “بالترافق مع هذه المغامرات الإقليمية، فقد حاولت الإمارات وبشكل متكرر التدخل في السياسة الداخلية الأمريكية، وعلى أعلى المستويات، ومراقبة الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين حول العالم”.
ويرى الباحث أن الولايات المتحدة بحاجة لإعادة النظر في هؤلاء “الحلفاء” الذين تريد نقل أعباء مصالحها إليهم في الشرق الأوسط، وقبل أن تتحرك إلى مسارح أخرى، وعليها في الوقت ذاته محاسبة من يحاولون التدخل بطريقة غير قانونية في السياسة الداخلية الأمريكية. وقال: “لتحقيق هذا فإن على واشنطن وقف “الصك المفتوح” للإمارات”.
وعلق بأن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط طغت عليها ما أطلق عليها “أسطورة الاستقرار الديكتاتوري”، مضيفا أن “هذا المصطلح القاصر يشير إلى اعتقاد بأن الديكتاتوريين في الشرق الأوسط لديهم القدرة على حماية المصالح الأمريكية من خلال فرض نظام سياسي واجتماعي على مواطنيهم المحرومين”.
وقال: “لكن هذا النهج كما يقول نادر هاشمي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر، غير صحيح. فهذه الأنظمة الديكتاتورية هي مصدر رئيسي لعدم الاستقرار، فيما يتعلق بطبيعة حكمهم وسياساتهم التي يتبعونها”.
وأضاف: “الإمارات العربية المتحدة هي تعبير ومثال واضح عن هذه الأسطورة: غياب المحاسبة في الداخل وصك مفتوح من الولايات المتحدة شجع سياستها التي تضر بالاستقرار وتشكل لعنة على المصالح الأمريكية”.
وقال: “برزت الإمارات التي تملك السلاح الأمريكي المتقدم وبكثرة، كواحدة من أكثر دول المنطقة تدخلا في شؤون المنطقة وتبنت سياسات أطالت الحروب بدلا من تقصير أمدها وخلقت كوارث إنسانية وسحقت الآمال الديمقراطية وغذت المظالم الكامنة التي قادت إلى الاضطرابات”.
ففي مصر، لعبت الإمارات دورا محوريا في انقلاب عام 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي ونصب عبد الفتاح السيسي، ووفرت دعما ماليا له في أعقاب الانقلاب.
وفي سوريا كشفت الإمارات عن دعمها لنظام الأسد عبر دعم التدخل العسكري الروسي عام 2015 وساهمت في “عمليات مكافحة الإرهاب” التي قامت بها موسكو، ثم أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018 وحثت الجامعة العربية والمجتمع الدولي بشكل عام على قبول الأسد من جديد والذي أشادت أبو ظبي بـ”قيادته الحكيمة”.
وقالت البنتاغون إن الإمارات ربما قدمت دعما لجماعات الظل الروسية والمرتزقة في ليبيا. وفي هذا البلد قدمت الإمارات دعما عسكريا واقتصاديا ضخما لأمير الحرب خليفة حفتر وقواته العسكرية. وقامت بهجمات من خلال الطائرات المسيرة ووفرت له السلاح في خرق واضح لحظر تصدير السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة. واستخدمت أبو ظبي المرتزقة السودانيين لتقوية قوات حفتر ومولت مرتزقة شركة “فاغنر” للقتال معه.
وفي اليمن كانت الإمارات طرفا مباشرا في خلق وإطالة أسوأ أزمة إنسانية في العالم أدت لوفاة أكثر من 230,000 شخص وجعلت ملايين الناس على حافة المجاعة.
وقال الباحث: “تتهم الإمارات بجرائم حرب وتعذيب وتجنيد الأطفال وحملة اغتيالات استخدمت فيها جنودا أمريكيين سابقين كمرتزقة. ويزعم أن الأسلحة الأمريكية التي تملكها الإمارات وصلت إلى مقاتلين مرتبطين بالقاعدة وجماعات سلفية أخرى”.
وأضاف: “رغم زعم الإمارات أنها سحبت قواتها من اليمن عام 2019 إلا أنها لا تزال تدعم المليشيات المحلية وتواصل عملياتها الجوية دعما لهذه المليشيات ولا تزال تحتل أجزاء من اليمن. وعبرت الإمارات قبل فترة عن دعمها لانقلاب تونس، وأفترض أن الإمارات راضية عن انقلاب السودان، في ضوء علاقاتها القوية مع الجيش”.
وتمثل التحركات الإماراتية الإقليمية والدولية تهديدا على سمعة الولايات المتحدة الدولية. ويبدو تعهد الرئيس جوي بايدن بتبني سياسة تقوم على دعم حقوق الإنسان، مجرد نفاق، وفق قول الباحث.
وقال: “فإلى جانب سجلها الفقير في حقوق الإنسان ومساهمتها في الأزمات الإنسانية بالمنطقة، دعمت الإمارات اضطهاد الصين للمسلمين الإيغور في إقليم شينجيانغ، مع أن إدارة بايدن اعتبرت ما يجري هناك عمل إبادة”.
واستفادت الصين من تعاون الإمارات عبر اعتقال المنفيين المسلمين من الأقلية وترحيلهم إلى الصين بناء على طلب من بكين. ونشر في أغسطس تقرير زعم أن الإمارات تستضيف منشأة اعتقال سرية صينية في دبي لاستهداف واعتقال وترحيل الإيغور.
وقال: “لم تقوض الإمارات المصالح الأمريكية في الخارج فقط، بل وحاولت التدخل مباشرة في السياسة الداخلية، وهو ما اعتبر هجوما على الديمقراطية الأمريكية. فقد اعتقل بداية العام الحالي توماس باراك، الرئيس السابق للجنة تنصيب دونالد ترامب بتهمة العمل كوكيل أجنبي غير مسجل للإمارات، وحاول التأثير على سياسات ومواقف ترامب الخارجية بما يخدم أبو ظبي”.
وأضاف: “زعم المدعون الأمريكيون أن باراك تلقى توجيهات من المسؤولين الإماراتيين، وعلى مستويات عليا، بمن فيهم ولي العهد في أبو ظبي، محمد بن زايد. وحاول باراك الدفع بتعيين مرشحين مفضلين للإمارات في مناصب الخارجية والدفاع وسي آي إيه. وبالإضافة إلى هذا اعترف موظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية بالعمل كجواسيس إلكترونيين لصالح الإمارات واختراقهم عددا من أجهزة الكمبيوتر في الولايات المتحدة”.
وقال: “طالما اعتمدت الإمارات على موظفين غربيين سابقين عملوا في أجهزة الاستخبارات للتنصت على الدبلوماسيين في الأمم المتحدة وفيفا وناشطي حقوق الإنسان والصحافيين والمعارضين السياسيين والمواطنين الأمريكيين”
وناقش تقرير مولر التدخل الروسي في انتخابات عام 2016 عبر مسؤولين مقربين من الإمارات. وواحد من هؤلاء هو جورج نادر، الذي عمل كمبعوث لكل من ولي العهد السعودي وأبو ظبي. وكانت لديه علاقات وصلات واسعة مع المسؤولين في الولايات المتحدة وروسيا والشرق الأوسط.
وأشار الكاتب هنا إلى ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” عن جهود نادر ومدى اختراقه الدائرة المقربة من ترامب. فقبل انتخابات 2016 بفترة قصيرة اجتمع ثلاثة أشخاص في برج ترامب مع ابن دونالد ترامب جيه آر، وهم نادر وجويل زاميل الإسرائيلي-الأسترالي المتخصص في أساليب التلاعب بمنصات التواصل الاجتماعي، وإريك برينس المؤسس والمدير السابق لشركة التعهدات الأمنية بلاك ووتر.
وبحسب الصحيفة، فقد أخبر أفاد نجل ترامب الأكبر بأن أمراء كل من السعودية والإمارات راغبون في مساعدة والده في الفوز في الانتخابات. وعرض زاميل خدمات شركته التي تجمع البيانات وتشكل الرأي العام من خلال منصات التواصل. وشملت الخطة استخدام آلاف الحسابات المزيفة والترويج لترشيح ترامب على فيسبوك. ولا يعرف ما إن طبقت الخطة أم لا، إلا أن الإمارات اتهمت من فيسبوك وتويتر أكثر من مرة بالتورط في حملات تضليل.
وتابع: “بناء على هذا العرض يدعو هوفمان واشنطن لوقف “الصك المفتوح” لـ”إسبرطة الصغيرة”، والاعتراف بالدور الذي لعبته في زعزعة استقرار الشرق الأوسط وتقويض فرص التحول الديمقراطي بالمنطقة وجهودها للتدخل بطريقة غير قانونية في السياسة الأمريكية المحلية”.
وقال إن “الخطوة المباشرة لعمل هذا هي وقف صفقات الأسلحة إلى الإمارات التي أدت إلى إطالة أمد الحرب بالمنطقة وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ودعم سياسات ليست متوافقة مع المصالح الأمريكية. ومع أن هذه السياسات قد تؤثر على مستقبل الولايات المتحدة في قاعدة الظفرة الجوية، فإنه يجب انتهاز هذه الفرصة وإعادة النظر بالوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة الذي يسهم في عدم الاستقرار”.
وختم بالقول: “يجب أن تقود عملية إعادة النظر في العلاقات مع الإمارات إلى عملية فحص رئيسية للاستراتيجية الأمريكية في كل الشرق الأوسط والقائمة على أسطورة ديكتاتورية الاستقرار”.