رأي- معضلة الخيانة في ليبيا ؟؟!!
*كتب/ احفاف ناجي
علي القادري يقول إن الشعور الوطني يتناسب طرديا مع الحالة المادية للشعب… لا علاقة بأصل وفصل هذا الشعب أو بكونه خليط من عدة أعراق أو عدة طوائف أو أديان ولا بتاريخه.. يعني الشعور الوطني في أمريكا الخليط الحديث أقوى من اسبانيا الدولة الأصلية مثلا..
يزداد هذا الشعور في حالة كون الدولة الغنية تقع في محيط فقير… يقول القادري إن الشعور الوطني أقوى بكثير في دول الخليج المرفهة الواقعة في محيط من الفقر.. يعني بعيدا عن الأساطير الرائجة… فإن نسبة من هو مستعد للخيانة والتعامل مع العدو من مجموع الشعب في العراق أو سوريا أو مصر مثلا وهي دول ذات حضارات عريقة جدا والبروباجندا والعصبة الحاكمة والإعلام عندها يعلي من شأن الوطنية (وأحيانا القومية) فوق الدين.. ستجدها أكثر بكثير من تلك النسبة في دول الخليج..
ويزيد في أمثلة عن دول آسيا زي كوريا الجنوبية واليابان ويقول إن الشعور والانتماء الوطني فيها حقيقي، وليس مثل الشعارات المستهلكة في محيطها الآسيوي الفقير..
((في هذه الحالة وفقا لتصور البروفيسور السنغافوري علي القادري فأن دولة ليبيا التي كانت صاحب أعلى معدل دخل في إفريقيا والمحاطة بملايين الجوعى كان المفترض أن يكون فيها الحس والانتماء الوطني هو الأعلى، وهذا يعاكس ما رأيناه منذ 2011 للآن من عمالة لدول قزمية وانبطاح وخيانة علنية فاقت كل حد، ووصلت لدرجة التفاخر من البعض والذين للمفارقة في أعلى السلم الوظيفي!!…. في الحقيقة لي أمنية في توجيه هذا السؤال للبروفسور القادري لفهم هذه المعضلة)).
هادي العلوي.. في الجذور التاريخية للعمالة يربط الخيانة بالطبقية.
عند العلوي الفلاح الراعي الحداد النجار الخباز لا يخون الوطن…. هؤلاء هم من يدافعون عن الوطن في حالة تعرضه للغزو ومن يدفعون أغلى الأثمان من أجله.. بعكس الطبقة التجارية و(المثقفين)..
هذا يفسر لي سؤال طرحه أحد الأصدقاء في تحدّ يقول: “أعطوني اسم مجاهد يهودي ليبي واحد ضد الاحتلال الإيطالي أو اذكروا لي دور اليهود في أكبر محنة تعرضت لها الأرض الليبية في العصر الحديث”.
في الواقع لو قلنا بـ(خيانة اليهود) لباقي الليبيين اثناء الغزو الإيطالي فذلك ليس لأنهم يهود ولا علاقة للأمر بدينهم أو عرقهم أو كونهم كما تقول الأدبيات الأوروبية في القرن التاسع عشر معادين للدولة الوطنية أو القومية ولا يحملون أي شعور بالانتماء لها…… من وجهة نظر العلوي أن الأمر ليس كذلك بل لأن اليهود كانوا يشكلون الطبقة التجارية الصغيرة في ليبيا آنذاك.. وربما غالبية الطبقة الصغيرة آنذاك من التجار سواء كانوا يهودا أو عربا أو أمازيغ قدموا مصالحهم التجارية على المصلحة الوطنية العليا وتعاملوا مع العدو..
في الحقيقة يصعب إيجاد أمثلة تاريخية على نضال ضد الاستعمار كان يعتمد على هذه الطبقة..
حتى الطبقة الوسطى والتي تحظى غالبا بمديح لا تستحقه لا يمكن مقارنة دورها الوطني بدور العمال والفلاحين ونسبة العمالة والخيانة عندها أعلى..
كرأي شخصي هذه الجزئية ربما تفسر إلى حد ما النسبة العالية من الخيانة والعمالة وانعدام الشعور الوطني في ليبيا الغير متوافق مع نظرية القادري، وتفسر خيانة جزء كبير من الطبقة (الطفيلية التجارية) والطبقة الوسطى والمثقفين للبلاد… وأن نظرة علي القادري لدول الخليج ربما تكون غير موفقة لغياب امتحان حقيقي لهذا الشعور لأنها تتشابه مع ليبيا في هذا المجال. غياب اقتصاد حقيقي و كثرة أصحاب الشهادات العليا والطفيليات التجارية وقلة أو انعدام الطبقة العاملة والفلاحين والتي تمثل الأرضية الصلبة للشعور والانتماء الوطني….