* كتب/ محمد إبراهيم الضراط
عند الحديث عن المصالحة بعد الثورات أو بعد الانتقال من حكم الاستبداد إلى نظام جديد يطمح فيه الشعب للحرية والعدالة ودولة القانون، فأولى أولويات تلك المصالحة هي الحقيقة فلا يمكن الحديث عن العفو أو المصالحة بدونها.
قبل العفو عن أعمدة النظام السابق سواء من خلال العفو العام أو ما يسمى بالعفو الطبي من حق الشعب الليبي أن يعرف الحقيقة في كثير من الأحداث خلال الأربعة عقود من حكم الفرد والاستبداد.
قبل العفو هناك مطالبات بمعرفة ماذا حصل في قضية 1200 شهيد قتلوا داخل معتقلات القذافي ظلما و جورا، نحتاج أن نعرف مكانهم، ولماذا قتلوا و كيف؟ نحتاج أن نعرف من قتلهم ومن أمر بقتلهم؟
قبل الحديث عن العفو نريد أن نعرف حقيقة مصير مئات الطلبة من سُجن منهم وقُتل بلا ذنب، ولماذا قتلوا؟ ومن قتلهم؟ ومن أمر بذلك؟
قبل الحديث عن العفو لابد من معرفة حقيقة المشانق في رمضان المبارك.
من حق الناس أن تعرف حقيقة المدنيين الذين زج بهم في حرب أوغندا ومن رمي في النهر، واختفاء الجرحى إلى يومنا هذا. وغيرها من الجرائم التي لن يتسع هذا المنشور لحصرها.
المصالحة تقتضي الحقيقة، والحقيقة تقتضي القصاص أو العفو، أما ما يحدث الآن من استخفاف بالعقول ومحاولة القفز على الجرائم التي اقرفت بحق الشعب الليبي طيلة العقود الماضية فما هو إلا ضياع للحقوق وزيادة في الإهانة، وإيغار الصدور بالحقد ومزيد من خلط الأوراق.
ما نرجوه هو الاقتراب من المصالحة الحقيقية، أما هذا الالتفاف والإجراءات الخاطئة فلن تزيدها إلا بعدا.
إن معرفة الحقيقة هي من أبسط الحقوق وأنجحها في تحقيق مصالحة حقيقية للانتقال إلى مرحلة أقرب للبدء في السير نحو طريق بناء الدولة.