
تقرير: خسرت المؤسسة الليبية للاستثماردعوى ضد بنك “غولدمان ساكس” عام 2016 بقيمة 1.2 مليار دولار
الناس-
وقعت المؤسسة الليبية للاستثمار اتفاقية مع بنك البحرين (ABC) لحماية أصولها وتطوير أداء محفظتها المستثمرة مع البنك.
وصرح د. علي محمود، رئيس مجلس إدارة المؤسسة ومديرها التنفيذي بالمناسبة أن الاتفاقية تمثل خطوة في تنفيذ قرار مجلس الأمن الذي ينص على السماح للمؤسسة بإعادة استثمار ارصدتها النقدية غير المستثمرة.
يثير هذا الخبر الذي نشر على موقع المؤسسة الجمعة (21 نوفمبر 2025) السؤال القديم المتجدد عن مصير الأصول الليبية المجمدة بالخارج، ويأتي هذا التقرير في محاولة لتسليط الضوء على بعض معالم القصة..
مذكرة لمجلس الأمن..
طالبت مذكرة مقدمة من مجلس النواب ببنغازي مجلس الأمن بمراجعة الأصول الليبية المجمدة في (37) مصرفا حول العالم منذ 2011، وتحديد وضعها القانوني بدقة.
وذكر موقع الحرة الأمريكي أن المطالبة تضمنت مساءلة الدول والمؤسسات التي تدير هذه الأموال بشأن شبهات سوء إدارة.
وفي تقرير أعده الصحفي الليبي “حسونة بعيشو” رئيس الفريق الإعلام بالهيئة التحضيرية للحوار الوطني الليبي، نقل فيه عن عضو مجلس النواب “عمر تنتوش” أن مجلس النواب يطالب بتعيين مكتب تدقيق مالي عالمي ذي خبرة، لمراجعة الأرصدة المجمدة في جميع البنوك منذ 2011.
وأضاف تنتوش: “طالبنا أيضا بتحضير تقرير نهائي يرفع إلى مجلس الأمن ولجنة العقوبات، حتى نعلم تماما أين أموالنا؟ وما هي قيمتها؟ وهل تم سوء استعمالها؟ وإذا ترتب عنها أي أرباح غير مشروعة ترجع لمجموع الأرصدة المجمدة، وقد وجدنا تجاوبا كبيرا من لجنة العقوبات، والدول الصديقة”.
قرارات دولية
يذكر أن مجلس الأمن أصدر في العام 2011 القرار رقم (1970) الذي نص على تجميد الأموال والأصول، وفرض عقوبات على نظام القذافي.
وأصدر القرار رقم (2769) في يناير 2025م، والذي سمح جزئيا للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة جزء من أصولها المجمدة في الخارج.
تقرير: حققت المؤسسة نجاحا جزئيا عام 2017 بعد تسوية مع “سوسيتيه جنرال” الفرنسي بنحو 963 مليون يورو
“لكنّ تنتوش –يقول بعيشو- كشف أن المؤسسة الليبية للاستثمار تواصلت مع البنوك التي تحتجز هذه الأموال في الدول المعنية، ووجدت تباطؤا وتلكؤا في تنفيذ القرار، بحجة عدم وضوحه وآليات تفسيره. وأضاف أن اللجنة طالبت مجلس الأمن ولجنة العقوبات بـ”تبني مذكرة شارحة وإصدارها في أسرع وقت ممكن، توضح لجميع البنوك والدول التي لديها أرصدة مجمدة كيفية تطبيق القرار 2769 بما يضمن حقوق ليبيا، والسماح بعمليات استثمار مضمونةk حتى لا تتآكل هذه الأرصدة”.
محاولات الاسترداد
الحرة أشارت في تقريرها إلى إنشاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في 2017 مكتبا خاصا لمتابعة الأموال المنهوبة في الخارج والتواصل مع الحكومات والمؤسسات المالية لاستردادها.
إلا أن “هذه المحاولة أحبطت بتولي حكومة الوحدة الوطنية 2021، إذ انقسمت تبعية المكتب بين المجلس الرئاسي والحكومة”.
وهنا “تنتوش” عاد ليوضح إن المكتب المزمع إنشاؤه يختلف، إذ ستكون مهمته تتبع الأموال المنهوبة التي أخفاها أعوان النظام السابق.
ونقلت الحرة عن محلل اقتصادي أن (60) مليار دولار أخفيت في الخارج خلال فترة الحصار على ليبيا في التسعينيات، وأن الصراع على هذه الأموال بين شخصيات نافذة فجّر مواجهات سياسية في طرابلس.
كما أن بعض هذه الأموال -وفق التقرير- نقلت إلى حسابات خاصة أو حُوّلت إلى ودائع ذهبية تحتفظ بها حكومات أفريقية، وأُعيد توظيف جزء منها في أدوات مالية دولية لتجنّب العقوبات”.
صفقات سرية..
ويتحدث التقرير –كذلك- عن صفقة سرية بين ترامب ومسؤولين من حكومة طرابلس، جرت محادثاتها في ربيع 2025 وفق صحيفة “ميدل إيست آي” تناولت الصفقة إمكانية رفع التجميد عن جزء من الأصول الليبية. وتوظيفها في مشاريع تنفذها شركات أميركية داخل ليبيا.
ويخشى المحلل الاقتصادي “عبدالله الأمين” أن مثل هذه الأفكار قد تُحوّل الأموال الليبية من أداة وطنية إلى أداة مساومة سياسية.
وقد نفت المؤسسة ما أثير من ضجة إعلامية بالخصوص في وقتها.
نزاعات قانونية..
وتحت العنوان الفرعي “مفاتيح وأقفال” تطرق التقرير للنزاعات القانونية التي خاضتها المؤسسة منذ 2011:
“كان أبرزها في لندن، حيث خسرت المؤسسة الليبية للاستثمار (LIA) دعوى ضد بنك “غولدمان ساكس” عام 2016 بقيمة 1.2 مليار دولار، بعدما رفضت المحكمة مزاعم استغلال البنك لقلة خبرة الصندوق.
وفي قضية أخرى حققت المؤسسة نجاحا جزئيا عام 2017 بعد تسوية مع “سوسيتيه جنرال” الفرنسي بنحو 963 مليون يورو، أعادت بعض الخسائر التي تعود إلى ما قبل 2011.

وفي 2020، أنهت محكمة بريطانية وصايتها القضائية على بعض أصول المؤسسة، ما أعاد لها السيطرة القانونية على جزء من الأموال الليبية. أما في فرنسا، فقد ألغت محكمة باريس عام 2023 أمرا بحجز 360 مليون دولار، معتبرة أن الحجز استند إلى حكم تحكيمي باطل، وهو ما اعتُبر انتصارا قانونيا مهما لليبيا.
ومثّلت قضية “يوروكلير” أطول نزاع مرتبط بالأموال المجمدة الليبية، إذ بقيت أرصدة بمليارات اليوروهات مجمّدة منذ 2011 بسبب قرارات قضائية متكررة. تتعلق القضية بأصول ليبية محفوظة في بنك Euroclear في بروكسل، ضمن قرارات الأمم المتحدة لتجميد أصول ليبيا، وشملت الحسابات أموال المؤسسة الليبية للاستثمار بقيمة تقارب 16 مليار يورو.
وفي يناير 2025، أصدرت محكمة استئناف بروكسل قرارا برفع معظم أوامر الحجز، ما أعاد لليبيا القدرة على التصرف في جزء من هذه الأموال، رغم أن الأصول لا تزال خاضعة لتجميد الأمم المتحدة. وأثارت القضية جدلا واسعا حول حقوق ليبيا في إدارة أصولها المجمدة، خاصة بعد تقارير عن فقدان مبالغ كبيرة وصرف فوائد من هذه الأصول.
وأضاف التقرير نقلا عن محامين أن: “المؤسسة الليبية للاستثمار تكبدت خسائر تقارب 200 مليون جنيه إسترليني في فرص ضائعة على ثلاثة عقارات في لندن وحدها، و23 مليون دولار في فوائد سلبية على الأرصدة النقدية، وأكثر من 4 مليارات دولار في انخفاض قيمة الأصول على مستوى العالم”.
ونقل التقرير: “نظريا، يمكن لليبيا التقدم إلى محكمة العدل الدولية للفصل بينها وبين الدول المسماة، لكن استجابات الدول قد تختلف، وجميعها ستلتزم في النهاية بقرارات مجلس الأمن، ما يجعل نجاح هذه الخطوة أمام المحكمة الدولية أمرا غير محتمل. أما الخيار القضائي الأكثر جدوى فهو التقاضي عبر المحاكم المحلية في كل دولة تحتفظ بالأصول، حيث يجب على ليبيا إثبات أن أصولها فقدت قيمتها نتيجة التطبيق الخاطئ للعقوبات الدولية من قبل كل دولة”.
المركز الليبي للدراسات
خلاصة تقرير “الحرة” تصب في نفس الاتجاه تقريبا مع تقرير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الذي نشر في فبراير 2025م، حيث أكد على ما تواجهه الأصول الليبية المجمدة في الخارج من عقبات قانونية وسياسية وفساد داخلي يعرقل استرجاعها أو استخدامها في التنمية وإعادة الإعمار.
يقول المركز الليبي إن “بعض الأصول تعرضت للتآكل بسبب ممارسات غير شفافة، ما يتعارض مع الهدف الأساسي من التجميد وهو الحفاظ عليها لصالح الشعب الليبي”. كما يوضح أن “المؤسسة لم تقدم بيانات موحدة وفقا للمعايير الدولية منذ 2020م، ما يشكل مخاطر كبيرة، تستدعي إصلاحات جذرية لتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الأصول المجمدة”.
ويتطرق تقرير المركز إلى ما تواجهه ليبيا من نزاعات قانونية مع مصرف إيروكلير في بلجيكا، حيث حاول الصندوق الائتماني العالمي للتنمية المستدامة تحصيل تعويضات مستحقة له بموجب حكم قضائي ضد الدولة الليبية، عبر الخصم المباشر من الأصول المجمدة للمؤسسة الليبية للاستثمار- وفقه.

مركز ليبي للدراسات: “المؤسسة لم تقدم بيانات موحدة وفقا للمعايير الدولية منذ 2020م
ويفصل في ذلك موضحا: “في أكتوبر 2017 فرضت السلطات القضائيات في بلجيكا حجزا قضائيا على أصول المؤسسة، ما اعتبر انتهاكا لتدابير التجميد الدولية، وفي يناير 2024 قررت المحكمة الابتدائية البلجيكية رفع الحجز مع استثناء 2.8 مليار يورو، وهي عوائد الفوائد والأرباح قبل تنفيذ الحجز”.
ثم “في سبتمبر 2022 أصدر قاضي تحقيق بلجيكي قرارا بحجز 2.98 مليار يورو، مستحقة للمؤسسة الليبية بموجب تسوية مقترحة من مصرف فورتس، واعتبر الإجراء انتهاكا جديدا لقرارات تجميد الأصول”.
فوائد سلبية،
التحدي الآخر الذي تواجهه الأصول الليبية في الخارج وفق المركز هو تآكل قيمتها في بنوك دولية تفرض فوائد سلبية بشكل ملحوظ. ويضرب لذلك مثلا، ما تعرضت له الأصول عند نقلها من بنك يوروكلير إلى بنك (ABC)، إذ تعرضت لتراجع احتياطيها النقدي من (1.6) مليار دولار، إلى (1.3) مليار دولار، بسبب الرسوم المرتفعة وضعف الرقابة، مما فاقم خسائر الأصول.
وفي نفس الوقت “فشلت المؤسسة في تحصيل العوائد المستحقة، والتي بلغت منذ 2017 نحو 12.73 مليون يورو”.
ويخلص المركز إلى أن معالجة المشكلة “لا يتحقق دون إنهاء حالة الانقسام السياسي التي تخيم على المشهد الليبي”.
68 مليار دولار..
يشار إلى أن قيمة أصول المؤسسة الليبية للاستثمار التي تأسست في العام 2005 تبلغ نحو (68.4) مليار دولار أمريكي، تتبعها أكثر من 400 شركة، وتمتلك أكثر من 200 عقار حول العالم- وفق بياناتها المعلنة على موقعها. ولازالت تخضع لتدابير التجميد التي فرضها مجلس الأمن في 2011م.



