الرئيسيةالرايثقافة

بعيون مراقب.. من داخل المهرجان الثالث عشر للفنون المسرحية (2)

* كتب/ عبدالحميد محمد جبريل،

بعد أن تركت الإخراج المسرحي نهاية 1998م لأكثر من ربع قرن، باستثناء بعض ما كنت قد نشرته بالصحف، وكان له علاقة بالمسرح حتى سنة 2002م تقريبا، وذلك بسبب ظروف معينة وخاصة قد مررت بها  ومرت بي، وكذلك ما حدث في تلك الحقبة من الزمن أثناء قيام المهرجان الثامن للفنون المسرحية الذي كنت شاركت فيه سنة 1998م، وكانت الجوائز الضخمة التي رصدت لأول مرة ذلك العام قد أثرت سلبا حتى على فكرة التحكيم والفرز في حد ذاتها، وكانت اللجنة التي تولت التحكيم والمفاضلة المتكونة من تسعة أشخاص هي أبرز من اخترق وخالف شروط ذلك المهرجان، مثل بقية بعض الفرق المشاركة، التي خالفت تلك الشروط، بل وحظي بعضها بالفوز أحيانا خلافا لأحد أهم الشروط المطلوبة، وكنت قد كتبت في حينها مقالاً حول هذا الأثر السلبي، عنوانه    (لجنة القضاة التسع) نشر بصحيفة الشمس في العدد رقم (1934) الصادر بتاريخ الخميس 4/11/1998م وأعدت نشره بكتابي (مخاض التجربة) الذي صدر مؤخرا عن الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون والمركز القومي للمسرح، خلال الدورة الحالية للمهرجان بالصفحة (81).

والذي يبدو لي أن ضخامة الجوائز الحالية أيضا قد أفسدت أيضا نتائج هذه الدورة، والتي لم أشاهد أو أعاصر قبلها أي دورة سابقة لأي مهرجان مند ذلك الزمن، ولكن هذه النتائج تقول إن السير من سنة 1998م مازال على نفس المنوال إن لم يكن أسوأ.

وأعترف بأنه كان لدي هاجس داخلي قوي قبل أن أحضر هذه الدورة بأن الجميع قد اجتازني واجتاز قدراتي المتواضعة ومعرفتي بالمسرح، خاصة الجيل الجديد الذي اعتقدت بأنه يمتلك الآن الكثير من التقنيات الجديدة في لغة العرض، ليثبت بها جدارته في هذا المجال، ولكن كانت الصدمة كبيرة بالنسبة لي بعد أن أدركت أن شيئا لم يتطور ولم يجتازني، بل أن ما قدم في المهرجان الرابع والخامس والسادس للفنون المسرحية في الزمن الماضي على التوالي، رغم عدم وجود لجنة للمشاهدة والفرز، لم يكن له من نتائج هذه الدورة حتى مستوى ربع المنافسة مع تلك الدورات، رغم هامش الحرية المحدود في تلك الحقبة، بالنظر إلى أن الإبداع يتطلب قدرا من الحرية، وأقصد في موضوع وشكل ومحتوى العرض، كما أٌقر أيضا وأعترف بأنه وبعد أن شاهدت جميع عروض المهرجان لم أستطع إكمال مشاهدة أغلبها، لأنه كما يقال (الربيع من فم الدار يبان)وأٌقر أيضا بأنني قد استمتعت بمشاهدة القلة فقط من هذه العروض حتى نهايتها، وجعلتني بعض هذه العروض متسمراً على كرسي المشاهدة حتى آخر لحظة من لحظات عرضها.

كما أن جمهور العروض المسرحية المقامة، جلّهم من أعضاء الفرق المشاركة بطبيعة الحال، وأنا لم أكن أنتمي إلى أي فرقة، وأنتمي إلى مدينة مصراتة مسقط الرأس فقط، وهى المدينة التي لم تشارك بأي فرقة في عروض هذه الدورة من المهرجان، وهذا ما ساعدني على الاسترخاء في مقعدي لمتابعتها بمتعة وعناية، دون ترصد أو محاولة لاكتشاف الأخطاء بطريقة تقريرية، شأن جمهور الفرق الذي كان مترصدا لبعضه البعض حتى في الندوات التي كانت تقام بعد كل عرض.

وقد تابعت كل ذلك، عدا العروض التي لا تستحق المتابعة من الأساس، بل وتستحق مغادرة مقعد المشاهدة والصالة فور بداية هبوط العرض في كل منها.

وعليه فإن كل من أدلى بانطباعاته ورأيه من الفرق المسرحية المشاركة حول العروض، سواء في الندوات المقامة أو خارجها، سواء كان بالشكر والثناء أو بالانتقاد اللاذع أحياناً، حتى وإن وافق قوله الصواب، أعتبر شهادته مجروحة في ما كان يقول، لأنه ببساطة ينتمي إلى هذا الجمهور المترصد، وعليه وعلى كل ما ذكرت فإنني عندما أمارس النقد من موقع المراقب، لا أمارسه بمعيار شخصي ولا مصلحة لي في ذلك أصلاً، وقد حاولت أن أمارسه بمعايير موضوعية ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

لقد لاحظت تواجد أعضاء لجنة التحكيم بالمهرجان وهم يتابعون حلقات النقاش وكنت أود عدم تواجدهم فيها، وقطعهم معها كلياً كقطعهم عن إبداء أرائهم تماماً قبل إعلان النتيجة، فهي ليست مفيدة، ولها تأثير سلبي كما اتضح من خلال النتائج فيما بعد، وذلك لأن هذه الندوات المقامة لم تحمل في مضمونها أكثر من آراء وانطباعات لجمهور مترصد، ينتمي إلى هذه الفرق المشاركة أو رؤوس أقلام فقط لعملية نقدية متأنية وغير فورية، وأجزم يقيناً بأن فريق التحكيم قد تأثر بالنتائج السلبية لهذه الندوات، فكانت النتائج وبنسب متفاوتة غير موفّقة في بعض منها، وموفّقة في بعضها الآخر، وربما كانت موفّقة في ما تم حجبه من جوائز.

وأجزم بأن وجود هذا الترصد عند هذا الجمهور الذي ينتمي في أغلبه إلى هذه الفرق هو بسبب مقدار وحجم هذه الجوائز الكبيرة التي خصصت لنتائج التحكيم، وبأن خلاصة آرائه محصورة حسب المثل الشعبي (كل واحد يداعي في النار لخبزته) في الحلقة القادمة سوف نعرض لهذه المعضلة وما يمكن أن يكون حلاً صالحاً لأن يخفف من وطأتها ويرضي كافة الفرق وفي الوقت ذاته يحفظ تميز بعض العناصر دون البعض الآخر ودون إهدار لحق أي طرف.

 

يتبع …………….)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى