اجتماعياخبارالرئيسية

نشاط توعوي لمكتب الإرشاد والتوعية بالمنطقة الوسطى بجهاز مكافحة المخدرات والمتعاونون معه

المدهم: نسعى لإطلاق برنامج جديد بشعار: "من أجلك جئنا.." للتوعية بالأمن الرقمي والمخاطر الاجتماعية الأخرى

الناس-

أمام المقهى جلس الرجل مهموما، فالمأزق الذي أوقعته فيه ابنته دون وعي منها، أوقعه في حيرة، ووضعته أمام اختيارات أقلها أن يدفع المال، وليس آخرها (العار) الاجتماعي.

فأثناء نشاط ابنته المعتاد على مواقع التواصل وصلها اتصال من شاب على الطرف الآخر، استطاع أن يكسب ثقتها بعد أن استعان بفتاة أخرى تزعم أنها شقيقته، وأخبرتها أن شقيقها (المزعوم) معجب بها ويريد الدخول من الباب، وشيئا فشيئا أقنعها أن تبعث إليه بصورها في المنزل، وتعرف على دقائق الأمور في عائلتها، وبثقة غبية وقعت في حبائله، ثم جاء الوقت الذي يطلب فيه منها المال، أو إنه سينشر صورها على العام.

حسنا فعلت الفتاة حين وضعت والدها في الصورة قبل فوات الأوان، والخيار الذي اتجه إليه الوالد بنصيحة من صديق أن يطرق أبواب جهة أمنية، تمكنت في ظرف وجيز أن تصل إلى الجاني..

حوار مع النفس

هذه واحدة من القصص الكثيرة في مجتمعنا، ويوجد غيرها الكثير مما يعلن عنه أو لا يعلن عبر صفحة مكتب النائب العام، وقد كانت المدخل للقائنا بالمهندس “ناصر المدهم” الذي ينشط حاليا في الإرشاد والتوعية بالمخاطر الاجتماعية التي تهدد الشباب والفتيات. والذي تحدث لصحيفة الناس عن نشاطه في مجال التوعية.

“ناصر” مهندس ميكانيكي، يعمل لدى الشركة الليبية للحديد والصلب، لكنه ابن هذا المجتمع، كانت بدايته في نشاط التوعية عندما رأى أقارب ومعارف يقعون في فخ الإدمان، ويتحسر: “كنت أعرفهم شبابا يافعا، معدنهم طيب، لكن لنقص التوعية، فقد تم استقطابهم ووقعوا ضحايا لشبكات الجريمة، وبعضهم وصلوا إلى السجن لقضاء محكوميتهم”.

يقول ناصر إنه شرع في الحوار معه نفسه، وبوازع شخصي تحرك لمواجهة الخطر، فبدأ أولا بالمؤسسات التعليمية في منطقته، وبالعلاقة الشخصية مع الإدارات نظمت له محاضرات توعوية موجهة للأطفال.

وعندما أحس أنه يترك أثرا جيدا، توقف، ليبحث عن إطار قانوني صحيح يمارس فيه الدور التوعوي، ووجد ضالته في مكتب الإرشاد والتوعية بالمنطقة الوسطى، والتابع لجهاز مكافحة المخدرات.

البداية الصحيحة

يقول إن المقدم “عبدالوهاب أبوحجر” مدير المكتب رحب به أيما ترحيب، فقام بمعيته بوضع برنامج يستهدف شرائح الشباب من سن (10- 25) سنة. فكانت الانطلاقة الحقيقية لعمل ذؤوب، زار من خلالها 18 معهدا متوسطا، بالإضافة إلى معظم كليات جامعة مصراتة، وبعض الثانويات أيضا، ومركز التأهيل والإصلاح بمنطقة ماجر، ومدارس بتاورغاء..

المحاضرات تضمنت التوعية في عدة محاور أولها خطر المخدرات، وكيف أن “التدخين هو البوابة الأولى للإدمان، أخبرنا أبناءنا أن الحبوب المخدرة تدخل إلى بلادنا بعشرات الملايين، وأن (الهيروين) يدخل بكميات مهولة (ربما أطنان)، وكانت النتيجة من هذه المحاضرات هو التفاعل الإيجابي لدى الشباب والفتيات، اتضح ذلك حين وزعت أوراق بيضاء على الحضور، وطلب منهم كتابة ملاحظاتهم ومشاهداتهم واستفساراتهم، دون الإفصاح عن أسمائهم.. فحصل ما كان متوقعا.

يقول الضيف إن فتيات أبلغن (من خلال الأوراق البيضاء) عن تعاطي أشقائهن، وأن العائلة تتكتم على الأمر خشية الفضيحة. وأن العائلة اكتشفت ذلك بعد تغير سلوكيات الشاب، ثم اختفاء بعض الأشياء الثمينة من المنزل..

ضحايا الاحتيال الإلكتروني

المحور الثاني الذي تدور حوله المحاضرات هو الجرائم الإلكترونية، كالمشار إليها في مقدمة هذا التقرير.

الجريمة الإلكترونية كما يعرفها “المدهم” هي نشاط إجرامي يستخدم فيه الحاسوب كأداة أو كهدف، قد يتعرض فيه الضحية للاحتيال الإلكتروني، أو الابتزاز، أو قرصنة بياناته أو حسابه، أو يتعرض جهازه للفيروسات الضارة.

ومن خلال نشاطه ابتداء من العام 2024، فإن الفتيات في مجتمع كان منغلقا، يقعن ضحايا لهذا النوع من الجرائم، لأن العالم لم تعد له حدود، وصار بالإمكان التجول فيه على مساحة سنتيمترات مربعة هي مساحة شاشة الهاتف المحمول.

فتصلهن وتصل الشباب والأطفال وكل أفراد العائلة أفكار غريبة، تدعو للانحلال وإلى عقائد بعيدة عن ديننا، وقد تدخل الفتاة في قصص عاطفية مزيفة، أو في نشاطات تديرها شبكات للذعارة، قد يكون مدخلهم هو المناداة بحرية المرأة، أو باسم حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وكأن مرجعيتنا الدينية لا تكفل ذلك.

وعندما تتورط تصبح عرضة للتهديد وطلب المال أو الفضيحة.

والنصيحة هنا أن لا تتمادى الضحية، لأن الأمر لا حدود له، ويجب التوجه للأهل ومصارحتهم، ثم التوجه لجهات الاختصاص لوضع حد للجناة.

العبء الأكبر على الأمهات

أيضا النصيحة للأهل والأمهات على وجه الخصوص، فإعطاء الطفل هاتفا لشغله وفتح الانترنت له دون رقابة قد يجعله ضحية لزرع أفكار تتنافى مع مجتمعنا، فعلى الأمهات يقع العب الأكبر لحماية أطفالهن من المواقع المشبوهة، وواجبهن فتح حوار معهم وتعويدهم على الصراحة للوقوف معهم عندما تواجههم المشاكل.

من خلال هذا يصل ضيفنا إلى المحور الثالث من نشاطه التوعوي، والذي يتضمن المخاطر الاجتماعية عموما الناتجة عن ظواهر جديدة على مجتمعنا، كتسليم تربية الأولاد للمربية دون متابعة دقيقة، ويخشى المدهم هنا أن الأمر أصبح ظاهرة خطيرة، خاصة وأن بعض العائلات أسكنت المربيات الأجنبيات في المنزل معهم، وما يحمله ذلك من مخاطر ضبطتها كاميرات المراقبة، فالأم تخرج من البيت لساعات طويلة وتترك الطفل مع “المربية”، وشيئا فشيئا يبتعد عن أمه، ألا تخشى مستقبلا أن يدفع بها لدار المسنين؟

“بعض” المربيات في المنازل ارتكبن أفعالا إجرامية، كالسرقات وأعمال الشعوذة، فهذه أمور شائعة وليست أقل ضررا من الأمور الأخرى- يقول الضيف.

ويرى “المدهم” أن أسباب الوقوع في كل هذه الشراك، هو ضعف الوازع الديني، ونقص الوعي والثقافة، وتقع على كاهل خطباء المساجد مسؤولية في توعية أولياء الأمور بهذه المخاطر.

“من أجلك جئنا”

تحدث أخيرا عن الصعوبات التي تواجههم كفريق توعوي، من بينها عدم تقبل بعض المؤسسات المستهدفة للفكرة، وهذا غريب –كما يقول: “وجدنا مسؤولين يطلبون رسائل رسمية، ونظرا للمركزية في جهاز المكافحة يستغرق الأمر وقتا، ونتساءل هنا ألا يمكن تبسيط الأمر في موضوع التوعية بحيث تسهل المهمة؟”.

ويستعد حاليا للانطلاق في برنامج جديد سيكون شعاره مبدئيا: “من أجلك جئنا..”. وسيستهدف المؤسسات التعليمية عموما..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى