
بموجبها تتحول لجنة (5+ 5) إلى مجلس تنسيق دفاع مشترك
الناس-
دعا المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية إلى تبني نموذج “الجيش متعدد النوى” كخيار استراتيجي قابل للحياة، للخروج من مأزق الانقسام في المؤسسة العسكرية.
وفي ورقة نشرها في مطلع أكتوبر تحت عنوان “خارطة طريق لبناء جيش ليبيا.. استراتيجية براغماتية لبناء جيش وطني” دعا إلى تحويل لجنة (5+ 5) إلى مجلس تنسيق دفاع مشترك بصلاحيات واضحة ومحددة.
ويرى معدو الورقة أن “إشكالية بناء جيش وطني موحد في ليبيا هي أكثر تعقيدا من مجرد دمج فصيلين مسلحين”، وأن الدعوة للتوحيد الفوري ساذجة، لأنها –حسبهم- تتجاهل أن الكيانات المسلحة القائمة ليست جزءا من الحل، بل هي تجسيد للمشكلة نفسها.
وللخروج من هذه الإشكالية يقدمون ما وصفوه بالرؤية الاستراتيجية البديلة والبراغماتية: وهو “الجيش متعدد النوى”.
وتقسم الورقة المشروع إلى ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى
المرحلة الأولى هي الاعتراف باللامركزية وتأسيس آليات التنسيق في غضون سنة إلى ثلاث سنوات. وذلك بالتخلي عن وهم “القيادة المركزية الموحدة” كهدف فوري.
على المؤسسين في المرحلة الأولى أيضا الاعتراف بالواقع الذي يتضمن وجود نوى عسكرية جهوية كأمر واقع، واحدة في الغرب وثانية في الشرق والثالثة في الجنوب، وعليه ينبغي التنسيق الوظيفي بين هذه النوى بدلا من الدمج الهيكلي، باستخدام لجنة (5+ 5) العسكرية وتحويلها إلى “مجلس تنسيق الدفاع المشترك”.
وعليهم أيضا (المؤسسين) تحديد مصفوفة التهديدات المشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة، وتحديد المصالح المشتركة كتأمين النفط وأمن الحدود. وينشأ لكل تهديد غرفة عمليات مشتركة، تضم ضباط اتصال من كل النوى.
المرحلة الثانية
في المرحلة الثانية تدعو الورقة إلى بناء الثقة وتوحيد الوظائف الداعمة في غضون (3- 7) سنوات.
وبناء الثقة سيكون عبر المصالح المتبادلة، كضبط خلية إرهابية أو شحنة مخدرات بجهد مشترك، بعيدا عن الخطاب السياسي المتشنج.
وبعد بناء الثقة يُشرع في التوحيد الوظيفي للوحدات غير القتالية، على سبيل المثال فيلق الهندسة العسكرية الموحد، إدارة الطب العسكري الموحدة، هيئة الاتصالات العسكرية الموحدة.
في هذه المرحلة أيضا يشرع في توحيد التدريب والعقيدة بشكل عملي، فيمكن مثلا أن يستضيف الشرق مركزا لتدريب المدرعات، والغرب مركزا لتدريب المدفعية، والجنوب مركزا لتدريب حرب الصحراء، ويتم إرسال ضباط وجنود من جميع النوى للتدرب معا في هذه المراكز، وفي هذه الدورات المشتركة يتم تدريجيا إدخال مفاهيم “الكتاب الأبيض للدفاع الوطني” الذي تمت صياغته في المرحلة النظرية.
المرحلة الثالثة
المرحلة الثالثة والأخيرة يأتي الإدماج الهيكلي التدريجي لتكوين الجيش الوطني في مدة أقلها سبع سنوات.
وترى الورقة أن هذه المرحلة هي الأكثر حساسية، لكنها ستكون نتيجة طبيعية للمراحل السابقة لها، وفيها تنشأ قيادة أركان مشتركة حقيقية، بتحويل “مجلس تنسيق الدفاع المشترك” إلى “رئاسة أركان مشتركة” بصلاحيات قيادة وسيطرة حقيقية ولكن بشكل تدريجي.
وفيها أيضا تشكل ألوية مختلطة كخطوة متقدمة، بتشكيل أول لواء قتالي مختلط تحت قيادة واحدة.
وتأتي بعدها خطوة إخضاع الجيش للسلطة المدنية المنتخبة، بعد أن يكون هناك تقدم حاسم في المسار السياسي، بوجود دستور دائم للبلاد وحكومة منتخبة، الأمر الذي يضمن خضوع المؤسسة العسكرية للقرار الديمقراطي ويمنع هيمنتها على الحياة السياسية.
ويعتقد معدو الورقة بأن الجيش الليبي الذي يمر بهذه المراحل سيصبح فاعلا وأكثر قوة واستقلالية في مواجهة القوى الخارجية.
مسار طويل وشاق
تؤمن الورقة أن هذا النموذج ليس حلا سريعا ولا مثاليا، بل هو “مسار طويل وشاق، ولكنه واقعي، لا يتجاهل واقع الانقسام والتبعية، بل يبدأ منه، وإنه لا يفرض الوحدة من الأعلى، بل يبنيها بصبر من الأسفل”.
كما تؤمن أن بإمكانه أن يحول الديناميكيات المدمرة “للحرب الدولية الجديدة” إلى محفّز للتعاون، ويستعيد لليبيا قرارها السياسي والأمني، والبدء في الرحلة الطويلة نحو بناء دولة ذات سيادة حقيقية.
توصيات للقوى الوطنية
وتوصي الورقة في حال تبني “نموذج الجيش متعدد النوى” إلى البدء بالتهديدات الجامعة بأن تكون أولوية مطلقة للمجلس المشترك، كالإرهاب والجريمة المنظمة وأمن الحدود.
كما توصي بإطلاق مسار “العقد النفطي الجديد” بالتوازي مع المسار العسكري، لوضع آلية شفافة وعادلة لإدارة عائدات النفط، لأن “هذا الإجراء هو الضربة القاضية لاقتصاد الحرب”.
وتدعو الوقة إلى الاستثمار في الجيل الجديد، بتوحيد مناهج الكليات العسكرية فورا، والبدء في صياغة عقيدة دفاع وطني مشتركة، لضمان النشوء على مبادئ الولاء للوطن لا للجهة أو القبيلة أو القائد.
وتوصيات للمجتمع الدولي
كما وجه المركز دعوة للمجتمع الدولي للانتقال من “إدارة الصراع” إلى “دعم الحل”، وإلى دعم تجفيف منابع اقتصاد الحرب، ووضع جدول زمني ملزم لخروج المرتزقة.
إلى جيش متعدد النوى
الورقة جاءت في حوالي (22) صفحة استعرضت في بدايتها الواقع، محاولة إعادة تأطير الإشكالية الليبية، كما استعرضت مسارات الإمكانية النظرية لتأسيس جيش وطني، وحللت العقبات البنيوية، قبل أن تقدم رؤيتها الاستراتيجية للخروج من المأزق والتي وضعت لها عنوان “الجيش متعدد النوى”.
 
				


