من طرابلس إلى موسوعات الأدب: إرث الشاعر والأديب خليفة التلّيسي

* كتب/ محمد المهدي زعبية،
الشاعر والأديب الليبي خليفة محمد التليسي يعد أحد أبرز وجوه الأدب والثقافة في ليبيا خلال القرن العشرين، جمع بين الإبداع الأدبي والبحث العلمي والنشاط المؤسسي، وترك بصمة واسعة في الحقلين الثقافي والسياسي.
نبذة عن حياته
ولد خليفة محمد التليسي في مدينة طرابلس عام 1930. حصل على الشهادة الثانوية ودبلوم التعليم العالي، ثم عمل في التدريس وبدأ حياته الوظيفية في مجلس النواب الليبي عام 1952، وتدرج في عدة مناصب حكومية وثقافية بينها أمين عام المجلس، ثم وزير الإعلام والثقافة بين عامي 1964 و1967، وسفير ليبيا لدى المغرب عام 1968.
في السبعينات، تفرغ للنشاط الثقافي وأسهم بفعالية في تأسيس وإدارة العديد من المؤسسات الثقافية الليبية والعربية، مثل الدار العربية للكتاب واتحاد الأدباء والكتاب الليبيين.
اشتهر التليسي بموسوعيته وتنوع إنتاجه بين الشعر والرواية والدراسات التاريخية والنقد والترجمة، وكتب في قضايا الهوية والثقافة الليبية والعربية بمنهج علمي دقيق. برز بصفته شاعرًا ونشر عدة دواوين منها:
* “وقف عليها الحب” (1980)
* “شاعر القرية” (1981)
* “ديوان خليفة محمد التليسي” (1989)
* “قدر المواهب” (1990)
* “المجانين” (1991)
كما أسهم في مجال النقد الأدبي بكتبه “الشابي وجبران” (1957) و”رفيق.. شاعر الوطن” (1965)، وأنجز مختارات “قصيدة البيت الواحد” (1990). واتهمه بعض النقاد باقتباس فكرة “قصيدة البيت الواحد” التي لاحقاً تناولها أدونيس، بينما أكد مختصون أن هذا المفهوم أصيل في النقد العربي القديم.
أعماله في الترجمة والمعاجم و إسهاماته المؤسسية والفكرية
يعد التليسي من أبرز المترجمين في ليبيا، ونقل إلى العربية أعمالاً أدبية وتاريخية هامة، منها أعمال لوركا وطاغور وكتب عن ليبيا مثل “سكان ليبيا” لأنريكو دي أغسطيني. كما أنجز قاموس إيطالي-عربي يُعد من أهم قواميس القرن العشرين، إضافة إلى سلسلة من المعاجم العربية التي قام بتأليفها بجهود فردية جبارة.
أنشأ وأدار الدار العربية للكتاب، التي لعبت دورا محوريّا في نشر مؤلفات أدباء المغرب العربي والعالم العربي. كما كان أحد مؤسسي اتحاد الأدباء والكتاب الليبيين، وشارك بتأسيس اللجنة العليا لرعاية الفنون والآداب وجمعيات فكرية وثقافية عديدة.
الأثر والإرث
امتدت مسيرة خليفة التليسي لأكثر من ثمانين عامًا، توفي عام 2010 بعد إرث كبير من الكتب والدراسات والبحوث. يختصر إرث التليسي في الجمع بين الأصالة والتجديد، والانفتاح على الثقافات مع الجذور القوية في التراث العربي.