
الناس-
رفض عميد بلدية مصراتة “محمود السقوطري” ما حصل من اعتداء على العمالة الوافدة عقب مظاهرة ترفع شعار “لا للتوطين” كما رفض خلط ملف التوطين بملف القضية الفلسطينية.
وخرج السقوطري في تصريح له السبت (27 سبتمبر 2025م) هو الأول منذ توليه مهام رئيس المجلس البلدي للفترة الثانية، انتقد فيه زميلا له في المجلس ظهر في المظاهرة أثناء تلاوة البيان وسط ميدان الساعة..
وجاء الكلمة التي استغرقت قرابة عشر دقائق أن “جل سكان المدينة يستفزهم ما يحصل من توافد أعداد كبيرة جدا من العمالة غير الشرعية داخل المدينة، وهذا لا يمكن أن تتحمل المدينة وزره، لأن المسؤول عنه من يؤمن المنافذ الليبية خاصة الجنوبية.. بالتالي لا يمكن تحميل مدينة مصراتة وزر ما يقوم به ما يسمى بالجيش الليبي”.
السقوطري: سبب تفاقم الأزمة أن من يقوم بتأمين الحدود هو من يدخل هذه العمالة ويجبي عنها إتاوات
وأعرب عميد البلدية عن أسفه مما جنحت إليه المظاهرة قائلا: “كنا نتمنى أن تأخذ المظاهرة سياقها الطبيعي، كلنا مع التظاهر، كلنا مع المطالب المشروعة في تنظيم العمالة، لكن ما حدث يوم الأمس (الجمعة) بصراحة أزعجنا كثيرا، اعتداءات على أناس جلهم أبرياء، يسعون إلى لقمة العيش، وهذا أمر لا يقبله عقل ولا منطق ولا دين”.
وركز في كلمته إلى نقطتين رئيسيتين: أولاهما حضور عضو بالمجلس البلدي لهذه المظاهرة:
“بصراحة تطرح عديد علامات الاستفهام، خاصة والمجلس البلدي كان قد شكل لجنة برئاسة أحد أعضائه، قامت بعمل كبير في هذا الجانب، وهي على تواصل تام مع الحكومة، فمشاركة عضو البلدي وكأنه لا يدري ما يحصل، فهذه مشكلة”.
وثاني النقاط هو الخلط (المثير للشبهة) بين ملف التوطين وبين القضية الفلسطينية: “آخر شيء كنت أتوقعه أن تخرج أصوات من مصراتة تهاجم أهلنا الفلسطينيين، وتطلق عليهم أوصافا لا يمكن أن تنطبق على من نستلهم منهم معانى الرجولة والكرامة، وخاصة في هذه الظروف. وكلنا يعلم ما يقدمه نشطاء هذه المدينة من أجل القضية من غير جميل أو منة. فلا يمكن أن نسمح بالتهجم على فلسطين أو أبناء فلسطين بأي حال من الأحوال”.
السقوطري: ليبيا لازالت تحت القرار الأممي 1973 لحماية المدنيين، وهو حجة وذريعة للتدخل لحماية أي مدني على الأراضي الليبية وحمايته
وتحدث السقوطري عن كيف أن موضوع الهجرة طويل ومعقد، أعجز دولا كبرى راسخة في التعامل معه، موضحا أن المجلس البلدي يحمل هم هذا الملف من خمس سنين.. وتأسف أن لا يوجد حراك جدي لتنظيم دخول العمالة الوافدة بطرق غير رسمية، لماذا؟
يجيب: “لسبب رئيسي؛ لأن من يقوم بتأمين الحدود هو من يدخل هذه العمالة ويجبي عنها إتاوات، وبالتالي، إذا كانت دول كبرى عجزت عن منع الهجرة فهل يعقل أن مدينة كمصراتة وحدها ستمنع. أعتقد أن هذا غير منطقي”.
وتحدث عميد البلدية عن المتظاهرين معربا عن اعتقاده أنهم ما خرج (جلهم) إلا خوفا على بلادهم ومدينتهم من طمس هويتها، وأكد تضامنه معهم في هذا الجانب، لكن ما حصل من انحراف المظاهرة مدان في مذهبه.
وتابع أن “ما حصل من اعتداء على أناس جزء كبير منهم يحملون نفس معتقداتنا ونفس ديننا، وفي نفس الوقت أناس خرجوا من مساكنهم هربا من القتل والحرب والانتهاكات، وطلبوا بيئة آمنة لدينا، نحن نسعى لتوفيرها لهم كلاجئين وليس كمقيمين دائمين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل عاقل بالتوطين”.
وأضاف: “ما حصل بعد المظاهرة، كان ضارا بمدينتنا، فلا ننسى أن ليبيا لازالت تحت القرار الأممي 1973 لحماية المدنيين، الذي بني عليه التدخل العسكري في 2011، وهو لم يختص بالمدنيين الليبيين، فهو حجة وذريعة للتدخل لحماية أي مدني على الأراضي الليبية وحمايته، ونعلم يقينا أن جزءا كبيرا من دعوات عدم الاستقرار في ليبيا، جزء من هدفها هو توطين جزء من الأفارقة من غير المرغوب فيهم في أوروبا، وإبقائهم في ليبيا. فأعتقد أن بتصرفاتنا هذه قد نعطي ذريعة لتدخل خارجي (عسكري) داخل ليبيا، وستكون عواقبه علينا جميعا”.
وتوجه رئيس بلدي مصراتة برجاء للمتظاهرين، بأن يضغطوا على الحكومة لتفعيل قراراتها التي أصدرتها مؤخرا بالخصوص، معتبرا أنها قرارا جيدة في إطار التنظيم، باستصدار بطاقات عمل للعامل الوافد، وبطاقات تأمين، أو رفع الدعم عن السلع، يراها صحيحة وتصب في اتجاه التنظيم.
كما تمنى على المتظاهرين أن يساعدوا لجنة البلدي بالضغط على أصحاب السكن العمالي لعدم تسكين العمالة العازبة داخل الأحياء السكنية، ولا مانع لديه من تسكين العائلات الذين مروا بظروف قهرية.
وأشار إلى أن المشاهد التي وقعت بعد المظاهرة تسيئ للمدينة “خاصة وأن كل رؤساء الجاليات والقنصليات الأجنبية المعتمدة في ليبيا، كانت تشيد بالأمن في مدينة مصراتة والاستقرار داخلها، ولا نريد رسائل مخالفة بسبب ما حصل، ولا نريد دعوات عدم الاستقرار، لأننا جميع سنكتوي بنارها”.
وتوجه عميد البلدية في نهاية كلمته برسالة لحكومة الوحدة الوطنية راجيا منها أخذ هذا الملف كأولوية قصوى، ومسألة أمن قومي غير قابل للنقاش، وطالب رئيس الحكومة بالضغط على كافة أجهزة الدولة للإسراع في حلحلة الملف الشائك، بالتماهي مع مقترحات وزارة العمل التي وصفها بالجيدة والقابلة للتنفيذ، وعاد أخيرا ليقول: “نعلم يقينا أن المسؤولية تقع على من أدخل ولازال يدخل هؤلاء، ولكن على الأقل داخل مدنن، نتمنى أن تتولى الحكومة هذا الملف فيها بكثير من الاهتمام”.