
العربي الجديد-
أعلنت النيابة العامة في ليبيا، مساء الأحد (28 سبتمبر 2025م)، عن تحريك الدعوى العمومية ضد تسعة أشخاص يشتبه في تورطهم بأفعال تمس الاقتصاد الليبي.
جاء القرار بعد تحقيقات أجراها مكتب النائب العام بالتعاون مع جهاز المباحث الجنائية استناداً إلى طلب من مصرف ليبيا المركزي. وكشف التحقيق أن المتهمين، في مدينة طرابلس، استخدموا معدات نقاط البيع (POS) المملوكة لشركات صرافة تعمل في تركيا ومصر، دون الحصول على ترخيص رسمي. ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها النيابة، فقد تم استخدام هذه النقاط في عمليات الخصم المباشر بالبطاقات الإلكترونية للحصول على مخصصات المواطنين من العملة الأجنبية، لأغراض شخصية، دون المرور بالمنظومة المصرفية الوطنية.
وتعتبر هذه الأفعال مخالفة للقوانين الاقتصادية والمالية في ليبيا، إذ تؤدي إلى تسرب العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، وهو ما يهدد استقرار النظام المصرفي والاقتصاد الوطني، وفق خبراء محليين. وفي هذا السياق، قررت النيابة العامة حبس المتهمين احتياطياً على ذمة التحقيق لحين استكمال الإجراءات القانونية ومواجهة التهم الموجهة إليهم. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود مصرف ليبيا المركزي والسلطات القضائية لضبط التعامل بالعملة الأجنبية ومكافحة الأنشطة المالية غير القانونية، في وقت تعاني فيه البلاد من تحديات اقتصادية كبيرة تشمل انخفاض الاحتياطات وتضخم الأسعار وانقسام المؤسسات المالية.
وأكد المحلل المالي صبري ضو، لـ”العربي الجديد”، أن “الأزمة ليست محصورة في فقدان بعض المخصصات، بل تكمن في تأثيرها التراكمي على الاحتياطيات الرسمية للمصرف المركزي. أي عمليات غير رسمية لسحب العملة الأجنبية تضعف قدرة الدولة على التدخل في الأسواق وتنظيم أسعار الصرف، خاصة في بيئة يعاني فيها الاقتصاد الليبي من انقسام المؤسسات المالية وتراجع الإيرادات النفطية”. وأضاف أن “هذه المخالفات يمكن أن تؤدي إلى زيادة حجم السوق الموازية للعملة الأجنبية، ما يرفع مستوى التضخم ويؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، ويزيد الضغوط على ميزانية الدولة التي تكافح لتغطية رواتب القطاع العام ودعم السلع الأساسية”.
من جهته، أشار المصرفي معتز هويدي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “استخدام نقاط بيع غير مرخصة يعطل نظم الدفع الإلكترونية الرسمية ويهدد الثقة في القطاع المصرفي”، مؤكدا أن الثقة هي رأس مال النظام المصرفي، وأي تلاعب غير قانوني يضر بالاستقرار النقدي ويضعف قدرة الدولة على تمويل مشاريعها الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن “الأثر لا يتوقف عند حدود الاحتياطيات، بل يمتد إلى زيادة نشاط السوق الموازية للعملات الأجنبية، حيث تنتشر تداولات غير رسمية بعيدة عن الرقابة المصرفية، ما يشجع على المضاربات ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الصرف.