
* كتب/ مفيد أبومديس،
من يومين، التقيتُ ورفيقي مسعود بالزميل محمد الذي يرقد لتلقي العلاج…. هناك، في أروقة “المعهد القومي للأورام.. مصراتة
دخلنا غرفته نتفقد حاله ونشدّ من أزره، لحظات من الحديث والطمأنة، وإذا بالممرضة نورية تدخل حاملة وصفة طبية، وبلهجة هادئة لكن صارمة، قالت:
“نحن بحاجة لهذه الأدوية بشكل عاجل”
استلم مسعود الوصفة وخرج مسرعًا لجلب العلاج، وما إن وصل إلى باب الغرفة، حتى لحقت به الممرضة نورية، وضعت يدها في جيبها ونادت عليه قائلة:
“بالك ناقصاتك فلوس… تفضل!”
توقفنا للحظة. لم تكن كلماتها فقط هي ما استوقفنا، بل الموقف بأكمله. كان تصرفها عفويًا، صادقًا، ومشحونًا بروح المسؤولية. لم تنتظر طلبًا أو تلميحًا، بل تصرفت كأن المريض واحد من أهلها، وكأن الشأن شأنها. لم يكن ذلك موقفًا تقليديًا لممرضة في ردهات المستشفى، بل كان موقف “إنسان” قبل كل شيء.
كم من مواقف تمر بنا في الحياة، وتمر مرور الكرام؟ لكن مواقفا مثل موقف نورية لا يُنسى.
لقد علّمتنا تلك اللحظة أن الرجولة ليست حكرًا على الرجال، وأن المروءة لا تُقاس بالهيئة ولا بالمهنة، بل بالفعل والموقف والتصرف في الوقت المناسب.
نورية، ممرضة تحمل لقب “إنسانة” بكل جدارة. في مؤسساتنا الصحية المزدحمة، نحتاج أمثالها– لا فقط لمنح الدواء، بل لمنح الأمل والكرامة والدعم الصامت الذي لا يُقال، بل يُفعل.
شفا الله كل مريض .. وكل التحايا للمعهد القومي لعلاج الأورام مصراتة..



