
الناس-
(19 سبتمبر 2025م) مغادرة طائرة الاستطلاع الأمريكية بدون طيار نوع MQ-4C رقم التسجيل 169660 التابعة للبحرية الأمريكية بعد مهمة عمل ومراقبة في أجواء طرابلس لأكثر 16 ساعة متواصلة ، أقلعت من قاعدة سيغونيلا في صقلية والمشغلة من قبل البحرية الأمريكية..
مثل هذا المنشور لن تجده في الصفحات الليبية إلا لو كان خلفه اسم “طه حديد”..
“طه” ليس موظفا بالمطارات ولا بالداخلية أو الدفاع. هو هاو، قاده هوسه بالرصد إلى جعله على جدول يومياته، يقضي عليه الساعات الطوال، وينفق عليه من جيبه دولارا. حين عز الدولار، لماذا؟ كيف ومتى بدأت معه هذه الهواية. وإلى أين وصل. هذه هي الأسئلة التي طرحتها عليه صحيفة الناس في دردشة أجاب عنها برحابة صدر.. يقول:
- “البداية كانت بحكم عملي في شركة للسفر والسياحة في 2013م، كان الزبائن يستفسرون عن رحلاتهم، وباعتباري كنت أدمن صفحة الشركة وجدت نفسي أدخل على مواقع تتبع الرحلات وأبحث عن الرحلة المطلوبة.
- مع الوقت صرت أحفظ رموز الطائرات التي يستخدمها المسؤولون، سواء في ليبيا أو حتى عالميا، كان الأمر مقتصرا على البحث على رقم الرحلة ووجهتها فقط، وعن طريق النسخة المجانية للموقع المشهور Flightradar24 المتاحة للجميع، ثم أصبحت الهواية شغفا أكبر وجزءا أصيلا من يومياتي.
- منذ عملية بركان الغضب حدثت النقلة النوعية، بدءا من تردد أنباء على تدخل روسي في ليبيا، بين إثبات ونفي، عكفت على البحث أكثر، واتجهت إلى رادارات أكثر ومواقع أوسع، وبالفعل وصلت إلى طائرات تابعة للقوات الجوية الروسية، وتابعت رحلتها من موسكو حتى شرق ليبيا، وبدأت في مشاركة هذه المعلومات على حساباتي في فيسبوك وتويتر، ومنها كانت النقلة من هواية عابرة إلى عمل شبه رسمي، وأصبحت المعلومات التي أشاركها مرجعا لكثير من القنوات والمنصات الإعلامية.
حديد: الطائرة التي كانت تنقل المرتزقة والأسلحة من روسيا واللاذقية دعما لحفتر في 2019 وما بعدها، هي نفسها الطائرة التي دشنت أول رحلة مدنية بين دمشق وطرابلس مؤخرا بعد فتح الأجواء بين البلدين
يقضي طه أوقاتا طويلة في تتبعه الدؤوب، قد يستغرق تتبعه للرحلة الواحدة يوما كاملا، قد يعود في رصده لسبعة أيام مضت خلفها، خاصة عندما تكون الرحلة غير ظاهرة على الموقع الأشهر Flightradar24، ما يدفعه لتتبع مواقع أخرى.
وأثناء عملية بركان الغضب تحديدا، ثابر في البحث عن برامج ومواقع مدفوعة للحصول على معلومات أكثر، يصل الاشتراك الشهري فيها إلى 30، 40 دولارا للموقع الواحد، ليدخل الرقم في خانة المائات، لكنه اكتفى بعد نهاية الحرب بموقع واحد يبلغ اشتراكه السنوي 70 دولارا.
ومن المواقع التي اعتمد عليها يقول: “الموقع الأشهر والأوسع للتبع هو Flightradar24 وهو يحتوي على أكثر عدد للطائرات، وبشكل واسع، لكن بالرغم من شموليته إلا أن بعض الرحلات مثلا طائرات المخابرات وطائرات الرؤساء لا تظهر كل المعلومات.
موقع RadarBox، موقع Planefinder، موقع Planeradar وهو كان من أهم المواقع التي كنت أعتمد عليها في تتبع حركة الطائرات العسكرية أثناء الحرب، مؤخرا تم إغلاقه ولم يعد متاحا.
موقع FlightAware وهو موقع مهم أيضا ويظهر بعض البيانات غير الموجودة في المواقع الأخرى، وموقع adsbexchange وهو من المواقع التي أعتمد عليها كثيرا في الفترة الأخيرة لتتبع أرقام وأنواع الطائرات وتاريخها”.
وهل يستطيع كل شخص أن يرصد حركة الطائرات؟ يجيب طه: “تتبع الرحلات في الأغلب متاح للجميع لكن الفكرة هي أن تكون ملما بأرقام تسجيل الطائرات لتعرف تبعيتها، وأن تكون على قدر من المتابعة لجداول رحلات المطارات والشركات أيضا، لتقدّر إن كانت الرحلة مجدولة أو عارضة أو هي غير مجدولة أصلا فلذلك ستكون رحلة مشبوهة، ويمكن تتبع تفاصيلها وما أبعد من ذلك.
طه حتى الآن لا يستثمر في هوايته –المضنية- لغرض الكسب المادي رغم أهمية المعلومات وإمكانية بيعها، وحسب ضيفنا فقد تواصل معه صحفيون ووكالات أخبار ومواقع، وعرضوا عليه كتابة تقارير دورية –حصرية- عن حركة الطيران فيما يخص الجانب الروسي بالذات، وتحركاته في ليبيا والمنطقة. لكنه اختار الاستمرار في النشر على حساباته على فيسبوك وتويتر.
وذهب أبعد من ذلك: “عرضت علىّ رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي ووزارة الدفاع أن تكون هناك إدارة مختصة للرصد والتوثيق، تهتم بهذا الشأن فيما يخص حركة الطيران العسكري لمتابعة الأحداث اليومية وقراءة للمشهد بشكل متواصل، وأوضحت لهم بأني مستعد لمدهم بجميع المعلومات دون مقابل، وأيضا تدريب من يكلفونه بمهام هذا المكتب، لأنه من المهم حسب اعتقادي توثيق هذه التحركات، وأهميتها تكمن في متابعة مجريات الأحداث، وتستطيع بها قراءة وتصور الحالة في الواقع، وأيضا تكون قد تحصلت على وثائق وأدلة قد تحتاج إليها في يوم ما، كما حدث عندما تم إثبات وجود التدخل الروسي في ليبيا عن طريق تسجيل حركة الطيران العسكري لهم، وتم توثيقها حتى في تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة”.
وعلى الداخلية أيضا: “عرضت الأمر أيضا على الهواء مباشرة على جهاز مكافحة الهجرة، لرصد نقل المهاجرين من بنغازي إلى مينسك عاصمة بيلاروسيا، بعد أن تفاجأت بعدم إلمامهم بقراءة الرادارات المتاحة، ودون مقابل أيضا، لكن لا تجاوب”.
وعبر صحيفة الناس. لازال عرض “حديد” قائما، وللغرابة فهو لم يفكر بالكسب المادي من نشاطه هذا، فمؤخرا أصبح ما يرصده من حركة طيران فيما يخص الحرب على السودان مادة إعلامية في الصحافة السودانية، عبر التواصل المباشر أحيانا أو عبر تتبع حساباته.
وليس جديدا أن فريق خبراء الأمم المتحدة حول ليبيا قد استشهدوا بمنشورات “طه حديد” في تقريرهم عن حظر الأسلحة والتواجد الروسي في ليبيا. وحركة الطائرات العسكرية الروسية، وهو ما أكسب صفحاته الموثوقية لتنقل عنه (القدس العربي– عربي21– ميدل ايست آي– الجزيرة نت– العربي الجديد– عربي بوست).
حديد: مؤخرا هناك حركة غير عادية لطيران الشحن الإماراتي بين الإمارات وشرق ليبيا والكفرة فاقت الـ40 رحلة شهريا
مؤخرا يرصد طه مفارقات مهمة، حول حركة الطيران من وإلى ليبيا، مثلا: الطائرة التي كانت تنقل المرتزقة والأسلحة من روسيا واللاذقية دعما لحفتر في 2019 وما بعدها، هي نفسها الطائرة التي دشنت أول رحلة مدنية بين دمشق وطرابلس مؤخرا بعد فتح الأجواء بين البلدين.
مما رصده -أيضا- أن طائرة شحن عسكرية مرتبطة بالقوات الجوية الإماراتية، ونقلت أسلحة بين الإمارات ودولة الاحتلال، قامت مؤخرا بعدة رحلات بين الإمارات وشرق ليبيا والكفرة..
ومؤخرا هناك حركة غير عادية لطيران الشحن الإماراتي بين الإمارات وشرق ليبيا والكفرة فاقت الـ40 رحلة شهريا.
وعند نقطة الطيران الإماراتي إلى ليبيا تحدث طه بتفصيل أكثر يقول:
“منذ شهر يوليو الماضي بدأت حركة غير عادية لطائرات الشحن المرتبطة بالقوات الجوية الإماراتية إلى شرق ليبيا والكفرة، وإقلاعها يكون إما من الإمارات أو من مطار بوصاصو في ولاية بونتلاند بالصومال، حيث مركز عمليات عسكري للإمارات، واستخدمت في الرحلات عدد7 طائرات منها 6 إليوشن Ilyushin IL-76 بأرقام التسجيل : EX-76012-EX-76017-EX-76018-EX-76022-EX-76026-EX-76030 وطائرة Boeing 747 برقم التسجيل ER-MDR وغالبا ما يتم إخفاء مسار الطائرات من الرادار بمجرد قربها من أجواء ليبيا، وازدادت وتيرة الرحلات في شهر 8 حيث تابعت عدد 49 رحلة خلاله، ومنذ بداية شهر 9 حتى تاريخ اليوم تجاوز عدد الرحلات 20 رحلة، وبعد هبوط الطائرات في بنغازي تتحرك طائرات محلية مخفية البيانات من بنغازي وتتجه في الغالب إلى الكفرة والجفرة، ومن المتوقع أن يكون أغلب هذه الشحنات هي دعم مباشر لقوات الدعم السريع السودانية التي تتخذ من الكفرة مركزا لعملياتها ومكانا لانطلاق هجومها على عدد من المواقع في السودان، لكن ما يثير الانتباه هو نزول بعض الطائرات في بنغازي بينما تهبط الأخرى في الكفرة وكأن هناك ما يحاك أبعد من دعم حميدتي”.