علي برغل.. المغامر الذي حكم طرابلس بفرمان مزور

الناس-
حكمت الأسرة القرمانلية طرابلس لمدة 125 عاما تقريبا، ابتداء من العام 1711 وحتى 1835م، لكن هناك سنتان لم يغفل عنهما المؤرخون، ولم يأبهوا بهما كثيرا، حيث خرجت السلطة من الأسرة الحاكمة إلى مغامر جاء في ليلة ظلماء، كانتا كأنهما حلم مر على الأسرة القرمانلية..
عند منتصف ليلة (31 يوليو 1793) غادر “علي باشا القره مانلي” طرابلس. تاركا إياها في عهدة الوافد الجديد الذي نصب نفسه سيدا على طرابلس.
كانت الأمور قد ساءت في طرابلس بسبب الصراع داخل الأسرة القرمانلية، فقد حاصر يوسف بيك والده علي باشا داخل قلعة المدينة وقطع عنه المؤونة، وقصفه بالمدافع، ووقف الباب العالي متفرجا، إلى أن ظهر على السطح فجأة “علي أفندي” الذي اشتهر لاحقا باسم علي برغل.
هذا المغامر مول حملة على نفقته لاسترداد طرابلس لسلطة الباب العالي المباشرة، فجند المرتزقة، وكون أسطولا مكونا من ثمانية سفن ويمم صوب طرابلس.
وما إن ألقى مراسيه حتى تلا مرسوما سلطانيا، يوليه طرابلس، أذعن له الباشا دون مقاومة. فأنزل علم الأهلة الثلاثة ورفع علم الخلافة العثمانية.
ارتكب برغل الفظائع بالطرابلسيين ولم يمض يوم واحد دون قطع رأس إنسان على الأقل، وأطلق يده في العباد بالسلب والنهب، تقول المسز توللي المعاصرة لتلك الفترة: “من أولى أعماله الوحشية أنه جرد سيدات العائلة المالكة اللاتي كن في قبضته من كل حليهن وجواهرهن، ثم وضعهن في مركب فرنسي مع مائة وخمسين شخصا آخرين وأكرههم على التوجه إلى تونس دون مؤن أو ذخائر.
ورغم أن سلطة برغل لم تتعد أسوار القلعة إلا أنه بدأ يخطط للغزوة التالية، وكانت أنظاره تتجه صوب تونس، حيث العائلة الحسينية. فانقض المغامر على جزيرة جربة، وقرأ فرمانا مكتوبا زعم أنه من مقر الخلافة يدعو فيه إلى الإذعان له.
جرد حمودة باشا -باي تونس- حملتين عسكريتين لاسترداد طرابلس وجربة، وانضم إليه القرمانلية حيث استقبل الجيش من طرف الموالين لهم، وصار العدد يتزايد حتى وصل إلى (ثلاثين ألف رجل) حين وصل إلى طرابلس في 16 يناير 1795م.
دامت المعارك لأربعة أيام، ولما عرف برغل أن المعركة تسير في غير صالحه ركب البحر وسارع بالهرب. وكان آخر عمل قام به هو ذبح الرهائن والأسرى الذين كانوا بعهدته.
وبانتهاء هذه المغامرة عادت طرابلس إلى عصمة علي باشا القرمانلي ثم في أبنائه وأحفاده لأربعين سنة أخرى.