اخبارالرئيسيةعيون

اللافي يدعو المجلس الرئاسي لاجتماع عاجل بعد تعيين حفتر نجله نائباً له

العربي الجديد-

دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا عبدالله اللافي، الثلاثاء (12 أغسطس 2025م) المجلس الرئاسي مجتمعاً إلى “عقد اجتماع عاجل” بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وذلك رداً على قيام حفتر بتكليف نجله صدام بمنصب نائب القائد العام لما يُعرف بـ”القيادة العامة للجيش الوطني”.

وجاءت دعوة اللافي في بيان نشره على صفحاته بمنصات التواصل الاجتماعي، أكد فيه أن استحداث أي مناصب جديدة داخل المؤسسة العسكرية هو “اختصاص أصيل للسلطة التشريعية”، مشدداً على أن أي تعيين في قمة هرم القيادة العسكرية يجب أن يتم “وفقاً لما نص عليه القانون، وبقرار من القائد الأعلى للجيش الليبي، والمتمثل في المجلس الرئاسي مجتمعاً”.

وطالب اللافي زملاءه أعضاء المجلس الرئاسي، “الشركاء في المهام والصفة”، بالاجتماع للنظر في هذا الأمر، “بما يضمن احترام التشريعات النافذة، وصون الصلاحيات المنصوص عليها قانوناً”، محذراً من أن الخطوة تأتي في ظل وضع عسكري قائم على الانقسام، ما “يفرض العمل بجدية ومسؤولية في إطار المسار العسكري والأمني المتفق عليه”، لتحقيق مؤسسة عسكرية موحدة قادرة على حماية الوطن، بعيداً عن أي إجراءات “تعمّق حالة الانقسام أو تخرج عن الأطر القانونية المنظمة”.

وكان حفتر قد أعلن مساء الاثنين (11 أغسطس 2025م) عن تكليف صدام بمنصب “نائب القائد العام”، ووصف القرار بأنه “تماشياً مع رؤية العام 2030، لتطوير وتعزيز الأداء العام للقوات المسلحة”، ملمّحاً إلى أنه سيتبعه “عدد من التكليفات المهمة” في إطار إعادة هيكلة واسعة خلال الأيام المقبلة. وكان حفتر قد كشف عن هذه “الرؤية” خلال احتفال ليبيا بالذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس الجيش الليبي، الأحد الماضي، مشيراً إلى أنها تهدف إلى بناء جيش “متطور وقادر على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، والحفاظ على الأمن والاستقرار”.

وهنأ عقيلة صالح صدام بمناسبة التكليف، واصفاً القرار بـ”الحكيم”، ومعتبراً أنه “يعكس الثقة الراسخة في كفاءته وخبرته العسكرية”، وأن تعيينه “يعزز مكانة المؤسسة العسكرية ويدعم قوتها وقدرتها على صون سيادة الوطن وحماية وحدته وأمنه واستقراره”.

واعتبر عقيلة أن صدام “امتداد لمسيرة حافلة بالولاء والانضباط”، وتجسيد “لروح المسؤولية الوطنية” في مرحلة “تتطلب رجالاً أوفياء، وأصحاب رؤية وإرادة صلبة”، وفقاً لبيان نشره مكتبه الإعلامي. كما أصدر حماد بياناً أشاد فيه بالقرار، وادعى أنه “يأتي في توقيت هام، ويتزامن ويتوافق بشكل استراتيجي مع رؤيته الطموحة 2030 لتطوير وتعزيز الأداء العام للقوات المسلحة”.

وزعم حماد أن تكليف صدام “يعكس حرصه على بناء قوة عسكرية قادرة على مواجهة التهديدات”، مؤكداً دعم حكومته للمؤسسة العسكرية وثقته بأن هذه الخطوة “ستشكل دفعة قوية للمسيرة التطويرية والبناء داخل قواتنا المسلحة”، وختم بيانه بتهنئة حفتر شخصياً، متمنياً لصدام “التوفيق والسداد”. ولم يصدر حتى الآن أي تجاوب رسمي من المجلس الرئاسي مع دعوة اللافي لعقد الاجتماع الطارئ، ما يسلّط الضوء على الخلاف المستمر حول الصلاحيات الدستورية بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، لا سيما في ما يتعلق بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وبينما يستند المجلس الرئاسي إلى اتفاق جنيف السياسي لعام 2021 المنبثق عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، والذي منحه صلاحية القائد الأعلى للجيش، يصر مجلس النواب على انتهاء ولاية المجلس الرئاسي، وقرر في أغسطس من العام الماضي نقل صلاحياته، بما فيها صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة إليه، وهو القرار الذي رفضه المجلس الرئاسي ووصفه بأنه “غير دستوري”.

وتكمن إشكالية تعيين صدام في كونه صادراً عن حفتر الذي يشغل منصباً عسكرياً استثنائياً، فمنصب “القائد العام للجيش” الذي يشغله استحدثه مجلس النواب عام 2015 في هيكل الجيش الليبي، وتمت خلاله ترقيته إلى رتبة “مشير” وتعيينه في هذا المنصب، على أن يكون تابعا لمجلس النواب، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن حفتر ظل يعمل بشكل مستقل عن مجلس النواب منذ تعيينه، ولم يعد إليه في قراراته القيادية أو التعيينات، بل أسس هيكلاً عسكرياً سمّاه بـ”القيادة العامة للجيش الوطني الليبي”.

ويأتي تكليف صدام بموقعه الجديد في سياق مسار بدأه والده منذ منتصف عام 2021، حين عيّنه آمراً للكتيبة 106 في بنغازي، قبل أن يدمجها مع وحدات أخرى لتشكيل “لواء طارق بن زياد” وعيّنه آمرا له. وفي مايو 2024، رقاه إلى رتبة فريق، وعيّنه رئيساً لأركان القوات البرية بصلاحيات واسعة، لقيادة مليشياته التي تسيطر على مناطق واسعة تمتد من مدينة سرت، وسط البلاد، إلى كامل الجنوب والجنوب الغربي، وهو منصب أتاح له التحرك العسكري والدبلوماسي على الساحة الإقليمية والدولية.

وخلال الفترة الماضية، نشط صدام في جولات خارجية متعددة ممثلاً والده، شملت محطات لافتة، أبرزها إسلام آباد في نهاية يوليو الماضي، حيث التقى رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، ورئيس الوزراء محمد شهباز شريف، لبحث التعاون الدفاعي وتطوير العلاقات في مجال القوات البحرية. وفي إبريل الماضي، زار أنقرة والتقى وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس أركان القوات البرية سلجوق أوغلو، في أول اتصال عسكري مباشر بين تركيا وقيادة حفتر.

كما زار واشنطن في الشهر نفسه، والتقى مسؤولين أميركيين في وزارة الخارجية، وزار روما أيضاً، حيث التقى وزير الدفاع الإيطالي ويدو كروستو، أعقبت ذلك زيارة إلى القاهرة لبحث التعاون الأمني والعسكري مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أحمد فتحي خليفة. ويعيد تعيين حفتر نجله في منصب نائب القائد العام دون تنسيق مع أي سلطة تشريعية أو تنفيذية معترف بها دولياً، تأكيد سعيه لتعزيز استقلاله الذاتي في هيكله العسكري الذي يقوده، رغم التشريعات التي تجعله تابعاً للقائد الأعلى للقوات المسلحة.

كما تسلّط خطوة حفتر هذه الضوء على مساعيه لتعزيز خطته لترسيخ حكم عائلي، والتي بدأت ملامحها في سلسلة تغييرات أبعدت قيادات عسكرية قديمة لصالح أبنائه الثلاثة، حيث يتولى خالد حفتر رئاسة أركان الوحدات الأمنية، فيما يقود بلقاسم حفتر جهاز التنمية والإعمار. وعلى الرغم من أن هذا التوزيع يعكس هيمنة عائلية متصاعدة في مفاصل سلطة حفتر، إلا أن صدام يبقى الأبرز بين إخوته، والأكثر حضوراً على الساحة الدولية، ما يجعله الوريث المحتمل لقيادة المعسكر في مرحلة ما بعد والده.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى