
* كتب/ د. محمود أبو زنداح asd841984@gmail.com
لم تُعلن إيران امتلاكها لسلاح نووي، لا سرًا ولا علنًا، ومع ذلك قرر الغرب أنه لا ينبغي لأي قوة إسلامية أن تمتلك تكنولوجيا نووية.
هذا الموقف يكشف عن خشية غربية من امتلاك المسلمين لأي مصدر قوة استراتيجية، حتى مع وجود دول إسلامية ذات نفوذ عسكري واسع وقدرات عنيفة في فرض حضورها، إلا أن الأمر تجاوز تلك الحدود عندما بدأ الحديث عن ضرورة “تدمير الإسلام”، أو بالأحرى إعادة تشكيله بما يتماشى مع الرؤية الغربية، كما حدث في عدة دول.
بعض الدول الإسلامية، للأسف، وقفت ضد دساتيرها ومبادئها، بل وضد الإجماع الإسلامي الحقيقي المنحاز للحق. وأصبح ضرب الدول الإسلامية مصدر سعادة عند الدول المارقة، تلك التي تملك تاريخًا أسودًا من الاستعمار والهيمنة.
حينما ضُربت أوكرانيا، اهتز العالم واختلفت موازين الحساب، بينما حين قُصفت غزة وقُهرت شعوب عربية أخرى، كانت ردود الأفعال ضعيفة ومترددة. وحتى حين اعتدت الهند على باكستان، لم يتجاوز التضامن الدولي حدود المجاملة أو الاستحياء.
لكن في عصر القوة، تكلمت باكستان وأعلنت نفسها قوة نووية متقدمة، ذات سلاح دقيق وطيران عالي التقنية. وهنا بدأت إسرائيل ومن يناصرها يشعرون بأن خللًا ما قد حدث… فالفكر القديم الذي يرى أن الإسلام يجب أن يُجرد من كل قوة عاد ليُختبر من جديد.
ربما يشعر البعض بالنقص، لكن الأمس القريب يشهد: لبنان، سوريا، غزة، إيران… دول لم تركع، ولن تكتفي إسرائيل بهؤلاء، بل تخطط لما هو أبعد، نحو دول لا تزال خارج الهيمنة الدولية، بل إن النووي الباكستاني نفسه بات في دائرة الاستهداف.
الغطرسة لن تتوقف إلا بجبهة إسلامية موحدة. وقد كانت ليبيا سابقًا فاعلة في دعم هذا المسار، ولا يزال بإمكانها أن تساهم في تشكيل جبهة سياسية وعسكرية يكون لها أثر إيجابي على استقرارها الداخلي ووحدة الموقف الإسلامي.
ضعف بعض الدول العربية المركزية، وعجزها عن معالجة قضاياها المحلية، تسبب في اختلال توازنها إقليميًا، وأسهم في تعقيد الأوضاع أكثر. في المقابل، كانت ولا تزال بعض الدول الأوروبية تشكل حاضنة سياسية للكيان الصهيوني، بل إن ضعف الجبهة الإسلامية هو ما سمح لهذا الكيان بالتوسع والاستقواء.
اليوم، إذا لم تدرك الدول الإسلامية حجم الخطر، فقد لا يبقى غدًا لا سعودية ولا مصر بالشكل الذي نعرفه؛ إذ لن تكون السعودية سوى “خزانة للجزية” كما يهدد قادة الاحتلال، وقد تُمحى خارطة مصر من المعادلة.
لم يعد أمام العرب خيار سوى البحث عن تحالف استراتيجي عميق مع الشرق، وإيران هي البداية، وباكستان هي البوصلة.