اخبارالاولىالرئيسية

على أعتاب الدورة البرلمانية العاشرة لمجلس الدولة. هل تنجح مبادرة لم شمله؟

(102) عضوا بمجلس الدولة يبادرون للم شمله مجددا بعد عام من الانقسام

الناس-

انتخب محمد تكالة رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في جلسة حضرها (59) نائبا، في الوقت الذي رفض فيه المشري الاعتراف بشرعية جلسة الاقتراع. ليستمر انقسام المجلس الذي يمثل غرفة تشريعية ثانية بجوار مجلس النواب.

ففي أول تعليق له على جلسة انتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة رفض خالد المشري الاعتراف بشرعية الجلسة التي عقدت الأحد (27 يوليو 2025م)، ونشر تصريحا للصحافة على صفحته الشخصية على فيسبوك قال فيه: “فشل انعقاد جلسة انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة غير الشرعية، بعد عدم التوصل إلى النصاب القانوني لعقد الجلسة في الوقت المحدد لانعقادها، بواقع 91 عضوًا فقط”.

ومضى أعضاء بمجلس الدولة في الجلسة المشار إليها، والتي نقلت على الهواء عبر صفحة المجلس الرسمية، وأعلن فيها فوز محمد تكالة برئاسة المجلس بواقع (59) صوتا، في جلسة حضرها (95) عضوا وفق ما أعلنت الصفحة.

ونافس تكالة ثلاثة مترشحين على الرئاسة، تحصل منهم علي السويح على (13) صوتا، عبدالله جوان (14) صوتا، وناجي مختار (08) أصوات. كما انتخب حسن حبيب نائبا أولا، وموسى فرج نائبا ثانيا.

يذكر أن الجلسة عقدت بناء على مبادرة تقدم بها (102) من أعضاء مجلس الدولة للم شمله بعد عام من الانقسام.

فقد دعا الأعضاء الـ(102) لانتخابات مبكرة لانتخاب رئاسة جديدة للمجلس الأعلى للدولة بعد عام من الانقسام، واقترحوا أن يكون الثاني والعشرين من يوليو موعدا ليوم الاقتراع، لكنها التأمت يوم الأحد (27 يوليو).

وانقسم المجلس بعد تسع دورات برلمانية انطلقت في 2015، تناوب فيها على الرئاسة ثلاث شخصيات، وتعطلت في الدورة التاسعة (السنة الماضية)، بسبب ورقة اقتراع اختلف حول شرعيتها.

من المؤتمر إلى المجلس

مجلس الدولة أو المجلس الأعلى للدولة هو أحد منتجات الاتفاق السياسي في الصخيرات 2015م، عُد وقتها غرفة تشريعية ثانية إلى جانب مجلس النواب، غير أنه بالأصل تأسس في العام 2012 عقب انتخابات عامة، أقرها الإعلان الدستوري الصادر في أغسطس 2011، وأجريت تلك الانتخابات يوم (7 يوليو 2012)، واستلم مهامه في 04 أغسطس من المجلس الوطني الانتقالي الذي قاد البلاد في فترة انتقالية شهدت انتفاضة شعبية وثورة مسلحة للإطاحة بنظام القذافي، تدخل المجتمع الدولي لإنجاحها.

بلغ عدد أعضاء المؤتمر الوطني يوم انتخابه 200 عضوا، وبعد تعاقب الأزمات في البلاد، تبعثرت أوراقه وكاد يختفي من الشهد، قبل أن يعود في 2015 باسم جديد، حتى الوجوه تغيرت بشكل كبير.

في الدورتين الأوليين للمجلس انتخب عبدالرحمن السويحلي رئيسا له، وفي السنة الثالثة انتخب المشري وجدد لها أربع مرات بعدها، وفي الخامسة تمكن محمد تكالة من انتزاع الرئاسة منه.

ما حدث في 2024 كان سابقة في مسيرة المجلس، فبعد الاختلاف بين المترشحَين “تكالة والمشري” انقسم المجلس إلى مجلسين يتنازعان الشرعية، وضع المشري يده في يد عقيلة صالح، ووضع تكالة يده في يد الدبيبة. وصار الخلاف بينهما أكبر من الخلاف بين المجلس والأطراف الأخرى الذي كان مألوفا.

الجلسة الفاصلة

وبالعودة إلى ماحصل في جلسة الاقتراع يوم (06 أغسطس 2024م) هو حصول المشري على (69) صوتا، مقابل حصول تكالة على (68) صوتا متفق عليه، واختلف على صوت وحيد، أدلى به أحد المقترعين لمصلحة تكالة، غير أنه كتب الاسم في غير المكان المخصص له في الورقة، تمسك به وكلاء تكالة واعتبره وكلاء المشري غير شرعي، ثم لجأ وكلاء تكالة لإبطال صوت آخر احتسب للمشري لكونه عضو سابق. ترك المجلس والتحق بإحدى الحكومات ولم يعد يملك عضوية بالمجلس. والنتيجة النهائية كما يراها كل مترشح هي (69- 68). الاختلاف فقط في احتساب الأغلبية لمن؟

للخروج من الاختلاف، حدد تكالة العشرين من أغسطس لإعادة جولة الاقتراع، لكن المشري رفضها واعتبر نفسه الرئيس الشرعي، وبكر في اليوم التالي للاقتراع واحتل مقعد الرئاسة.

في 19 أغسطس أفتت إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء بعدم الاختصاص للنظر في الخلاف على رئاسة المجلس.

والحالة الوحيدة التي اتفق فيها الجانبان حين رشحا ممثلين عن المجلس ليشاركا مجلس النواب في اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي يعوض غياب الصديق الكبير، وكان ذلك في سبتمبر 2024م.

وأخيرا دعا تكالة لجلسة اقتراع جديدة في الثاني عشر من نوفمبر، حضرها سبعون عضوا، انتخبوه فيها رئيسا. في حين واصل المشري رئاسة مؤيديه.

مبادرة (102)

ومع اقتراب انتهاء دورة برلمانية وابتداء أخرى، بدا أن من الصعب التئام المجلس دون تدخل، فالمشري وتكالة كل يرى في نفسه الرئيس الشرعي، ويرى أنه صاحب الحق في الدعوة للاقتراع، إذ لم يحسم القضاء بشكل واضح في قضية الخلاف بينهما. لذلك أتت مبادرة (102) عضوا، كمحاولة للخروج بمسار مقبول يفضي إلى تجديد شرعية الرئاسة بعيدا عن خلافات العام المنقضي. فهل ينجح الأعضاء الـ(102)؟

 

المشري استبق حتى إعلان المبادرة، وجدد تأكيده على تمسكه بحقه في الرئاسة، معتبرا أن حكم القضاء الليبي يسانده وفق قراءته، ذلك أن القضاء حكم بعدم الاختصاص، وفسر المشري (ومعه عقيلة) ذلك بتأييد استمراره رئيسا حسب ما خرجت به جلسة الاقتراع، وهو عكس تفسير تكالة الذي فسر الحكم باستمرار الأمر على ما هو عليه قبل الاقتراع. طالما لم تفرز الانتخابات رئيسا جديدا للمجلس.

 

يمضي المشري في عمله ويلتقي مرشحين للحكومة، كان عقيلة قد قبل ملفاتهم لرئاسة حكومة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية (الدبيبة)، في حين يستمر تكالة في تأييده للحكومة والظهور معها في المناسبات الرسمية، كنوع من التأييد الضمني لاستمرارها. وبالنتيجة يستمر مجلس الدولة في الانقسام وإخلاء الساحة السياسية من أحد عناوينها التي كانت رئيسية في الفترة من (2015- 2024).

 

لماذا مجلس الدولة؟

لو بحثنا في أبرز عناوين مجلس الدولة في عام كامل. (هو العام 2022) لوجدناه رفض خارطة طريق أقرها مجلس النواب، ورفض منح الثقة لحكومة الاستقرار من مجلس النواب، ورفض نقل البرلمان لجلسات المحكمة العليا لمدينة البيضاء، ثم رفض استحداث المحكمة الدستورية، ثم رفض أخيرا بيان رئيسه المشترك مع رئيس النواب.

فكما بدا وكما يرى أعضاء بالمجلس فإن دوره الأهم هو كبح مجلس النواب عن الاستفراد بالملفات الحساسة في ليبيا. نأخذ هذا من تدويناتهم، ونأخذه أيضا من قراءة في عناوينهم الأبرز، فبمتابعة عناوينه نجده يكتفي برد الفعل تجاه كل فعل يقوم به مجلس النواب: يرفض، يتحفظ، وأحيانا يلتقي. دون خطوة للأمام..

أما مهام المجلس وفق الاتفاق السياسي الصخيرات، فقد حددت في نقاط خمس:

أولها اقتراح مشروعي قانوني الاستفتاء والانتخابات العامة مشاركة مع مجلس النواب.

الثانية المشاركة مع مجلس النواب في صياغة أي تعديل في الإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو إحدى المؤسسات المنبثقة عنه.

وثالث المهام التشاور مع مجلس النواب في سحب الثقة من الحكومة (حكومة الوفاق حينها).

والمهمة الرابعة هي التشاور مع مجلس النواب في حال خلو منصب رئيس الوزراء أو أحد نوابه.

والخامسة هي التوافق حول شاغلي المناصب السيادية في الدولة.

هل يستمر المجلس في الانقسام؟

بحلول أغسطس يكون قد مر عام على يوم الاقتراع الذي تسبب في الانقسام، وإذا لم يتوصل الطرفان لصيغة تفاهم فسيستمر الانقسام إمعانا في أزمة انقسام المؤسسات الليبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى